أنهت قوات الجيش الإسرائيلي بناء طريق جديد يمر عبر شمال قطاع غزة من الشرق إلى الغرب، وفقا لصور الأقمار الصناعية التي تحققت منها بي بي سي.

وتقول إسرائيل إنها تبني طريقا للإمداد. لكن بعض الخبراء يشعرون بالقلق من إمكانية أن يصبح الطريق أمرا دائما.

كما يخشون من استخدامه كحاجز يمنع الفلسطينيين من العودة إلى منازلهم في شمال القطاع.

ويبدأ الطريق الجديد عند السياج الحدودي لغزة مع إسرائيل بالقرب من كيبوتس ناحال عوز. ويعبر قطاع غزة وينتهي بالقرب من الساحل في الغرب.

قال العميد المتقاعد جاكوب ناجل، الذي عمل مستشارا أمنيا سابقا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لبي بي سي عربي إن الهدف من الطريق الجديد هو توفير خدمة الوصول السريع لقوات الأمن عند التعامل مع أي تهديدات جديدة.

لكن بعض المحللين عبروا عن قلقهم من أن الطريق يبدو جزءا من خطة إسرائيلية للبقاء في غزة بعد انتهاء الأعمال العسكرية الحالية.

ويمتد الطريق الجديد عبر شمال غزة، وتقع خلفه المناطق الوسطى والجنوبية.

وعلى الرغم من وجود شبكة من الطرق التي تربط بين الشرق والغرب، إلا أن الطريق الجديد للجيش الإسرائيلي هو الطريق الوحيد الذي يمتد دون انقطاع في جميع أنحاء غزة.

كما يتقاطع مع طريقي صلاح الدين والرشيد، وهما الشريانان الرئيسيان اللذان يمران بالإقليم.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قد كشف، في شهر فبراير/ شباط الماضي، عن رؤيته لغزة ما بعد الحرب، والتي تتضمن ان تسيطر إسرائيل على الأمن في غزة إلى أجل غير مسمى.

وسبق أن حذر زعماء دوليون إسرائيل من تهجير فلسطينيي غزة بشكل دائم أو تقليص مساحة القطاع.

ومن المرجح أن يجدد الطريق الجديد الجدل الدائر حول استراتيجية إسرائيل لمرحلة ما بعد الحرب.

وردا على أسئلة حول الطريق الجديد، قال الجيش الإسرائيلي لبي بي سي إنهم يحاولون الحصول على "موطئ قدم عملياتي"، وتسهيل حركة القوات والمعدات.

ما الذي نعرفه عن الطريق؟

كشف تحليل صور الأقمار الصناعية الذي أجرته بي بي سي أن الجيش الإسرائيلي بنى أجزاء من هذا الطريق يبلغ طولها أكثر من خمسة كيلومترات، لربط الطرق التي لم تكن متصلة سابقا.

وقد أُنشئ الجزء الأولي من الطريق والواقع شرق غزة بالقرب من الحدود الإسرائيلية في الفترة ما بين أواخر أكتوبر/ تشرين الأول وأوائل نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي.

لكن معظم الأجزاء الجديدة أُنشئت خلال شهر فبراير/ شباط وأوائل مارس/ آذار.

ويُعد الطريق الجديد أوسع من أي طريق نموذجي في غزة، باستثناء طريق صلاح الدين.

ويُظهر تحليل الصور أيضا أن المباني الواقعة على طول الطريق، والتي يبدو أنها مستودعات، هُدمَت في الفترة من نهاية ديسمبر/كانون الأول وحتى أواخر يناير/كانون الثاني.

ويشمل ذلك مبنى مؤلف من عدة طوابق.

ويمتد الطريق على منطقة تحوي مبان قليلة وبها كثافة سكانية قليلة مقارنة بأجزاء أخرى من غزة.

كما أنها تقع أسفل طريق مؤقت ومتعرج كان الجيش الإسرائيلي يستخدمه للانتقال من شرق غزة إلى غربها.

وكانت القناة التلفزيونية الإسرائيلية الـ14 قد أعدت تقريرا مصورا عن الطريق في فبراير/شباط قالت فيه إنه يحمل اسم "الطريق السريع 749". وسافر أحد مراسليها رفقة الجيش الإسرائيلي على طول أجزاء هذا الطريق.

وشوهدت في الفيديو المصور الذي أعدته القناة مركبات بناء الطرق وحفارات تستعد لشق ومد أقسام جديدة من هذا الطريق.

ما هي الاستخدامات المحتملة للطريق؟

يقول محللون في شركة جانيس Janes، المتخصصة في الاستخبارات الدفاعية، إن نوع سطح الطريق غير الممهد الذي شوهد في لقطات القناة الإسرائيلية الـ14، يناسب المركبات المدرعة المجنزرة.

ولم يتحدث الجيش الإسرائيلي عن تفاصيل من هذا النوع في بيانه. وأضاف "كجزء من العملية البرية، يستخدم الجيش طريقا عملياتيا للمرور".

وشدد الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، الجنرال جاكوب ناجل، على الاعتبارات الأمنية المتعلقة بالطريق.

وقال لبي بي سي "سيساعد هذا الطريق إسرائيل على الدخول والخروج، لأن إسرائيل ستكون لديها الدفاع الكامل والأمن والمسؤولية عن غزة".

ووصفه بأنه "الطريق الذي يفصل الجزء الشمالي عن الجزء الجنوبي".

وأضاف: "لا نريد أن ننتظر حتى يظهر التهديد".

وقد شاركه في وجهة نظره اللواء السابق في الجيش الإسرائيلي، يعقوب عميدرور.

وأضاف أن الغرض الأساسي من الطريق الجديد هو "تسهيل السيطرة اللوجستية والعسكرية على المنطقة".

وقال جاستن كرامب، الضابط السابق في الجيش البريطاني، والذي يدير شركة سايبلاين Sibylline، التي تعمل في مجال استخبارات المخاطر، إن الطريق الجديد مهم.

وأضاف "يبدو بالتأكيد أن هذا الطريق هو جزء من استراتيجية طويلة المدى تتمثل في الحصول على الأقل على شكل من أشكال التدخل الأمني والسيطرة في قطاع غزة".

وأوضح كرامب أن "هذه المنطقة تفصل مدينة غزة عن جنوب القطاع، ما يجعلها خط مراقبة فعالا لرصد الحركة أو الحد منها، كما أن بها مجالات مفتوحة نسبيا لإطلاق النيران".

ويعتقد خالد الجندي، أحد كبار الباحثين في معهد الشرق الأوسط في الولايات المتحدة، أن الطريق مشروع طويل الأمد.

وقال لبي بي سي: "يبدو أن الجيش الإسرائيلي سيبقى في غزة لأجل غير مسمى".

وأضاف الجندي، الذي يشغل منصب مدير برنامج فلسطين والشؤون الفلسطينية الإسرائيلية في المعهد: "من خلال تقسيم غزة إلى نصفين، لن تسيطر إسرائيل على ما يدخل إلى غزة ويخرج منها فحسب، بل ستسيطر أيضا على الحركة داخل غزة".

وأكد أن ذلك "سيشمل على الأرجح منع 1.5 مليون فلسطيني نازح في الجنوب من العودة إلى منازلهم في الشمال".