إيلاف من لندن: تنادى الزعماء السياسيون البريطانيون من مختلف الأحزاب لنعي وزير الخزانة العمالي الأسبق اللورد أليستير دارلينغ، الذي توفي يوم الخميس عن 70 عاما.

وكان اللورد دارلينغ، الذي قاد المملكة المتحدة بنجاح خلال الأزمة المالية عام 2008، خدم وزيرا في مجلس الوزراء بعد فوز حزب العمال الساحق في الانتخابات عام 1997، لمدة 13 عامًا في عهد رئيسي الوزراء العماليين توني بلير وغوردون براون.

الرجل الثابت
واشتهر اللورد دارلينغ بأنه الرجل الثابت الذي رعى اقتصاد المملكة المتحدة عندما انهار نصف نظامها المصرفي.

وقالت عائلته في بيان إن النائب السابق عن دائرة إدنبره توفي بعد فترة قصيرة في المستشفى. ووصف البيان اللورد دارلينغ بأنه "زوج مارغريت المحبوب والأب المحبوب لكالوم وآنا".

وقال رئيس الوزراء الأسبق غوردون براون، الذي عين اللورد دارلينغ وزيرا للخزانة إنه "شعر بحزن عميق" لسماع نبأ وفاته. واضاف براون على وسائل التواصل الاجتماعي: "لقد اعتمدت، مثل كثيرين، على حكمته وهدوءه في الأزمات وروح الدعابة التي يتمتع بها. سوف يفتقده كل من عرفه."

ومن جهته، قال زعيم حزب العمال السير كير ستارمر: "عاش أليستير حياة مكرسة للخدمة العامة. سوف نتذكره باعتباره المستشار الذي ساعدت خبرته الهادئة وأمانته في توجيه بريطانيا خلال اضطرابات الأزمة المالية العالمية".

وقال ستارمر: "أعتبر نفسي محظوظًا للغاية لأنني استفدت من نصيحة أليستير وصداقته".

مستشار عظيم
ووصف وزير الخزانة الحالي (المحافظ) جيريمي هانت سلفه في 11 داونينغ ستريت بأنه "أحد المستشارين العظماء". وقال هانت: "سوف نتذكره لأنه فعل الشيء الصحيح للبلاد في وقت الاضطرابات غير العادية. أعمق تعازي لعائلته".

ولد اللورد دارلينغ في لندن عام 1953، لكنه انتقل إلى اسكتلندا للالتحاق بمدرسة لوريتو المرموقة في موسيلبورغ.

وقال تقرير لـ(بي بي سي): على الرغم من أنه أصبح معروفًا بأنه الوسطي المعتدل من حزب العمال الجديد، إلا أن دارلينغ كان مرتبطًا بسياسات اليسار المتطرف كناشط طلابي في أبردين، حيث ورد أنه كان يوزع منشورات "ماركسية" في محطات السكك الحديدية.

معترك السياسة
يذكر أن اللورد دارلينغ كان محامٍ، ودخل السياسة لأول مرة في عام 1982 بعد انتخابه لعضوية مجلس لوثيان الإقليمي السابق.

وبعد خمس سنوات أصبح عضوًا في البرلمان، وكان يُنظر إليه على أنه حليف رئيسي لتوني بلير وغوردون براون أثناء سعيهما لتحديث حزبهما وتحويله إلى حزب العمال الجديد.

وعند دخوله الحكومة بعد 10 سنوات، شغل دارلينغ منصب السكرتير الأول لوزارة الخزانة، وقام بوضع إصلاحات واسعة النطاق على التنظيم المالي، بعد انهيار بنك بارينجز وبنك الاعتماد والتجارة الدولي.

ثم حل محل هارييت هارمان كوزير للضمان الاجتماعي - وهو الدور المعروف الآن باسم وزير العمل والمعاشات - حيث قام بتنفيذ إصلاحات الرعاية الاجتماعية لحزب العمال وتحمل مسؤولية إنفاق ثلث ميزانية الحكومة.

القضاء على الفقر
وأثناء توليه هذا المنصب، قال دارلينغ ذات مرة إنه يأمل أن يتذكره الناس باعتباره "الوزير الذي بدأ القضاء على الفقر".

وعلى الرغم من حياته المهنية الطويلة في الحكومة، لم يكن هناك الكثير من الأسباب لإعداد اللورد دارلينغ لفترة الثلاث سنوات التي قضاها كوزير للخزنة، وهي الوظيفة التي اختاره براون بنفسه من أجلها في يونيو/حزيران 2007.

وكان تم تعيين دارلينغ وسط أوقات اقتصادية هادئة على ما يبدو. لكنها كانت الفترة الصعبة على وزارة الخزانة التي تميزت بالفوضى المالية، التي لم تشهدها بريطانيا منذ عقود.

وكان قراره بتأميم (نورثرن روك) في البداية، ثم تأميم الجزء الأكبر من الخدمات المصرفية البريطانية فعلياً وسط تهافت على البنوك من قِبَل الجمهور العام والأسواق المالية، هو الذي حدد نغمة الاستجابة العالمية للانهيار المالي في عام 2008.

اختلاف مع براون
وإلى ذلك، فإن دارلينغ، الذي توقع العديد من المعلقين أن يكون رجل "نعم" لرئيس الوزراء غوردون براون، فقد اختلف مع جاره ورئيسه بشأن الحاجة إلى خفض الإنفاق بعد الزيادة الكبيرة في الاقتراض الحكومي خلال الأزمة المالية.

وفي مذكراته التي نشرت بعد خروج حزب العمال من السلطة 2010، قال دارلينغ إنه كان هناك "جو دائم من الفوضى والأزمات" عندما كان براون رئيسا للوزراء.

وعلى الرغم من تركه الحكومة، لم يترك اللورد دارلينغ السياسة الأمامية لفترة طويلة. وقاد حملة "معاً أفضل" الناجحة في استفتاء استقلال اسكتلندا عام 2014 وكان مدافعاً قوياً عن البقاء في استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عام 2016.

وفي الأخير، يشار إلى أنه عندما غادر مجلس العموم في عام 2015، أصبح دارلينغ عضوا في مجلس اللوردات الذي كان تقاعد منه في نهاية المطاف في عام 2020.