إيلاف من الرياض: جاء اختيار فيلم "الهامور ح ع" كممثل للسعودية للأوسكار منطقياً ومتوقعاً، فحسب الشروط الموضوعة كان هو الفيلم الأقرب والأجدر ليكون ممثلاًً للمملكة في سباق الأوسكار ٢٠٢٤.
يمثل الفيلم التجربة الثانية للمخرج عبد الإله القرشي بعد فيلمه الأول "رولم"، فيما يروي "الهامور ح ع " حكاية حارس أمن جمع ثروة ضخمة من طريق النصب واتباع أساليب ملتوية، ويوقع البعض في شِراكه ويوهمهم باستثمار أموالهم معه مع وعد بالحصول على ربح سريع، ولكن سرعان ما تنقلب الأحداث رأساًًعلى عقب.
واقعية القصة
لعل أكثر ما يميز الفيلم هو واقعية القصة؛ لكونها مبنية على قصة حقيقية ليست ببعيدة زمنياً، وهنا نتكلم عن قضية "هامور سوا" الشهيرة في 2009، وهذا ما أوجد حالة كبيرة من الترقب للقصة ومعالجتها سينمائياً، فتصدى لها الكاتب هاني كعدور وقدمها بنفَس سينمائي جديد.
إنها قصة سعودية لأفلام العصابات من البداية والصعود حتى خسارة كل شيء، بين رحلات بزوغ وأفول، يرافقها عدد من المواقف الكوميدية الساخرة التي قدمها الثنائي خالد يسلم وإسماعيل الحسن.
كانت مفاجأة الفيلم في اختيار بطل جديد يمثل للمرة الأولى في السينما في دور بطولة، وهنا نتكلم عن فهد القحطاني الذي أجاد بشكل كبير في الفيلم، ويحسب للمخرج القرشي هذا الخيار وهذه الجرأة، ولا ننسى خيرية أبو لبن التي على رغم صغر دورها كانت في أعلى مستوياتها في هذا الفيلم .
بجانب الأداءات التمثيلية المميزة، يستحق صناع العمل التحية على الجهد الكبير المبذول فيه، من اهتمام بتفاصيل عديدة، سواء أكان ذلك من ناحية الحوار الديكور أم اللبس أو حتى شريط الأغاني وتسلسله عبر السنوات. كل تلك تفاصيل منتقاة بعناية. وإن كانت ثمة مآخذ على الفيلم فمنها طريقة عرض المساهمات المالية وكيفية الخسارة فيها، حيث جرى العمل عليها بعجَلة غير مفهومة، وجعلنا ذلك نشعر بعدم فهم القصة في الثلث الأخير منه.
جرأة الفيلم
فيلم "الهامور ح ع" هو أول فيلم سعودي يصنف للكبار فقط + ١٨، وتلك جرأة تصدى لها صناع الفيلم، بخاصة أنه فيلم معروض ويستهدف بشكل أساسي شباك التذاكر. ولكن السؤال الذي يخص الجرأة وتداولته تغريدات عديدة ذكرَت جرأة الفيلم، هذا السؤال هو: ما الجرأة المقصودة؟ أهي جرأة عرض المخدرات والمسكرات؟ إن كان ذلك المقصود فسبق أن شاهدنا كثيراً من المشاهد التي عُرضت سابقاً في مرات عديدة وفي مسلسلات تلفزيونية مختلفة منذ التسعينيات حتى الآن. لكن إن كانت ثمة جرأة فهي فعلاً بالمغامرة بوضع فيلم للكبار فقط في شباك التذاكر، والجرأة كذلك في المغامرة واختيار بطل جديد للفيلم، وهذه الأخيرة كانت فعلاً مغامرة ناجحة.
ختاماً: الفيلم تجربة سينمائية مختلفة وناجحة جداً، وعلى رغم الحملة الترويجية الضعيفة و"الأفيش" البدائي جداً إلا أنه حقق نجاحاً جماهيرياً جيداً جداً، بإيرادات بلغت أكثر من ٢٠٠ ألف تذكرة، ليصبح ثاني أكثر الأفلام السعودية مبيعاً للتذاكر في السينما حتى الآن.
والمؤكد أن المخرج عبدالإله القرشي أجاد بشكل كبير في تجربته السينمائية الثانية، إلا أنه بعد هذا الفيلم رفع سقف التوقعات والترقب لتجربته السينمائية الثالثة، التي أتمنى أن يواصل فيها توجهه نفسه باستخلاص أفلام درامية مبنية على قصص حقيقية من المجتمع السعودي ولا ندري عن ماذا يفاجئنا القرشي في فيلمه القادم .
التعليقات