لندن: أعطى القضاء البريطاني الاثنين الضوء الأخضر لطرد طالبي لجوء وصلوا الى المملكة المتحدة بطريقة غير قانونية، إلى رواندا في مشروع يثير جدلاً كبيراً وتريد الحكومة تطبيقه بأسرع وقت.

وجعل المحافظون من مكافحة الهجرة غير القانونية إحدى أولوياتهم وهي من الوعود المقطوعة في إطار بريكست.

إلا أن عدد المهاجرين الذين يعبرون المانش على مراكب صغيرة يصل إلى مستويات غير مسبوقة. فمنذ مطلع السنة وصل إلى السواحل الانكليزية نحو 45 ألف مهاجر في مقابل 28526 في 2021. وقضى أربعة مهاجرين من بينهم مراهق وهم يحاولون العبور في 14 كانون الأول/ديسمبر بعد عام ونيف من وفاة 27 شخصاً في ظروف مماثلة.

في نيسان/أبريل الماضي، أبرمت حكومة رئيس الوزراء السابق بوريس جونسون اتفاقا مع كيغالي لطرد طالبي لجوء مهما كانت جنسياتهم، إليها بعد وصولهم بطريقة غير قانونية إلى الأراضي البريطانية. وتهدف هذه السياسة إلى ثني المهاجرين عن عبور المانش في مراكب صغيرة إلا أنها تلقى انتقادات وهي موضع ملاحقات قضائية.

وجاء في ملخص لقرار المحكمة العليا في لندن "خلصت المحكمة إلى أنه يحق للحكومة البريطانية أن تتخذ تدابير لإرسال طالبي لجوء إلى رواندا وأن يدرس طلبهم في رواندا بدلا من المملكة المتحدة". ورأت المحكمة أن التدابير التي قررتها الحكومة البريطانية لا تخالف اتفاقية جنيف للاجئين.

لم تحصل حتى الآن أي عملية طرد. فقد ألغيت رحلة أولى كانت مقررة في حزيران/يونيو إثر قرار صادر عن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان طالب بدارسة معمقة لهذه السياسة. وبعد صدور قرار القضاء البريطاني الاثنين تريد حكومة رئيس الوزراء الحالي ريشي سوناك أن تحث الخطى.

وأوضح سوناك في تصريحات لقنوات تلفزة بريطانية بعد اسبوع على إعلان حزمة إجراءات تهدف خصوصاً إلى البت في العدد الكبير من الملفات العالقة أن عمليات الطرد إلى رواندا تشكل فقط "جزءاً من خطتنا" لمكافحة الهجرة غير القانونية. ووعد بـ"نظام لن يحق في إطاره لمن يأتون إلى المملكة المتحدة بطريقة غير قانونية، المكوث فيها".

وشددت وزيرة الداخلية سويلا برايفرمان التي تنحى كثيراً إلى اليمين، على عزمها تطبيق المشروع "في أقرب وقت" وكشفت عن "حلمها" برؤية المهاجرين يرحّلون إلى رواندا.

وأكدت الوزيرة "نحن مستعدون لندافع عن أنفسنا في وجه أي تحرك قضائي" جديد.

استئناف محتمل

في المقابل، طلب القضاء من وزارة الداخلية مراجعة قرارها بشأن ثمانية مهاجرين اعترضوا على طردهم إلى رواندا. ورأت المحكمة أن وزارة الداخلية لم تدرس بشكل واف أوضاع هؤلاء الأفراد الشخصية لمعرفة إن كانت ثمة عناصر تتعارض في حالتهم الخاصة، مع ترحيلهم إلى رواندا.

وتلقى معارضو المشروع قرار المحكمة بخيبة أمل وغضب. وأكدت كلير موزلي مؤسسة منظمة "كير فور كاليه" إحدى الجمعيات التي تقف وراء هذه الشكوى أمام القضاء، عزمها على منع "طرد أي لاجئ بالقوة" إلى رواندا. وتنوي هذه الجمعية على غرار منظمة "ديتنشن اكشن" أن تستأنف القرار.

ورأت نقابة الموظفين PCS (التي لها وجود خصوصا في صفوف شرطة الحدود) أن المشروع الحكومي "مدان أخلاقياً وغير إنساني إطلاقاً" معتبرة أنه ينبغي "جدياً" استئناف القرار الصادر.

وانتقدت جمعية "ريفوجي كاونسل" بقوة هذه السياسة "الشريرة" التي تساوي "أشخاصاً يبحثون عن الأمن بسلع" ورأت أنها تمس بسمعة المملكة المتحدة كبلد يحترم حقوق الإنسان.

ورأت منظمة العفو الدولية أن من "المشين" بعد الضحايا الذين سقطوا الأسبوع الماضي، أن "ترفض الحكومة الإقرار بأنه كلما أمعنت في القسوة والقصاص والردع، عرضت الناس اليائسين الذين لا خيار لهم للوصول بأمان إلى المملكة المتحدة، لمزيد من الخطر".

واعتبرت المعارضة العمالية من جهتها أن المشروع "مناف للأخلاق" و"كلفته باهظة جداً".

وكانت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين تدخلت أمام المحكمة العليا في إطار هذا الملف مشددة على أن رواندا تفتقر إلى "مكونات الحد الأدنى لنظام لجوء موثوق وعادل" ومن شأن سياسة كهذه أن تفضي إلى "احتمالات خطرة لانتهاك" اتفاقية الأمم المتحدة حول وضع اللاجئين.