إيلاف من بيروت: كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الاثنين أنها وجدت أدلة موثوقة على أن الفوسفور الأبيض الذي يمكن أن يسبب حروقاً شديدة في الجلد البشري والجهاز التنفسي، والذي استخدمته إسرائيل في هجوم شنته في أكتوبر الماضي على بلدة الضهيرة في لبنان، تم تصنيعه في الولايات المتحدة.

عثر الصحفيون الاستقصائيون العاملون مع الصحيفة الأميركية على ثلاث بقايا من أغلفة قذائف الفوسفور الأبيض، ما يشير إلى أن اثنتين من هذه الذخائر صنعت في أركنساس وواحدة صنعت في لويزيانا. كما قامت منظمة الفوسفور الأبيض ومنظمة العفو الدولية بمراجعة مقاطع فيديو تظهر قنابل تسقط في الظهيرة وعليها شرائط دخان الفوسفور الأبيض المميزة، ما يؤكد بشكل أكبر استخدام ذخائر الفوسفور الأبيض في الهجوم.

"الليلة السوداء"

بحسب سكان الظهيرة، القصف استمر ساعات، ولم يتمكنوا من مغادرة منازلهم حتى السابعة من صباح اليوم التالي، في ليلة سموها "الليلة السوداء".كما أبلغ العديد من السكان المحليين عن أعراض تنفسية بدأت بسبب الدخان الناتج عن الفوسفور الأبيض. وأخبر الجيش الإسرائيلي "واشنطن بوست" أنه استخدم الفوسفور الأبيض فقط لخلق ستار من الدخان.

مع ذلك، فإن هجمات الظهيرة وقعت إلى حد كبير في الليل. وتحققت الصحيفة من أن إسرائيل تمتلك قذائف مدفعية من طراز M150 الأكثر أمانًا والتي تنتج أيضًا ستارًا من الدخان، لكنها لا تحتوي على الفوسفور الأبيض الذي يشتعل عندما يلامس الأكسجين.

وبحسب تقارير مختلفة، نفت إسرائيل استخدامها الفسفور الأبيض، وقالت بعد أيام من القصف على الظهيرة إن الاتهامات بأنها استخدمت الفوسفور الأبيض في غزة "كاذبة". مع ذلك، في عام 2012، ذكرت إسرائيل أنها استخدمت هذا الفوسفور الأبيض لكن بشكل قانوني.

أدلة موثوقة

تقول منظمة هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية أنهما عثرتا على أدلة موثوقة تثبت أن إسرائيل استخدمت الفوسفور الأبيض في لبنان وغزة خلال الحرب الحالية بين إسرائيل وحماس، وهو ما قد يصل إلى حد جريمة حرب.

المعروف أن استخدام الذخائر المحرقة يخضع لبروتوكول حظر أو تقييد. وبينما يسمح هذا البروتوكول باستخدام الذخائر الحارقة في بعض الظروف، فإنه يحظر استخدامها على المدنيين، أو على أهداف عسكرية في مناطق فيها أعداد كبيرة من المدنيين، أو على الغطاء النباتي.

يتم تصنيع أغلبية ذخائر الفوسفور الأبيض المنتجة في الولايات المتحدة في مصنع باين بلاف آرسنال في باين بلاف، أركنساس، وفقًا لوكالة تسجيل المواد السامة والأمراض. تم بناء هذ المصنع في الأصل ليكون جزء من خدمة الحرب الكيميائية التابعة للجيش الأميركي خلال الحرب العالمية الثانية. ثم استمر المصنع في إنتاج أسلحة بيولوجية، مثل الجمرة الخبيثة، حتى عام 1969 عندما حظر الرئيس الأميركي الراحل ريتشارد نيكسون الأسلحة البيولوجية آنذاك. قبدأ المصنع بعد ذلك في إنتاج قنابل دخان وأجهزة حارقة وأجهزة نارية وملابس دفاعية كيميائية.

واشنطن قلقة

بحسب "واشنطن بوست"، عثر أحد صحفييها على بقايا ثلاث قذائف مدفعية من عيار 155 ملم أطلقت على الظهيرة، وأدت إلى احتراق أربعة منازل على الأقل. وتنتج القذائف، التي تطلق أسافين مشبعة بالفوسفور الأبيض الذي يحترق في درجات حرارة عالية، دخانا متصاعدا لإخفاء تحركات القوات أثناء سقوطها بشكل عشوائي على منطقة واسعة. ويمكن أن تلتصق محتوياتها بالجلد، ما قد يسبب حروقًا مميتة وأضرارًا في الجهاز التنفسي.

تؤكد الصحيفة الأميركية أن هذه القذائف هي جزء من أسلحة عسكرية أميركية تبلغ قيمتها مليارات الدولارات تتدفق إلى إسرائيل في كل عام، وهي غذت حرب إسرائيل على حماس في قطاع غزة التي بدأت بعد هجوم المسلحين في 7 أكتوبر.

بعدما نشرت "واشنطن بوست" هذه المقالة، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي إن الإدارة الأميركية "قلقة" بشأن استخدام ذخائر الفوسفور الأبيض، وأنها "ستحاول معرفة المزيد عن هذا الموضوع".

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية