يدق الإسرائيليون طبول الحرب ضد طهران. لكن مع تصاعد عنف المستوطنين وشيوع الإفلات من العقاب، سيكون من الأفضل لو ركزوا اهتمامهم بأمور هي أقرب إلى وطنهم.
إيلاف من بيروت: على الرغم من تغيير الحكومة قبل ستة أشهر، والذي حرر الإسرائيليين من قبضة سلطة بنيامين نتنياهو الصاخبة والتحريضية، بقي الحال على ما هو عليه، على جميع الجبهات. فقد واصل سلاح الجو الإسرائيلي مهاجمة أهداف في سوريا، ليس من دون أي صعوبة فحسب، بل على الأرجح بتشجيع ضمني من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. واضح للمراقبين الإسرائيليين والسوريين والإيرانيين والغربيين أن بوتين يريد التخلص من إيران في الأراضي السورية ووقف دعمها لحزب الله اللبناني.
يقول يوسي ميلمان في "ميدل إيست أي" إنه يمكن العثور على أدلة على ذلك في الضربات الإسرائيلية الأخيرة في سوريا، والتي قيل إنها استهدفت مواقع إيرانية في اللاذقية، وهي مركز للقوات الروسية في سوريا. والجدير بالذكر أن الدفاعات الجوية السورية لم ترد، وهو ما ردته موسكو الأربعاء إلى وجود طائرة روسية في مكان قريب. كما ثمة هدوء نسبي على الحدود الإسرائيلية - اللبنانية، وهذا دليل على أن الردع يعمل في جانبي الخط الأزرق. لا ينوي حزب الله، الذي أضعفته الاضطرابات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في لبنان، الانجرار إلى حرب مع إسرائيل. في المقابل، لا تتورط إسرائيل في أي نزاع مع هذا الحزب بسبب امتلاكه 140 ألف صاروخ يمكن أن يضرب بها أي نقطة في إسرائيل تقريبًا، سواء كانت هدفًا عسكريًا أو مدنيًا.
طبول الحرب الإيرانية
لكن، انتهى عام 2021 وعاد قادة إسرائيل وقادة الجيش إلى قرع طبول الحرب ضد إيران، لخلق انطباع بأن التهديد النووي الإيراني هو الموضوع الأكثر إلحاحًا وإثارة للقلق على جدول الأعمال الإسرائيلي هذا العام المنصرم.
في الحقيقة، يقول ميلمان، إثارة الحرب الإسرائيلية ضد إيران تخدم فقط كخدعة لهدفين محليين: "الأول هو تحسين صورة الجيش الإسرائيلي وإثبات حيويته للمطالبة بزيادة ميزانية الجيش. وبالفعل، على الرغم من جائحة كوفيد -19، التي تسببت في خفض العديد من الإسرائيليين لمستويات معيشتهم، فإن القطاع الوحيد الذي ضغط على زيادة الميزانية من الحكومة الهشة سياسيًا هو المؤسسة الأمنية العسكرية القوية. وزادت ميزانيتها بمقدار 3 مليارات دولار إضافية، بينما انخفضت خدمات الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية والصناعة والسياحة والرياضة والثقافة. الهدف الثاني من هذا الهجوم الخطابي على إيران هو إخفاء التحدي الأهم الذي يواجه الدولة اليهودية: القضية الفلسطينية".
بحسب ميلمان، كان عام 2021 هادئًا نسبيًا على جبهات الضفة الغربية وقطاع غزة. تعزز الوضع الراهن، الذي ينعكس في الاحتلال وتوسيع المستوطنات الإسرائيلية والتعاون الأمني المستمر بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. وما ساعد على زيادة شعور إسرائيل بأنها لا تقهر هو تسارع وتيرة الارتقاء بالعلاقات مع الإمارات والبحرين والمغرب.
حتى أعمال العنف في مايو - التي شهدت غارات إسرائيلية على المسجد الأقصى، وإطلاق صواريخ حماس اللاحقة على القدس، وأعمال شغب في مدن إسرائيلية فلسطينية مختلطة في إسرائيل، وقصف في غزة - تراجعت بعد أسبوع أو نحو ذلك، وعاد الاستقرار. لكن الأسابيع الأخيرة يجب أن تكون بمثابة تحذير للجانب الإسرائيلي وكمؤشر لما قد يكون الواقع في العام المقبل.
تزايد عدم الاستقرار
كان ثمة أمل في أن تعمل الحكومة الجديدة، بقيادة نفتالي بينيت مع وجود كبير من اليمينيين المعتدلين والوسطيين والسياسيين اليساريين في حكومته، على ترويض المستوطنين الإسرائيليين القوميين المتطرفين. لكن العكس هو الصحيح. وبحسب ميلمان، قام المستوطنون الإسرائيليون في الضفة الغربية المحتلة خلال الشهرين الماضيين بمضايقة الفلسطينيين الأبرياء: تم قطع أشجار الزيتون ودخل الشباب إلى القرى لاستفزاز السكان الفلسطينيين. هذه الحوادث تحدث تحت أنف الأمن الإسرائيلي الذي يغض الطرف عن هذه الهجمات العنيفة.
يقول ميلمان: "يساهم هذا السلوك الإسرائيلي في ارتفاع عدد الحالات التي استخدم فيها الفلسطينيون الأسلحة النارية لمهاجمة المستوطنين وقوات الأمن الإسرائيلية. بغض النظر، يُعتقد أن حماس وراء بعض هذه الأحداث التي تعتبرها إسرائيل محاولة لإحداث شرخ بينها وبين السلطة الفلسطينية ووقف التعاون الأمني بين الجانبين". يضيف: "لست مقامرًا ولا نبيًا، لكنني سأخاطر بحرية التقدير أن عام 2022 لن يشهد حربًا بين إيران وإسرائيل ولا بين إسرائيل وحزب الله. كما لن تكون هناك حرب شاملة مع حماس، باستثناء مناوشات متفرقة. المجهول الكبير هو ما سيحدث في الضفة الغربية. يمكن أن يؤدي تطوران رئيسيان إلى زعزعة الوضع الراهن. ثمة من يتوقع أن يترافق ارتقاء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان العرش في السعودية مع تطبيع المملكة علاقاتها مع إسرائيل، علمًا أن الجميع يعلم أن الأمير محمد بن سلمان متمسك الآن وفي المستقبل بشرط تقديم إسرائيل التنازلات ودفع محادثات السلام مع السلطة الفلسطينية، قبل أي كلام عن التطبيع. التطور الثاني هو إذا مات عباس (86 عاما)، فستواجه السلطة الفلسطينية صراعًا مريرًا على السلطة".
أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن موقع "ميدل إيس آي" البريطاني.
التعليقات