إيلاف من لندن: فيما قال المجلس الأعلى للقضاء العراقي أنه يتفق مع تشخيص الصدر لسلبية الواقع السياسي إلا أنه غير قادر على تلبية دعوته له بحل البرلمان فقد هاجم مساعد له المالكي بشدة متهماً إياه بالسعي للباقء في السلطة بالقوة. وفي رد رسمي حاسم على دعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر له بحل البرلمان قال مجلس القضاء الأعلى أعلى سلطة قضائية في البلاد أنه عقد جلستة التاسعة اليوم برئاسة رئيس محكمة التمييز الاتحادية القاضي فائق زيدان حيث ناقش طلب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الأربعاء الماضي الخاص بحل مجلس النواب.. مشيراً في بيان حصلت "إيلاف" على نصه الى أنه بعد النقاش والبحث وجد أن مجلس القضاء يتفق مع الصدر في تشخيص سلبية الواقع السياسي الذي يشهده البلد والمخالفات الدستورية المستمرة المتمثلة بعدم اكتمال تشكيل السلطات الدستورية بانتخاب رئيس للجمهورية ورئيس مجلس الوزراء وتشكيل الحكومة ضمن المدد الدستورية.
المجلس الأعلى للقضاء العراقي مجتمعاً الأحد 14 أغسطس 2022 حيث رد على طلب الصدر بالتدخل لحل البرلمان (إعلام القضاء)
حالة غير مقبولة
وشدد المجلس على أن هذه حالة غير مقبولة ويجب معالجتها وعدم تكرارها وهذا ما شخصه رئيس المجلس في أكثر من مناسبة ووضع الحلول اللازمة لتجنب تكرارها مستقبلاً باقتراح تعديل بعض مواد الدستور ذات الصلة.
وأشار الى أنه حول طلب حل مجلس النواب من قبل مجلس القضاء الأعلى لمعالجة هذه المخالفات الدستورية فإن المجلس سبق وأن عرض عليه نفس هذا المقترح في شهر آذار/مارس عام 2022 (قبل تاريخ استقالة الكتلة الصدرية) من قبل بعض منظمات المجتمع المدني وعدد من الشخصيات السياسية والاعلامية والاكاديمية وكان جواب المجلس في حينه هو أن مجلس القضاء الاعلى لا يملك الصلاحية لحل مجلس النواب.
وأوضح مجلس القضاء أن مهامه محددة بموجب المادة (3) من قانون مجلس القضاء الأعلى رقم (45) لسنة 2017 والتي بمجملها تتعلق بإدارة القضاء فقط وليس من بينها أي صلاحية تجيز للقضاء التدخل بأمور السلطتين التشريعية أو التنفيذية تطبيقاً لمبدأ الفصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية المنصوص عليه في المادة (47) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005.
ودعا مجلس القضاء الأعلى جميع الجهات السياسية والاعلامية الى عدم زج القضاء في الخصومات والمنافسات السياسية .. مؤكداً أنه يقف على مسافة واحدة من الجميع لأن الأساس الذي يرتكز عليه هو تطبيق الدستور والقانون وهذه قواعد عامة تنطبق على الجميع بنفس المعيار وغير قابلة للاجتهاد او التأويل.
وكان الصدر دعا مجلس القضاء الأربعاء الى العمل على حل البرلمان قائلاً في تغريدة له " أوجه كلامي للقضاء العراقي الذي مازلنا نأمل منه الخير على الرغم مما يتعرض له من ضغوطات سياسية وأمنية وتسريبات من هنا وهناك على أن يقوم بحل البرلمان بعد المخالفات الدستورية المرتكبة".
الصدر يشن هجوماً على المالكي
واليوم هاجم مقرب من الصدر بشدة القيادي في الإطار الشيعي رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي متهماً إياه بالسعي الى الهيمنة على السلطة والانفراد بها.
وقال العراقي في تدوينة على تويتر تابعتها "إيلاف" أن "بعض ساسة الإطار ينعتون الإحتجاجات السلمية الإصلاحية الحالية، بـ (فرض الإرادات) لكن تعالوا لنراجع بعض الحوادث لنقف على حقيقة من هو الذي يفرض إرادته على الآخرين".
وتساءل قائلاً "أولاً : مَنْ القائل: بعد ما ننطيها !؟" في إشارة الى كلمة سابقة لرئيس الوزراء الأسبق القيادي في الإطار الشيعي نوري المالكي ألقاها في مدينة كربلاء قبل سنوات يؤكد فيها على أن الشيعة الذين يحكمون البلاد لن يتخلوا عن السلطة وهو ما أثار غضباً واسعاً إذ اعتبر مراقبون الكلام على أنه تهديد طائفي مرفوض.
وأضاف "ثانياً : لنتذكر إعتصامهم أمام بوابات الخضراء بعد إعلان نتائج الإنتخابات التي كانت قوى الإطار الخاسر الأكبر فيها".. وثالثاً: أليس (الثلث المعطل) أو ما أسموه بالضامن هو فرض إرادات!؟".. ورابعاً : بعد إعلان (تحالف إنقاذ وطن) توالت الصـواريخ على أربيل والأنبار العزيزتين أم نسيتم؟!" في إشارة إلى التحالف الذي ضم التيار الصدري وتحالف السيادة السني والحزب الديمقراطي الكردي.
وشدد العراقي بالقول و"خامساً : من المحال أنّكم قد نسيتم ((التسريبات)) التي كان جوهرها الحقيقي (فرض الإرادات) بالقوة والتهديد" في إشارة الى التسريبات التي نشرت مؤخراً بصوت المالكي يهاجم فيها الصدر ويهدده بالقتل.
وأضاف المتحدث باسم الصدر قائلاً "سادساً: حرق المستشفيات ومحطات الكهرباء وصناديق الإقتراع لا ينبغي الإغفال عنه".. و"سابعاً : وهو جواب نقضي: الإنسحاب من الإنتخابات وسحب 73 نائباً وما لا يقل عن عشر مبادرات لحلحلة ما أسميتموه (بالإنسداد السياسي) من المؤكد أنه لا يمتّ الى فرض الإرادات بصلة".
واستخلص العراقي من عرضه هذا للواقع السياسي بالقول "إذن فلا أظنكم (صادقون) ولا تريدون (دولة القانون) ولا تريدون التعامل بـ(بحكمة) وما زلتم تهتفون بالتبـعية و (كلا كلا يا عراق).. ولا أظنكم قاعدة (عريضة) ولا تيار (واسع) بل أنتم تخوضون مع شعبكم (صراع الوجود) وهيهات أن يستمر فسـادكم .. والله ناصر المستضعفين.
يشار الى أنه فيما يعتصم أنصار التيار الصدري وومؤيدي خصمه الإطار الشيعي للقوى الموالية لإيران وجهاً لوجه في المنطقة الخضراء وسط بغداد وفي محيطها فقد دعا الصدر أمس السبت إلى "زحف مليوني" نحو العاصمة بغداد.
وقال العراقي في تغريدة على تويتر امس تابعتها "إيلاف" أن "ذا ندائي الأخير.. وقد أبرأت ذمّتي أمام ربّي وأبي وشعبي، بعد أن انقسم الإحتجاج الى فسطاطين.. صار لزاماً عليَّ أن أتحرّى أيّ الفسطاطين أكثر عدداً وأوسع تعاطفاً عند الشعب العراقي بغض النظر عن انتماءاتهم".
وأضاف أنه "بعد التوكّل على الله تعالى وحسن توفيقه، أوجّه خطابي هذا الى الشعب العراقي الحبيب بعشائره وشرائحه وطوائفه ونسائه شيباً وشباناً وأطفالاً، وزاد قائلاً "نعم، أعوّل عليكم وأتوسّم منكم الشجاعة وعدم الخذلان.. فهي (نهاية الفرصة الأخيرة) وذلك من خلال مظاهرة (سلمية) ((مليونية)) موحدة من جميع محافظات العراق ومناطقه وقراه وأحيائه بل ومن كل أزقّته ومنازله للتوجّه الى العاصمة بغداد الحبيبة والى ساحة التحرير ثمّ الى أخوتكم المعتصمين لمؤازرة الإصلاح حباً بالعراق".
أزمة العشرة أشهر
يشار الى أن العراق يعيش منذ حوالى 10 أشهر شللاً سياسياً تاماً منذ الانتخابات المبكرة التي جرت في تشرين الأول/ أكتوبر 2021 ولم تفضِ مفاوضات تواصلت بين القوى السياسية الكبرى إلى انتخاب رئيس للجمهورية وتكليف رئيس لحكومة جديدة.
ويكمن الخلاف الأساسي في أن التيار الصدري أراد حكومة "أغلبية وطنية" بتحالف مع السنة والأكراد، في حين أراد خصومه في الإطار التنسيقي للقوى الشيعية الموالية لايران الإبقاء على الصيغة التوافقية.
وتصاعدت الأزمة الحالية أثر رفض التيار الصدري نهاية تموز/ يوليو الماضي مرشح الأطار التنسيقي لرئاسة الوزراء محمد شياع السوداني حيث يعتبره الصدر مرشح خصمه اللدود القيادي في الإطار رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.
وتعلوا حالياً أصوات الأحزاب والنخب السياسية داعية الى حل البرلمان والذهاب الى انتخابات مبكرة جديدة لإنهاء حالة الانسداد السياسية الخطيرة التي تُخيم على العراقيين وتنذر بنتائج كارثية.
التعليقات