خلاف داخلي بين قيادة حماس في غزة والدوحة، وتحرك استخباري أميركي لحشر الفلسطينيين في الزاوية، والضغط العسكري الإسرائيلي المستمر. كلها إشارات إلى أن الرد على الصفقة قد يتغير

إيلاف من بيروت: بعد موافقة إسماعيل هنية على النظر في الاقتراح الجديد لتبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس، المطالبة القاطعة بانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة والوقف الكامل للأعمال العدائية ليسا المطلبين الأخيرين لحماس في المفاوضات الجارية.

يقول آفي يسخاروف في "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية: "هناك انقسامات داخلية ناشئة داخل قيادة حماس، ما يخلق شقوقا شبه واضحة متوقع أن تتسع في الأسابيع المقبلة إذا واصلت الحركة رفضها التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار". وبحسب مصادر استخباراتية عربية، يقول يسخاروف إن موقف حماس في غزة يختلف عن موقف القيادة في الخارج، "ومثير للدهشة أن تستعد القيادة في غزة للانخراط في هذه الصفقة حتى من دون ضمانات دولية لوقف كامل لإطلاق النار ومن دون انسحاب إسرائيلي"، كما يقول.

يضيف: "وفقاً ليحيى السنوار وآخرين، متوقع أن يمتد وقف إطلاق النار شهرًا ونصف أو أشهرًا إضافية، ما يجعل من غير الضروري الإصرار على انسحاب إسرائيلي فوري وضمانات دولية ضد تجدد الأعمال العدائية".

نزلاء الفنادق والفيلات
إلا أن كبار مسؤولي حماس في الخارج، ويقيم العديد منهم في فيلات وفنادق فخمة، يطالبون بإصرار حازم على وقف كامل للأعمال العدائية، وانسحاب إسرائيلي، وضمانات دولية لاستمرار حكم حماس في القطاع. يرد يسخاروف مخاوفهم إلى فهمهم الواقع السياسي في إسرائيل، "حيث يتوقف مستقبل الحكومة بقيادة بنيامين نتنياهو على استمرار الحرب، حيث تفسر مجموعة من السياسيين اليمينيين أي وقف للأعمال العدائية ضعفًا". ومتوقع أن تتعمق هذه الآراء المختلفة مع العديد من التطورات: "أولاً، تجد حماس نفسها معزولة، فالاجتماع الأخير الذي انعقد في باريس بين رئيس وكالة الاستخبارات المركزية وممثلين عن قطر ومصر وإسرائيل والولايات المتحدة وفرنسا للاتفاق على اقتراح موحد، كان المقصود منه حشر حماس في الزاوية"، كما يقول يسخاروف، مضيفًا: "هذا ليس مجرد موقف إسرائيلي - أميركي، بل هو اقتراح يدعمه اللاعبان الأكثر تأثيراً في العالم العربي والعالم في ما يتعلق بحماس: قطر التي تمول الجماعة الإرهابية وتقدم الدعم لغزة ومحتمل أن تساعد في إعادة إعمارها، ومصر". فمن دون هذين الاثنين، قد لا تتمكن حماس من البقاء في غزة. لذا، مع اشتداد الضغوط التي تمارسها قطر ومصر على قيادة حماس، مرجح أن تقدم هذه القيادة المزيد من التنازلات.

يضيف يسخاروف: "ثانياً، يبدو أن الضغط العسكري بدأ يؤثر، ما دفع فصيل السنوار إلى إعادة النظر في خطواته. فالحملة العسكرية المستمرة في خان يونس تهز فعلياً معقل السنوار وصحبه، بمن فيهم محمد ضيف وآخرين. وتواجه حماس في المدينة وفي مخيم اللاجئين الذي كان يرمز إلى صمودها ومسقط رأس جناحها العسكري، تحديات مع تكثف عمليات الجيش الإسرائيلي، في حين يختبئ السنوار ورفاقه في الأنفاق ويعجزون عن الحركة الفاعلة".

مصيره الاستسلام أو الموت
بحسب يسخاروف في "يديعوت أحرونوت"، يدرك السنوار أنه قد لا يستطيع الاختباء طويلًا في الأنفاق،"فقد يقدم بعض المخبرين الفلسطينيين في النهاية معلومات تكشف موقعه. لقد دخل اسمه بالفعل في التاريخ الفلسطيني، لكن في هذه المرحلة يبدو أنه يريد النجاة من الحرب ويصبح قائداً لشعبه".

يضيف المحلل الإسرائيلي أن السنوار لن يسارع إلى القتال ضد الجيش الإسرائيلي أو التضحية بنفسه في الحرب. يقول ساخرًا: "يبدو أنه ترك الاثنتين والسبعين عذراء لغيره، وقد يشبه في ذلك ثلاثة من كبار أعضاء الجناح العسكري لحماس من أيام الانتفاضة الثانية"، أي إبراهيم حامد الذي كان قائد القسام في غزة والمطلوب الأول في المناطق منذ ست سنوات؛ وعباس السيد الذي خطط هجمات انتحارية قاتلة ونفذها وبينها تفجير فندق بارك في نتانيا في عام 2002؛ وحسام بدران أحد قادة القسام في غزة. يضيف: "عندما ضيق الجيش الإسرائيلي الخناق عليهم في مخابئهم، استسلموا من دون مقاومة كبيرة. حتى أن حامد الذي أرهب إسرائيل خرج بملابسه الداخلية من دون أن يطلق رصاصة واحدة، وهو يقبع في سجون إسرائيل بانتظار التوصل إلى صفقة".

يختم يسخاروف مقالته بالقول: "يتذكر السنوار جيدًا أنه بعد إطلاق سراحه، تعهد بإطلاق سراحهم أيضًا. إنها لحظة حاسمة بالنسبة إليه وإليهم، وإصرار حماس على عدم التوصل إلى اتفاق لن يتركهم في السجن فحسب، ففي المستقبل، عندما يتم التوصل إلى اتفاق، لن يكون موجودًا للاحتفال بإطلاق سراحهم".

المصدر: "يديعوت أحرونوت"