بانكوك: علّقت المحكمة الدستورية في تايلاند الأربعاء عضويّة رئيس الوزراء الإصلاحي بيتا ليمجارونرات في البرلمان بانتظار التحقيق في قضية بشأن مخالفات ارتكبها.

ويشكل القرار تطورًا جديداً في مملكة عالقة في دوامة من الأزمات السياسية لأكثر من عشرين عامًا، بين الجنرالات الحاكمة والأجيال الشابة المتلهفة للتغيير.

وتلوح في الأفق أزمة سياسية جديدة في البلاد حيث يتّجه بيتا نحو فشل آخر في البرلمان، باختياره لمنصب رئيس الوزراء.

وقال بيتا في رسالة على حسابه عبر انستغرام "لن أحصل على الدعم الكافي في البرلمان على الأرجح لتعييني رئيسا للوزراء"، معتبراً أنه "من الواضح أن تصويت الشعب لا يكفي لحكم البلاد".

وعلّقت المحكمة الدستورية مهامه، بينما كان بيتا يحضر المناقشات في البرلمان بشأن ترشيحه للمرة الثانية لرئاسة الحكومة.

وقال أثناء مغادرته القاعة وسط تصفيق الحضور "أود أن أقول وداعا لكم إلى اللقاء القريب".

وعمل القضاة بتوصيات اللجنة الانتخابية التي اتهمت زعيم حزب "السير قدما" بامتلاك أسهم في محطة تلفزيونية أثناء الحملة الانتخابية، وهو ما يحظره القانون التايلاندي.

ودافع بيتا عن نفسه مشيرًا إلى أن وسيلة الإعلام المعنية "آي تي في" أوقفت البث منذ عام 2007.

ويمكن أن تبعد هذه القضية بيتا عن الحياة السياسية لمدة 20 عامًا. ومع ذلك يبقى بإمكانه الترشح لمنصب رئيس الوزراء.

وقالت المحكمة الدستورية في بيان "صدر أمر بتعليق مهام بيتا ليمجارونرات اعتبارًا من 19 تموز/يوليو".

قلق من احتجاجات
يثير هذا الإعلان مخاوف من اندلاع احتجاجات جديدة واسعة النطاق، في تايلاند حيث تؤدي تدخلات الجيش وقرارات المحاكم في غالبية الأحيان إلى تعطيل مسار الديموقراطية، لصالح النخب الملكية المحافظة.

يجسّد بيتا الذي يبلغ من العمر 42 عاماً، رغبة الشباب الذين نزلوا إلى الشوارع بالآلاف في العام 2020 للمطالبة بإصلاح شامل للنظام الملكي وهو المرشّح الوحيد لرئاسة مجلس الوزراء.

على الرغم من دعم غالبية أعضاء مجلس النواب (312 نائبا من أصل 500) واجه بيتا مقاومة أعضاء مجلس الشيوخ المعينين من الجيش الذين اعتبروا برنامجه راديكاليا تجاه النظام الملكي.

ويبقى بإمكان ليمجارونرات الترشح لمنصب رئيس الوزراء بعد تعليق مهامه، لأن النظام التايلاندي يسمح لأشخاص من خارج البرلمان إذا كانوا مختارين من قبل حزب ما، بأن يتولوا رئاسة الحكومة.

51 صوتًا
وبعد رفض اختياره مرة أولى الخميس من قبل البرلمان بمجلسيه أصبح بحاجة إلى 51 صوتا إضافيا من أعضاء مجلس الشيوخ (من أصل 250) لتولي رئاسة الحكومة. فيما لم يحصل إلّا على 13 صوتًا في الدورة الأولى.

ويقول محللون لوكالة فرانس برس إن فرص نجاحه في إقناع عدد كاف من أعضاء البرلمان قليلة جدًا.

ويعتقد بعض أعضاء مجلس الشيوخ، المتضررين من خطته لإصلاح قانون إهانة الذات الملكية، أنه لا ينبغي السماح لبيتا بالمثول أمام المجلس، بموجب القاعدة التي تمنع البرلمان من مناقشة نفس الاقتراح مرتين خلال الجلسة.

وقال على تويتر "إذا صوّتم بما ينسجم مع إرادة الشعب مهما كانت النتيجة سينقش اسمكم في هذه المملكة بشرف وفخر كبيرين".

وفي حال تكرار هزيمته، وعد السبت بسحب ترشيحه لصالح حزب فو تاي شريكه في الائتلاف.

وبالإضافة إلى التشكيك السياسي، تأتي المسائل القضائية لتجعل خطر استبعاده قائما باستمرار.

ولا يخضع بيتا فقط لملاحقات قضائية في قضيتين منفصلتين، إنما هو وحزبه متهمان أيضًا بارتكاب مخالفات في ملف ترشحه والسعي الى إطاحة النظام الملكي.

إهانة الذات الملكية
ويثير موقفه من القانون المتعلق بإهانة الذات الملكية وهو من أقسى التشريعات في العالم من هذا النوع قلق أعضاء مجلس الشيوخ الذين يعتبرون أنهم قيمون على القيم التقليدية.

ولتايلاند التي تشهد تفاوتات كبيرة بين طبقات مجتمعها، واحد من أدنى معدلات النمو في جنوب شرق آسيا ما يستدعي إصلاحات هيكلية كبرى.

وتعبّر الأوساط الاقتصادية عن قلقها من استمرار حالة عدم الاستقرار التي قد تؤثر على قطاع السياحة الحيوي.

ويحمي البرلمان جهاز أمني كبير، إذ تنتشر الشرطة في محيطه ونصبت الحواجز وأغلقت الطرقات.

وقال المحلل السياسي ثيتينان بونجسوديراك "إذا خسر الحزب مرة أخرى في البرلمان فسيشهد الشارع ردة فعل عنيفة".

وأضاف أن "هناك بعض التظاهرات حاليا ومؤيدي الحزب يشعرون بأنهم تعرضوا للخداع والسرقة".