الخرطوم: أطلقت قوات الأمن السودانية الأحد الغاز المسيل للدموع على آلاف المتظاهرين المنددين في الخرطوم بانقلاب الخامس والعشرين من تشرين الأول/اكتوبر والمطالبين بالعدالة والديموقراطية، بحسب ما أفاد صحافي من وكالة فرانس برس.

وبعد أكثر من ثلاثة أشهر على انقلاب قائد الجيش الفريق الأول عبد الفتاح البرهان، لا تهدأ التعبئة في السودان على الرغم من القمع الذي أوقع 78 قتيلا بين المتظاهرين، وفق نقابة أطباء موالية للقوى الديموقراطية.

وبعيد الظهر، خرج الآف السودانيين مجددا في مسيرات توجهت نحو القصر الرئاسي في الخرطوم للمطالبة بتنحية العسكريين عن السلطة وبحكم مدني ديموقراطي في البلاد.

وينتشر الجنود المسلحون الذين يغلقون الشوارع والجسور والكتل الاسمنية التي تسد مداخل القصر الرئاسي مقر الجيش والسلطة في الخرطوم.

احتجاجات مستمرة

ومع ذلك يواصل السودانيون احتجاجاتهم على الانقلاب الذي قاده البرهان ضد شركائه المدنيين في السلطة الانتقالية التي تشكلت عقب اطاحة الرئيس السابق عمر البشير في نيسان/ابريل 2019 بعد انتفاضة شعبية استمرت أكثر من أربعة أشهر.

وفي ولاية الغضارف (شرق) كما في ولايتي دنقلة وعطبرة (شمال) هتف المتظاهرون الأحد "العين بالعين" و"العسكر الى الثكنات"، فيما حذرت واشنطن من أن استمرار القمع قد تترتب عليه "عواقب".

وقالت السلطات من جهتها أنها تحقق وأنها "صادرت أسلحة" الجنود الذين يظهرون في مقاطع فيديو وهم يطلقون من بنادقهم الآلية على المتظاهرين. ولكنها تؤكد عبر وسائل الاعلام الرسمية أنها لاتزال بحاجة الى شهادات من المتظاهرين.

وفي مواجهة الصغوط الدولية، أعلنت السلطات أنها تحقق كذلك في ملف آخر وهو "السفارات التي لا تلتزم بالأعراف الدبلوماسية"، وفق وكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا).

وعندما أعلنت الشرطة في منتصف كانون الثاني/يناير أن ضابطا برتبة عميد قتل طعنا بسكين اعتقل خلال ساعات شخص متهم بأنه مرتكب الجريمة.

ما زال السودان، أحد أفقر دول العالم محروما من المساعدات الدولية احتجاجا على الانقلاب . وهو يعاني من مزيد من الانقسامات. وكما كان الحال قبل الانقلاب، فان الشوارع تشهد مسيرات لمتظاهرين يتبنون مواقف متناقضة.

وتظاهر الموالون للجيش الأربعاء احتجاجا على مبادرة الأمم المتحدة للحوار أمام مقر بعثة المنظمة الدولية. ودان موفد الأمم المتحدة الى السودان فولكر بيرثيس "أصدقاء" حزب الرئيس السابق عمر البشير "المؤتمر الوطني".

ويتفق أنصار الجيش وخصومه على شىء واحد وهو رفض الحوار.

ويريد مؤيدو الجيش شرعنة الأمر الواقع الناتج عن الانقلاب بينما يرفض المطالبون بالديموقراطية أي شراكة جديدة مع العسكريين ويهتفون في الشوارع "لا شراكة، لا تفاوض".

وأكدت قوى الحرية والتغيير التي تقوم بدور رئيسي في التعبئة الراهنة كما لعبت دورا مركزيا أثناء الانتفاصة على البشير، "لن نترك الشوارع قبل سقوط نظام الانقلابيين واقامة دولة ديموقراطية ومحاكمة المجرمين الذين هاجموا الشعب".

من جانبه، يضاعف الرجل الثاني في السلطة قائد قوات الدعم السريع شبه العسكرية، الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف ب"حميدتي" من التحركات السياسية.

فقد توجه الى اثيوبيا الاسبوع الماضي ولا يكف عن مقابلة زعماء قبليين وممثلين للمجالس البلدية وقادة محليين كانوا يتمتعون بنقوذ قوي قبل أن يتم ابعادهم من قبل جيل "ثورة" 2019.