إيلاف من لندن: تباينت مواقف القوى المشاركة في الانتخابات العراقية المبكرة الأخيرة من إحاطة رئيسة بعثة الأمم المتحدة في العراق أمام مجلس الأمن الدولي حول آخر التطورات المتعلّقة بنتائج الاقتراع بين مرحّب وغاضب.
فقد شهدت الساعات الأخيرة مواقف عراقية من إحاطة رئيسة بعثة الأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت أمام مجلس الأمن الدولي أمس وتابعتها "إيلاف" حول تطوّرات الأوضاع العراقية في مرحلة مابعد الانتخابات والمخاطر التي تواجه العراق نتيجة تصعيد القوى الخاسرة لها وتهديدها بالعنف ضد ماتقول إنّه تزوير شابها فيما أكّدت الإحاطة أنّ الإقتراع كان نزيهًا ولم يشهد عمليات تزوير ممنهجة.

الصدر يدعو المحكمة الاتحادية لعدم الرضوخ للضغوط

وقال زعيم التيار الصدري الفائز في الانتخابات مقتدى الصدر في تغريدة على تويتر أنّ "تصريحات أممية جديدة فيما يخص الانتخابات العراقية تبعث الأمل وتوصيات أممية جيدة، ننصح باتباعها والإبتعاد عن المهاترات السياسية والعنف وزعزعة الأمن" في إشارة إلى إحاطة بلاسخارت.. معتبرًا أنّها "فرصة جيدة لرافضي نتائج الانتخابات بمراجعة أنفسهم والإذعان للنتائج لا لأجل منافع سياسية فحسب بل من أجل الشعب الذي يتطلّع إلى حكومة أغلبية وطنية تفيء على العراق والعراقيين بالأمن والسيادة والاستقرار والإعمار والخدمات التي يصبو لها شعبنا الأبي الصابر".


تغريدة الصدر مرحباً بإحاطة بلاسخارت معتبرًا أنّها أكّدت نزاهة الانتخابات (تويتر)

وأضاف أنّ "من أهم ما صدر من مبعوثة الأمم المتحدة: أنّ لا وجود لأدلة على تزوير الانتخابات مضافًا إلى ما ورد في كلامها من التأكيد على عدم التسويف والتأخير في الإعلان عن النتائج". وقال "لذا فعلى المحكمة الإتحادية العمل بجد وحيادية على ذلك والتعامل مع الطعون بمهنية ولا ترضخ للضغوط السياسية كما هو أملنا بها.. فالشعب يتطلّع إلى ذلك بفارق الصبر ليصل إلى بر الأمان والعيش الرغيد".

المفوضية: الإحاطة أكدت نموذجية الانتخابات

ومن جهتها اعتبرت المفوضية العليا للانتخابات ما تحدثت به بلاسخارت أمام مجلس الأمن الدولي حول الانتخابات العراقية تأكيد على نزاهة الانتخابات البرلمانية المبكرة.
وقال عضو الفريق الإعلامي للمفوضية عماد جميل إنّ "الدعم الدولي ليس جديداً بل تواصل منذ انتهاء العملية الانتخابية وهذا تأكيد على ما تم التصريح به سابقاً بأنّ الانتخابات كانت نموذجية وتختلف عن سابقاتها". وأشار في تصريحات للإعلام الرسمي إلى أنّ عملية العد والفرز اليدوي للمحطّات الانتخابية في محافظة ذي قار المطعون بها والبالغة 389 محطة قد تم إكمالها وهي جزء من 870 محطة جديدة تقرّر إعادة عدّها يدويًّا . وأوضح أنّ المفوضية ستبدأ اليوم الأربعاء في عدّ وفرز المحطّات المشمولة بالطعون في العاصمة بغداد والنجف والمثنى ونينوى"، مؤكّداً أنّ غدًا الخميس هو نهاية عملية العد والفرز بشكل نهائي .
وأضاف أنّ "المحطّات التي أُلغيت نتائجها هي المحطات المشمولة بتقاطع البصمة وتأخّر الأشرطة والأخرى التي لم ترسل إلكترونيًّا ولذلك كانت أعدادها مختلفة الطعون وغيّرت في النتيجة وكانت لصالح الذين قدّموا الطعون ومنها في كركوك وبابل ونينوى وإربيل والبصرة وبغداد .

وأشار إلى أنّ "مجلس المفوضية وبعد إنهاء عملية العد والفرز اليدوي الخميس سيكمل قراراته ويقوم برفعها إلى الهيئة القضائية للبت بها".. لافتاً إلى أنّ "الهيئة القضائية تستغرق 10 أيام لحسم القرارات والبت بها لكنّها قد تستغرق وقتاً أقل لقلة الطعون ومن ثم بعدها تبلغ المفوضية بالبت بها ولتعلن بعدها النتائج النهائية مرجّحًا أن يكون ذلك الأسبوع المقبل.

مخاوف صراع شيعي- شيعي

ومن جهته انتقد فادي الشمري عضو المكتب السياسي لتيار الحكمة الوطني بزعامة عمار الحكيم إحاطة بلاسخارت لمجلس الأمن الدولي ردود بلاسخارت لا تأتي إلى مستوى الحجة والبيان وكانت هي قد وعدت قوى الإطار التنسيقي (للقوى الشيعية) بأنّ أدلّته المقدمة عن الخروقات الانتخابية ستكون حاضرة في تقريرها الخاص خلال إحاطتها لمجلس الأمن ولكن الواضح إنّها كانت مدافعاً شرساً عن سلامة ونزاهة المفوضية وإجراءاتها وإعلاناتها المتخبّطة وطبيعة النظر إلى الطعون المقدمة ولم تلتزم بالوعد الذي قدمته لقوى الإطار وهذا ما قرأناه ما بين سطور إحاطتها.
إلى أنّ "قوى الإطار لم تكن تعول كثيرًا على موضوعية بلاسخارت فهي واضحة في عدم الحيادية بتقريرها".. وأشار في مقابلة مع قناة الفرات الفضائية مساء اليوم : "إلى أنّ "الإطار التنسيقي يعتبر القضاء هو الفيصل فالعد والفرز اليدوي سيقلب النتائج رأسًا على عقب".. مستغرباً من "التدخّل الفاضح من قبل الأمم المتحدة في الشأن الداخلي والسيادي للعراق فيما عملها محدود بالإشراف على الانتخابات".
وأوضح أنّ تشكيل الحكومة سيتّجه نحو عملية التوافق".. محذّراً من "التصعيد في قادم الأيام".. مشيرًا إلى أنّ هناك من يعول على صراع شيعي شيعي من أطراف داخلية وخارجية. ودعا الشمري القوى السياسية إلى "الدفع بالجلوس على طاولة حوار واستحضار الرؤية الاستراتيجية وترك التكتيات السياسيّة على جانب لمصلحة الوطن".

العصائب: بلاسخارت كذبت

أما حركة عصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي فقد اعتبرت أنّ بلاسخارت قد كذبت على الأمم المتحدة حين قالت أنّ لا دليل على تزوير الانتخابات. وقال المتحدّث الرسمي باسم العصائب محمود الربيعي في تغريدة على تويتر إنّ "المرأة التي كذبت على المرجع الأعلى (السيستاني) ونسبت له في مؤتمرها الصحافي كلاماً لم يقله فور خروجها وعلى بعد أمتار منه لا نستغرب منها أن تكذب على منظّمة الأمم المتحدة التي تمثّلها في العراق خصوصًا إننا نمتلك ما يكفي لكشفها وهي تمثل دور المسكينة التي لاتعرف شيئًا عن التزوير".


بلاسخارت تتوسط مجموعة من المراقبين الدوليين الذين اشرفوا على الانتخابات العراقية في العاشر من تشرين الاول اكتوبر 2021 (المفوضية)

الفتح يهدد بالتصعيد

كما ردّ تحالف الفتح بزعامة هادي العامري أكبر الخاسرين في الانتخابات على إحاطة بلاسخارت مهدّدًا باللجوء إلى تصعيد كبير يهدّد السلمي الأهلي احتجاجاً على ما أبلغت به بلاسخارت مجلس الأمن الدولي.
وقال عضو التحالف مختار الموسوي لوكالة شفق نيوز أنّ الإحاطة "تؤكّد لنا أنّ بلاسخارت أحد أطراف المؤامرة للتلاعب بالانتخابات التشريعية التي جرت في العاشر من الشهر الماضي وبالتالي ما طرحته سيدفع باتجاه التصعيد". وأشار إلى أنّه "في حال كان موقف السلطة القضائية مشابه لموقف بلاسخارت أي عدم تعديل نتائج الانتخابات وفقًا للطعون فحتمًا سيكون لنا تصعيد كبير قد يحرّك الشارع وبما يهدّد السلم الأهلي كما اعتقد أنّنا ستقاطع العملية السياسية برمتها ولن تشارك في الحكومة الجديدة".

وأشار إلى أنّ "بلاسخارت عندما حضرت في اجتماع الإطار التنسيقي اعترفت بوجود أخطاء رافقت سير العملية الانتخابية واستمعت لكلّ الأدلة التي طرحت في الجلسة ووعدت بمعالجة الخلل لكن ما طرحته أمام مجلس الأمن يكشف عن تناقضاتها العجيبة وبما يثير الإستغراب".
وختم بالقول أنّ "الإطار التنسيقي حتمًا سيتخذ إجراء معيناً بذلك لكن ليس قبل إعلان المحكمة الإتحادية عن مصادقتها للنتائج النهائية".
وكانت بلاسخارت قد حذّرت أمس خلال إحاطتها أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك من أن مستقبل العراق يشوبه الغموض فقد أكّدت رفض استخدام العنف والتهديد لتغيير نتائج الانتخابات معتبرة أنّ ذلك سيرتد على أصحابه ودعت إلى تشكيل حكومة جامعة. وأكّدت أنّ أي ردود أفعال على نتائج الانتخابات العراقية لا يجب أن تصل للتهديد والعنف.. مشدّدة على عدم وجود أي دليل على تزوير أو احتيال ممنهج في الانتخابات.
ونوّهت بالقول "أي محاولات غير مشروعة تهدف إلى إطالة أو نزع مصداقية عملية إعلان نتائج الانتخابات، أو ما هو أسوأ كالقيام بتغيير نتائجها عبر الترهيب وممارسة الضغوط (مثلاً)، لن تسفر إلّا عن نتائج عكسية. وأدعو كافة الأطراف المعنية إلى عدم الدخول في هذا المنزلق". وأشارت إلى أنّ "خطر استمرار الإنسداد السياسي حقيقي، فإنّ العراق بحاجةٍ ماسةٍ إلى حكومة قادرة على التعامل بسرعة وفاعلية مع لائحة طويلة من المهام المحلية غير المنجزة وهذه هي المسؤولية الأساسية لكافة الأطراف السياسية المعنية".