عقب الهجوم الأخير المنسوب لإسرائيل على محافظة أصفهان الإيرانية، قال مسؤولون إيرانيون إن منشآتهم النووية "آمنة". وتتضمن تلك المنشآت محطة نطنز لتخصيب اليورانيوم، وهي أشهر منشأة نووية إيرانية والتي تقع في أصفهان، بينما تتم عملية تحويل اليورانيوم في منطقة زردينجان جنوب شرق المدينة.
وأشارت التقارير الأولية لوكالة أنباء فارس الإيرانية عن الهجمات المنسوبة لإسرائيل صباح الجمعة إلى سماع "ثلاثة انفجارات" بالقرب من قهجافا فارسان، بالقرب من مطار أصفهان وقاعدة شكاري الجوية التابعة للجيش، في حين قال المتحدث باسم وكالة الفضاء الإيرانية إن "عدة طائرات مُسيرة قد تم تدميرها" .
وتعد أصفهان أيضًا موطنًا لقاعدة جوية إيرانية رئيسية تضم الأسطول الإيراني القديم من طائرات إف 14 توماهوك الأمريكية الصنع، والتي تم شراؤها قبل الثورة الإسلامية عام 1979. وأشارت بعض التكهنات الأولية إلى أن منشأة الرادار في القاعدة ربما كانت الهدف المقصود للهجوم.
الاتفاق النووي الإيراني: هل يحسم صراع القوى داخل إيران مصيره؟
الملف النووي الإيراني: طهران تقول إن الحادث الذي وقع في منشأة نطنز "عمل إرهابي"
لكن ماذا نعرف عن منشأة نطنز النووية في أصفهان؟
تمتلك إيران عددا من المنشآت والمواقع النووية الداخلة في تنفيذ برنامجها النووي الطموح، من أمثال: مفاعل أراك لإنتاج الماء الثقيل ومحطة بوشهر النووية ومنجم غاشين لليورانيوم ومحطة أصفهان لمعالجة اليورانيوم ومنشاة فوردو لتخصيب اليورانيوم في محافظة قم وموقع بارشين العسكري ومنشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم.
وفي عام 2002 كشفت المعارضة الإيرانية النقاب عن منشأة نطنز النووية، والتي تقع على بعد حوالي 225 كيلومترًا جنوب طهران.. وتعد محطة نطنز لتخصيب الوقود أكبر منشأة طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم في إيران. وتعمل المحطة في تخصيب اليورانيوم منذ فبراير/شباط 2007.
وتتكون المنشأة من ثلاثة مبانٍ كبيرة تحت الأرض، قادرة على تشغيل ما يصل إلى 50 ألف جهاز طرد مركزي. ويتم ضخ غاز سداسي فلوريد اليورانيوم في أجهزة الطرد المركزي، التي تفصل معظم النظائر الانشطارية لليورانيوم 235.
وتمتد المنشأة، التي تتمتع بحماية البطاريات المضادة للطائرات والأسوار والحرس الثوري شبه العسكري الإيراني، على مساحة 2.7 كيلومتر مربع في الهضبة الوسطى القاحلة في البلاد.
وأكد تحليل العينات البيئية المأخوذة من المحطة وغيرها من التجارب التي أجرتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية في نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2014 أن المنشأة كانت تستخدم لإنتاج اليورانيوم المنخفض التخصيب. ومن جانبها، تنفي الجمهورية الإسلامية أنها تسعى للحصول على أسلحة نووية.
وقد كُشف النقاب في العام الماضي عن أن إيران قامت بالحفر في جبل كوه إي كولانج غاز لا، أو "جبل الفأس"، الذي يقع خلف سياج نطنز الجنوبي مباشرةً.
وتكشف مجموعة مختلفة من الصور التي حللها مركز جيمس مارتن لدراسات منع انتشار الأسلحة النووية، أنه تم حفر أربعة مداخل في سفح الجبل، اثنان منها في الشرق ومدخلان آخران في الغرب ويبلغ عرض كل منها 6 أمتار وارتفاعها 8 أمتار لإقامة منشأة جديدة في نطنز.
ويقول الخبراء إن حجم مشروع البناء يشير إلى أن إيران من المحتمل أن تكون قادرة على استخدام المنشأة الموجودة تحت الأرض لتخصيب اليورانيوم أيضًا، وليس فقط لبناء أجهزة الطرد المركزي.
وقال الباحثون الذين حللوا أعمال النفق: “سيكون التدمير باستخدام الأسلحة التقليدية أصعب بكثير، مثل القنبلة الخارقة للتحصينات”.
ومن المرجح أن تكون منشأة نطنز الجديدة تحت الأرض على عمق أكبر من منشأة فوردو الإيرانية، وهو موقع آخر للتخصيب تم الكشف عنه في عام 2009 من قبل الولايات المتحدة وقادة العالم الآخرين. وأثارت تلك المنشأة مخاوف في الغرب من أن إيران تعمل على تشديد برنامجها من خلال الضربات الجوية.
هذه المنشآت تحت الأرض دفعت الولايات المتحدة إلى تصنيع قنبلة جي بي يو57، التي يمكن أن تحفر ما لا يقل عن 60 مترًا تحت الأرض قبل أن تنفجر.
هجمات ضد منشأة نطنز
في نيسان/أبريل من عام 2021 أعلنت إيران أن منشأة نطنز النووية تعرضت إلى "عمل إرهابي نووي"، وتوعد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف برد انتقامي على الهجوم استهدف المنشأة، موجها أصابع الاتهام إلى إسرائيل.
وكان مسؤولون إيرانيون قد أعلنوا أن المنشأة تعرضت إلى خلل أصاب شبكة الطاقة الكهربائية فيها.
ولم تعلن إسرائيل مسؤوليتها عن الحادث بشكل رسمي، لكن وسائل إعلام إسرائيلية أشارت إلى أن الحادث هو نتاج هجوم إلكتروني "سيبراني" إسرائيلي.
وقد وقع ذلك الهجوم عقب تدشين أجهزة طرد مركزي جديدة في المنشأة وذلك في حفل بث على الهواء مباشرة على التلفزيون الرسمي.
وتعد أجهزة الطرد المركزي ضرورية لإنتاج اليورانيوم المخصب، الذي يمكن استخدامه في تصنيع وقود المفاعلات النووية.
وسبق لهذه المنشأة أن تعرضت إلى عدد من الحوادث والهجمات، من بينها حريق اندلع في عام 2020 ، وادعت السلطات الإيرانية حينها أنه نجم عن عملية تخريب "سيبرانية" أيضا.
وفي عام 2010 تعرضت المنشأة إلى جانب منشآت نووية إيرانية أخرى إلى هجمات إلكترونية "سبرانية".
وقد أدخل في هذه الهجمات برنامج فيروسي مُعقد يحمل الاسم المشفر "ستوكسنت" إلى أجهزة الكمبيوتر التي تتحكم في أجهزة الطرد المركزي الإيرانية لتخصيب اليورانيوم في منشأة نطنز ما تسبب في إحداث فوضى والتسبب في خروج أجهزة الطرد المركزي عن نطاق السيطرة.
وبالفعل، تم استهداف مفاعل نطنز بفيروس ستوكسنت، الذي يُعتقد أنه من صنع إسرائيل وأميركا، والذي دمر أجهزة الطرد المركزي الإيرانية. ويُعتقد أيضًا أن إسرائيل قتلت علماء مشاركين في البرنامج، وقصفت منشآت بطائرات بدون طيار تحمل قنابل وشنت هجمات أخرى. ورفضت الحكومة الإسرائيلية التعليق.
ويقول الخبراء إن مثل هذه الأعمال التخريبية قد تدفع طهران إلى الاقتراب أكثر من القنبلة النووية، وتضع برنامجها في عمق الجبل حيث قد لا تتمكن الضربات الجوية والمزيد من التخريب والجواسيس من الوصول إليه.
وقال دافينبورت، خبير منع الانتشار النووي: "إن دفع البرنامج النووي الإيراني إلى مزيد من السرية يزيد من خطر الانتشار النووي”.
وفي عام 2010 تعرضت المنشأة إلى جانب منشآت نووية إيرانية أخرى إلى هجمات إلكترونية "سبرانية".
وقد أدخل في هذه الهجمات برنامج فيروسي مُعقد يحمل الاسم المشفر "ستوكسنت" إلى أجهزة الكمبيوتر التي تتحكم في أجهزة الطرد المركزي الإيرانية لتخصيب اليورانيوم في منشأة نطنز ما تسبب في إحداث فوضى والتسبب في خروج أجهزة الطرد المركزي عن نطاق السيطرة.
التعليقات