مع بدء تراجع قبضة إيران على وكلائها الإقليميين وتصاعد الهجمات الإسرائيلية في البلاد، تتطلع طهران إلى المزيد من الأسلحة التقليدية لتعزيز أمنها.
إيلاف من بيروت: يجادل العديد من المحللين بأن نفوذ إيران على أجزاء من الشرق الأوسط - غالباً ما يطلق عليها "محور المقاومة" - قد تضاءل منذ اغتيال الجنرال قاسم سليماني من فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني في يناير 2020. وتكثر الأمثلة الداعمة لهذا الادعاء، بما في ذلك تعيين رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، عندما فقدت طهران نفوذها المباشر ودورها في تعيين رئيس الوزراء العراقي وزير لأول مرة منذ أربعة عشر عاما.
في غياب سليماني، سيطر مصطفى الكاظمي، وهو شخصية مدعومة من واشنطن ويعارض وجود إيران في العراق، على المشهد السياسي. حدث الشيء نفسه خلال الانتخابات البرلمانية العراقية الخامسة في أكتوبر 2021، عندما فاز الفصيل الشيعي التابع لمقتدى الصدر، والمعارض لإيران، بمقاعد في البرلمان أكثر من أي حزب سياسي آخر. علاوة على ذلك، خسر حزب الله، الحليف الوثيق لإيران، الانتخابات النيابية اللبنانية في مايو 2022.
تحديات متزايدة
يقول مسعود رضائي، زميل زائر أقدم في مركز البحث العلمي والدراسات الاستراتيجية للشرق الأوسط، في مقالة له نشؤها موقع "ناشونال إنترست" الأميركي: "غالبًا ما يقول المنتقدون إن حلفاء إيران الإقليميين سيواجهون تحديات متزايدة حيثما تعكس الانتخابات الرأي العام، ما يشير إلى أن جمهورية إيران الإسلامية تفشل في ممارسة نفوذها القوي في البلدان الأخرى في غياب القوة الناعمة. لذلك، رداً على عجز محور المقاومة السياسي وانحسار قوته، وتضاؤل دور إيران في توجيه قواها في التطورات الداخلية والإقليمية، بدأت طهران في مراجعة هيكلها الرادع".
بحسبه، عامل آخر هو إسرائيل، التي قدمت "الإستراتيجية ومديرية الدائرة الثالثة" كاستراتيجية جديدة تجاه إيران في يونيو 2020، بعد خمسة أشهر من اغتيال سليماني. هذه الاستراتيجية الجديدة، التي تركز بشكل أساسي على تصعيد الاغتيالات والأعمال العسكرية الصغيرة والفعالة على الأراضي الإيرانية، قللت إلى حد كبير من صدقية الردع الإيراني.
تهدف استراتيجية إسرائيل إلى تنفيذ عمليات داخل جمهورية إيران الإسلامية. يمكن اعتبار الإستراتيجية وإدارة الدائرة الثالثة مكملاً لاستراتيجية مابام، أو "حملة إسرائيل بين الحروب"، حيث يجب، وفقًا للنخب الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، أن تتألف أي أعمال ضد إيران من سلسلة طويلة من الهجمات منخفضة المستوى لتغيير حالة الميدان من دون إثارة ردة فعل جدية.
الهجمات الإلكترونية أيضًا
تنطبق هذه الإستراتيجية أيضًا على الهجمات الإلكترونية. تهدف مثل هذه الاستراتيجيات إلى وضع إيران في معضلة متعددة الأضلاع، بحجة أنه إذا كانت إيران غير قادرة على الرد بشكل فاعل على جميع الاغتيالات والهجمات العسكرية منخفضة المستوى وأعمال التخريب الصغيرة والفعالة، فإنها ستفقد تدريجياً موقعها الاستراتيجي وصدقية الردع..
ونظرًا لأن إيران قد تفقد قريبًا سيطرتها السياسية والعسكرية الكاملة على محور المقاومة وتحتفظ إسرائيل بالقدرة على توجيه ضربة استباقية، قررت طهران انضمام القوات العسكرية التقليدية الإيرانية إلى الحرس الثوري الإيراني في تطوير صواريخ وطائرات من دون طيار.
يقول رضائي: "بعد أسبوع واحد من اغتيال إسرائيل المزعوم لقائد فيلق القدس حسن صياد خدائي في طهران، وأربعة أيام بعد غارة بطائرة من دون طيار على مجمع بارشين العسكري في 25 مايو، كشفت إيران عن قاعدة سرية لبناء الطائرات من دون طيار تحت الأرض تسمى قاعدة 313 Artesh في حفل حضره القادة العامون للقوات المسلحة الإيرانية.
خلال هذا الحدث غير المسبوق، قدمت القوات المسلحة الإيرانية عددًا من طائرات Artesh بدون طيار، بما في ذلك Ababil-5 (المجهزة بصاروخ Ghaem-9 الذي يعمل بشكل مشابه لصاروخ Hellfire الأميركي)؛ كامان 22 (بمدى يبلغ 2000 كيلومتر، مزودة بصاروخ حيدر 1 بمدى 200 كم وسرعة 1000 كم في الساعة)؛ كرار (مجهزة بجيل جديد من صواريخ شفق)؛ وFotros التابعة لمنظمة الصناعات الجوية الإيرانية (المجهزة بقنابل الليزر وصواريخ الماس ورأس حربي شديد الانفجار)، لإثبات عزم أرتش على القيام بمهام عسكرية جديدة ضد إسرائيل.
زيادة المنصات المشتركة
تتمثل إحدى نتائج هذه الاستراتيجية الجديدة في زيادة عدد المنصات المشتركة بين الحرس الثوري الإيراني والجيش النظامي الإيراني. على سبيل المثال، في أكتوبر 2021، أجرى الفريقان "تمرينًا متخصصًا للدفاع الجوي" يسمى Aseman Velayat Defenders 1400. إلى جانب ذلك، كان استعراض أرتيش في أبريل 2022 بمثابة "إعلان رسمي عن إعادة تموضع هذه المؤسسة العسكرية في استراتيجيات الدفاع والتنظيم العسكري لإيران".
لاحظ الخبير الإيراني عبد الرسول ديفسالار كيف أظهر العرض تغييراً في اختيار أنظمة أسلحة أرتيش، مشيراً إلى تفضيل جديد للصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار.
خلال هذا الحفل، أكثر من خمسين طائرة من دون طيار قتالية واستطلاعية وانتحارية (بما في ذلك Kaman-22 وMohajer-6 وMohajer-4 وMohajer-2 وRaad-85 وArash وAbabil-5 وSadegh وShahed-136 وYasir) تم كشف النقاب عنها. علاوة على ذلك، تم تقديم الأنظمة المشاركة في تشغيل الصواريخ المختلفة والذخائر المتسكعة ومراكز القيادة والسيطرة والحرب الإلكترونية والمراقبة والاستطلاع ومرحلات الاتصالات التكتيكية إلى وسائل الإعلام. عرض عدة صواريخ تكتيكية جديدة، بما في ذلك Fath-360 الباليستي الذي تم تشغيله سابقًا من قبل القوات البحرية والبرية التابعة للحرس الثوري الإيراني، وإزاحة الستار عن الصاروخ الباليستي لبيك -1، كنسخة مطورة من صاروخ نازعات.
تطور مثير للاهتمام
إن إدخال الصواريخ الباليستية والطائرات من دون طيار القتالية الانتحارية إلى المنظومة العسكرية الإيرانية هو تطور مثير للاهتمام. من ناحية أخرى، على الرغم من أن إيران لا تزال تعطي الأولوية لأنظمة الدفاع الجوي كنقطة تركيز جادة، يبدو أنها ستظل تولي مزيدًا من الاهتمام للدفاع عن النقاط التكتيكية والحرب الإلكترونية والقدرات الإلكترونية في المستقبل القريب.
يقول رضائي: "إضافة إلى سد فجوة الأسلحة تدريجيًا بين الحرس الثوري الإيراني والجيش الإيراني، تعزز السياسة الإيرانية الجديدة ردعها المباشر في سيناريوهات الصراع المستقبلية، والتي قد تنطوي على تلاشي نفوذ طهران الإقليمي وسيطرتها على قواتها بالوكالة". بالنظر إلى عدم وصول إيران إلى أسواق الأسلحة الدولية وانخفاض فرص النجاح في المفاوضات النووية الحالية، فإن اعتماد هذه الاستراتيجية الجديدة يعني أن هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة لجمهورية إيران الإسلامية مقتنعة بأن أفضل طريقة لتحسين الهيكل التنظيمي لإيران في التآزر والردع التقليدي هو تزويد القوات المسلحة الإيرانية بوحدات الصواريخ الباليستية والطائرات من دون طيار القتالية والاستطلاع وأنظمة الدفاع الجوي الجديدة، إضافة إلى شحذ قدرات الفضاء الإلكتروني للبلاد. النقطة الأكثر أهمية هي دمج هذه القدرات الجديدة مع قدرات الحرس الثوري الإيراني.
يختم رضائي: "يجب أن يُعزى مثل هذا التحول في التوجه الاستراتيجي لإيران إلى المعدل الدراماتيكي للتطورات الإقليمية التي أثارت المخاوف في طهران. وهذا يعني أن النخب العسكرية الإيرانية متشائمة بشأن الضربة الاستباقية الإسرائيلية ومستقبل أذرعة طهران بالوكالة في محور المقاومة".
أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن موقع "ناشونال إنترست" الأميركي
التعليقات