منذ الواقعة الأولى لحرق المصحف الشريف انبرت الحكومة العراقية برئاسة محمد شياع السوداني للدفاع عن الكتاب العزيز وعن القيم الإسلامية بل والإنسانية منددة بهذا الفعل المشين ومطالبة بتسليم الرجل الذي دنس ما هو مقدس لمحاكمته.

ومنذ ذلك الحين تعامل العراق مع الأزمة كدولة مؤسسات حيث طالبت حكومة السوداني، قبل الواقعة الثانية ستوكهولم بمنع حرق المصحف، بذريعة حرية التعبير بينما هو في جوهره تاجيج للكراهية وتغذية للارهاب، حسبما اكدت بغداد التي هددت أيضا بقطع العلاقات الدبلوماسية حال سماح ستوكهولم بحرق القرآن وهو ما حدث بالفعل.

وعلى الرغم من تأكيد الحكومة العراقية في بيان لخارجيتها على الالتزام الكامل باتفاقية فيينا لتنظيم العلاقات الدبلوماسية بين الدول وتجديد التزامها بتوفير الحماية والامن للطواقم الدبلوماسية فان الحكومة العراقية برئاسة السوداني لم تفرط في الذود عن القران الكريم وعلم العراق وأعلنت سحب القائم بالأعمال العراقي من ستكهولم وطرد السفيرة السويدية لدى بغداد.

لكن الحكومة العراقية لم يفتها أن تعترف بأن ما حدث في سفارة السويد كان اعتداء على السيادة العراقية وخرقًا أمنيًا وانها ستحاسب المسؤولين وبالفعل وجهت بتشكيل لجنة تحقيق بالإضافة الى تشديد الإجراءات الأمنية للحيلولة دون وصول المتظاهرين الى سفارة الدنمارك في اليوم التالي.

احتجاجات أتباع الصدر
وفي ليلة ٢١ تموز/يوليو خرجت جموع جديدة من أتباع التيار الصدري في محاولة لاقتحام المنطقة الخضراء والوصول الى السفارة الدنماركية تحت ذريعة حرق القرآن من قبل مجموعة متشددة عنصرية في العاصمة كوبنهاغن. الا أن القوات الأمنية كانت حاضرة ولم تسمح لهم بالدخول وحصلت اشتباكات مما أسفر عن وقوع بعض الجرحى، لكن يشهد بان القوات الحكومة لم تستخدم الرصاص ولم يسقط أي قتيل وهذا المشهد فريد من نوعه في العراق.


جموع جديدة من أتباع التيار الصدري في احتجاجات على حرق القرآن وتدنيس القيم الإسلامية

ومن جديد يعود مقتدى الصدر لمحاولة إرباك المشهد العراقي، إذ أن هذه المرة ليست الأولى التي يسعى فيها تياره الى اظهار العراق بأنه بلد تتأكله النزاعات الداخلية.، ويتفق الجميع بانه هذه محاولات منه للعودة الى المشهد السياسي ولكن على حساب الدولة العراقية وسيادتها وأمنها. فهو لا يأبه بان تتشوه صورة العراق أمام المجتمع الدولي ويظهر بأنه بلد غير آمن للاستثمار والتطور الاقتصادي.

فالتيار الصدري يصر على الا يحترم العهود والمواثيق الدولية التي ينبغي الالتزام بها حتى ولو كان الأمر يتعلق بالقرآن الكريم، وكأن رد الحكومة العراقية بل والحكومات العربية والإسلامية جميعاً ليس كافيا للتعبير عن السخط والاستنكار إزاء فعل فردي سمحت به دولة بذريعة حرية التعبير.

حرائق كراهية من الداخل والخارج
بالرغم من محاولات حكومة محمد شياع السوداني الحثيثة منذ يومها الأول لمحاربة الفكر المتطرف وخطاب الكراهية والقضاء على الإرهاب بجميع اشكاله ومسبباته، إلا أنها وقعت فريسة سهلة للتطرف من قبل شخص موتور مثل سلوان موميكا أو تيار متعطش للسلطة والعودة للحياة السياسية بعد أن تركها في خطأ تاريخي غير محسوب.

تعلم الحكومة العراقية حق المعرفة أن هناك محاولات من قبل جهات داخلية وخارجية لإظهار العراق على أنه دولة غير آمنة وتحاول عرقلة جهود حكومة السوداني الحثيثة لتنفيذ مشاريع كبرى للنهوض بهذا البلد الذي يرزح منذ عقود تحت وطأة الصراعات الداخلية والخارجية.

وليس خافياً على أحد، ذلك الكم الهائل من الاتفاقات والعقود الموقعة مع شركات أجنبية مختلفة في مجالات كثيرة بناء على خبرتها وثقلها في مجالها وبالطبع هذا لا يعجب بعضهم، إذ يرغبون في تكون بغداد رهن إملاءات وتوازنات ضاق العراقيون بها ذرعًا.

يشهد التاريخ أن العراق كان دومًا حائط الصد الأول للدفاع عن الإسلام والمسلمين وما يحدث الآن ما هو إلا محاولة لكسر سفينة التنمية والاستقرار على أمواج متلاطمة ليست فقط من الخارج وإنما وبكل أسف.. من الداخل أيضا.