إسلام أباد: اجرى وزير خارجية حكومة طالبان الأفغانية التي لا تعترف بها أي دولة، محادثات السبت مع نظيريه الباكستاني والصيني خلال زيارة نادرة للخارج.

وأمير خان متّقي ممنوع بموجب عقوبات دولية من مغادرة أفغانستان، لكنّه حصل على إعفاء للقيام برحلة إلى إسلام أباد بعد أيام فقط من إدانة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش القيود التي تفرضها حكومة طالبان على النساء.

وتعدّ الصين وباكستان أهم دولتين مجاورتين لأفغانستان، مع وضع بكين نصب عينيها الموارد المعدنية الهائلة غير المستغلة التي تقع عبر حدودهما المشتركة الصغيرة، وتحذير إسلام أباد من الأخطار الأمنية على طول حدودهما المشتركة الأكثر امتداداً.

وضم الوفد الأفغاني وزير التجارة والصناعة، وهو الأرفع مستوى منذ استيلاء طالبان على السلطة في آب/أغسطس 2021 بعد انسحاب القوات الأجنبية بقيادة الولايات المتحدة من البلاد وانهيار الحكومة المدعومة من الغرب.

وقالت المديرة العامة لمعهد الاستقرار الاستراتيجي في جنوب آسيا ماريا سلطان إن "الأهمية الكبرى لهذه القمة هي أنه في هذه اللحظة، لا يمكن تحقيق مستقبل اقتصادي إقليمي بدون استقرار أفغانستان".

وأضافت لوكالة فرانس برس "من المهم أيضاً إقامة علاقة رسمية، وهذا ممكن فقط إذا كان هناك عمل على إعادة بناء للمسار الدبلوماسي".

وبحسب مسؤولين فإن الاجتماع الذي عقد ليوم واحد ركز على أفضل السبل لمساعدة افغانستان في تحسين الأمن وتعزيز الاستقرار الاقتصادي.

شروط لدعم باكستان
وأكد وزير الخارجية الباكستاني بيلاوال بوتو زرداري لوسائل الاعلام "رسالتنا باستمرار إلى السلطات الافغانية كانت +ساعدونا لنساعدكم+".

من جهته، قال وزير الخارجية الصيني تشين غانغ للصحافيين إن بكين واسلام اباد "على استعداد لدعم افغانستان بنشاط لإعادة بناء اقتصادها".

وأضاف "نأمل أن تقوم طالبان بتبني الحكم الشامل والسياسات المعتدلة وتحافظ على العلاقات الودية مع جيرانها".

ولكنه شدد على "ضرورة أن تأخذ طالبان على محمل الجد المخاوف الأمنية لجيرانها وتتخذ إجراءات أقوى لمواجهة مختلف القوى الإرهابية داخل افغانستان".

في وقت سابق من هذا الأسبوع، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في اجتماع لمبعوثين من الولايات المتحدة وروسيا والصين و20 دولة ومنظمة أخرى إن "ملايين النساء والفتيات يتم إسكاتهن وحجبهن عن الأنظار" لافتا إلى أن الحظر يعد انتهاكا "لالتزامات أفغانستان بموجب القانون الدولي".

ولم تتم دعوة مسؤولي حكومة طالبان، وهو إغفال بحسب أحد الممثلين "سيأتي بنتائج عكسية".

وخلال هذا الأسبوع أيضا، عقد اجتماع في الهند لوزراء خارجية منظمة شنغهاي للتعاون التي تتمتع كابول بصفة مراقب فيها، تطرّق إلى الوضع في أفغانستان دون حضور أي ممثلين للبلاد.

ويربط المجتمع الدولي الاعتراف بنظام طالبان ومنح أفغانستان مساعدات إنسانية ومالية تحتاج إليها بشدة، باحترام الحركة لحقوق الإنسان وخصوصاً حقوق النساء في التعليم والعمل.

انخراط وثيق مع طالبان
ويرى مايكل كوغلمان مدير معهد جنوب آسيا في مركز ويلسون أن "هذه الاجتماعات ستزيد التكهنات بأن الصين وباكستان هما من الدول القليلة المستعدة للانخراط بشكل وثيق مع طالبان، وربما حتى تفتح إمكانية الاعتراف في المستقبل".

وأعادت الأمم المتحدة الجمعة تأكيد "التزامها البقاء" في أفغانستان وذلك في ختام مراجعة أجرتها لعملياتها في البلاد على خلفية قرار حركة طالبان حظر عمل الأفغانيات مع الوكالات التابعة للمنظمة الأممية.

وفي بيان أصدرته في كابول ونشرته على موقعها الالكتروني، جددت البعثة إدانتها قرار طالبان "غير القانوني بموجب القانون الدولي، بما يشمل شرعة الأمم المتحدة واتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة".

وأعادت التأكيد أن الإجراء يعوق عملها "بما يشمل قدرتنا على بلوغ كل الأشخاص المحتاجين"، مشددة على أنه "لا يمكننا التخلي (عن المهمة) رغم التحديات".

وسبق لحكومة طالبان أن استنكرت الانتقادات الموجهة إلى القيود المفروضة على النساء التي وصفتها بأنها "قضية اجتماعية داخلية".

أسوأ الأزمات الإنسانية
وتواجه أفغانستان واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، إذ يعاني سكانها البالغ عددهم 38 مليون نسمة الجوع فيما يواجه ثلاثة ملايين طفل خطر سوء التغذية.

ورغم تعهُّد حركة طالبان إبداء مرونة أكبر بعد توليها السلطة، سرعان ما عادت إلى تفسيرها المتشدّد للشريعة الذي طبع حكمها بين 1996 و2001.

وزادت حركة طالبان تدريجا التدابير المقيّدة للحريات، لا سيّما في حقّ النساء اللواتي استبعدن من غالبية الوظائف العامة أو أعطين أجورا زهيدة لحضّهن على البقاء في المنزل.

ولم يعد يحقّ للنساء السفر من دون محرم وينبغي عليهن ارتداء البرقع.

وفي تشرين الثاني/نوفمبر، حظرت الحركة على النساء ارتياد المتنزهات والحدائق وصالات الرياضة والمسابح العامة.