في مستشفى الفاشر الجنوبي، وهو المستشفى الوحيد الذي ما زال يعمل في ولاية شمال دارفور، وليس ثمة مكان فارغ لفحص الجثث التي يستقبلها المستشفى على مدار الساعة؛ إذ يقوم العاملون بالمستشفى بفحص الجثامين في أروقته.
تقول إحدى الطبيبات في المستشفى، والتي فضلت عدم ذكر اسمها، إن أعداد المرضى في تزايد "فالمستشفى يستقبل أكثر من 50 مريضا يوميا بالإضافة إلى الحالات الموجودة أصلا ولا يوجد عدد كاف من الأسرة لاستيعاب كل المرضى".
وتبلغ الطاقة الاستيعابية للمستشفى 250 حالة، بحسب مصدر بوزارة الصحة في شمال دارفور، لكن عدد المرضى الموجودين حاليا "بلغ 270 حالة على الأقل" وفقا لتصريحات المتطوعين في المستشفى.
وبحسب بيان للجنة التمهيدية لنقابة الأطباء، فقد توقفت الخدمة في 5 مراكز صحية في المدينة جراء الاشتباكات.
وكانت الاشتباكات اتسعت وامتدت إلى إقليم دارفور بعد ساعات من بدئها السبت الماضي بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع.
وأسفرت الاشتباكات في شمال دارفور عن مقتل وإصابة العشرات. وكان برنامج الغذاء العالمي قد أعلن تعليق عمله في البلاد حتى اشعار اخر بعد مقتل 3 من العاملين فيه جراء الاشتباكات.
كما أدت الاشتباكات إلى اندلاع حريق في السوق المركزي في المدينة - سوق نيفاشا - بحسب شهود عيان.
ويقول مواطنون في المدينة: "الدانات (القذائف) كانت تسقط على المنازل في أحياء وسط المدينة، لأن معسكرات الجيش تقع على بعد كيلو متر واحد من قلب المدينة وفي الجزء الغربي منها، بينما تقع معسكرات قوات الدعم السريع في الجزء الشرقي منها".
معاناة القطاع الصحي
وبحسب مصدر بوزارة الصحة في الولاية، فإن "استمرار المعارك بضراوة يحول دون انتشال الجثامين من الشوارع".
وأضاف المصدر أن ذلك يؤثر على عمل الطواقم الطبية، فقد "حددت حركة طواقم الإسعاف حتى لانفقدهم"،
وحذر العاملون في المستشفى من أن استمرار الوضع سيتسبب في أزمة كبيرة بعد تجاوز الطاقة الاستيعابية للمستشفى وعدم وجود أماكن لاستقبال المرضى، فضلا عن شح في توفير الإعانة الطبية.
وقد بقي من كان موجودا من الأطباء بالفعل في المستشفى داخله بسبب الحالة الأمنية، لكن يواجه المستشفى نقصا في عدد الأطباء اللازم لعلاج المرضى جراء تعذر وصول أطباء آخرين بسبب استمرار الاشتباكات.
وتوجه عدد من المتطوعين للمستشفى لتقديم المساعدة في ظل نقص أعداد الطواقم الطبية. ويقول أحد المتطوعين الذين تحدثت إليهم بي بي سي إن أعداد المصابين تزداد كل لحظة وإن "جميعهم من المدنيين العزل".
ويجري فحص من يصل الان إلى المستشفى على مقاعد وحدات الاستقبال "نظرا لعدم وجود أسرة للعلاج".
ويقول أحد الأطباء المقيمين حاليا في المستشفى: ثمة "أطفال بين حالات الوفيات" وقد "توفي 4 أو 5 أشخاص من أسرة واحدة".
وعبرت طبيبة في المستشفى عن شعورها بالضغط الكبير على الكوادر الطبية الموجودة، مشددة على القول إن "المدينة تنزف دما ولا توجد تغطية إعلامية كافية".
وتواصل الضغط على المستشفيات والمرافق الطبية في مختلف المناطق منذ بدء اندلاع الاشتباكات.
وكانت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان نشرت تصريحا أفادت فيه بأنه من أصل 74 مستشفى في العاصمة والولايات، يعمل 22 مستشفى منها فقط بشكل كامل أو جزئي.
ولا يزال بعضها مهددا بالإغلاق نتيجة "لنقص الكوادر والإمدادات الطبية والمياه والكهرباء".
التعليقات