إيلاف من الصويرة: أدان رئيس الحكومة الإسبانية الأسبق،خوسي لويس رودريغيز ثاباتيرو،الجمعة،بمدينة الصويرة المغربية، ممارسات إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

وشدد ثاباتيرو، في معرض مداخلة تمهيدية، في افتتاح الدورة الحادية عشر لمنتدى حقوق الإنسان، المنظم ضمن البرنامج العام لمهرجان "كناوة وموسيقى العالم"، يتمحور موضوعها حول "المغرب وإسبانيا والبرتغال: تاريخ بمستقبل واعد"، على أنه ليس هناك مبرر أخلاقي وقانوني للممارسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، وشدد على أننا "لا يمكن أن نتحدث عن عالم يتوق نحو السلام إن لم يعترف هذا العالم بحقوق الشعب الفلسطيني في دولة يعيش فيها بسلام". وأضاف أن "هناك أبرياء يموتون"، مشيرا إلى أن ما يشهده العالم يعد صفحة سوداء في تاريخ البشرية، وأنه لا أحد من الأجيال السابقة كان يتصور ما يحدث اليوم.

جانب من منتدى الصويرة

ودعا ثاباتيرو إلى شجب الحروب، مشيرا إلى أن هناك من يدعمها. وأضاف: "ما إن خرجنا من جائحة (كورونا)، حتى دخلنا في حروب شعواء. علينا أن نستخلص الدروس من الأزمة الصحية التي ضربت العالم، ومن أزمات أخرى، على غرار أزمة المناخ". وشدد على أن "التفاهم يبقى حجر الزاوية لتحقيق السلام. للأسف، لم نستخلص العبر من أزمة (كوفيد). هناك توجه نحو الذاتية والانعزالية، ونحن في لحظة تاريخية تقتضي الدفاع عن حقوق الإنسان وتحقيق التنمية المستدامة".

ورأى ثاباتيرو أن تطور التكنولوجيا، بما في ذلك ما يطرحه مستجد الذكاء الاصطناعي، لم يواكبه، مع الأسف، تطور في سبيل السلام العالمي، وتساءل: "لماذا الذكاء الاصطناعي، إذا كانت البشرية تنحو نحو الحروب؟". وأضاف: "علينا أن نعمل في سبيل مستقبل للعالم على مستوى الصحة والتعليم وقضايا الأطفال والمرأة؛ وأن نستعمل نعمة العقل".

ودعا ثاباتيرو إلى التآزر والاحترام، وأضاف: "لا أحد أحسن من الآخر. حين نؤمن بمثل هذه القناعة ننفي الآخر ونفتح باب التصادم والمواجهة معه".

وخاطب ثاباتيرو "القوى الكبرى"، قائلا: "التواضع. التواضع أيتها الدول الكبرى. تواضع القوي والكبير دليل تطور، والعنجهيةوالاستعلاء لا تعني التطور. بالتواضع نتجاوز الإديولوجيات".وأضاف: "يتوجب علينا أن ننبذ النرجسية وحب الذات، فالأنانية تدمر المجتمعات والأفراد".

ودعا ثاباتيرو إلى قراءة التاريخ باستمرار، مشددا على أنه يبين لنا أن "الحوار والتعارف والتآزر والاحترام بين الحضارات والثقافات والشعوب والديانات والأوطان أحسن طريق نحو السلام".

وتحدث ثاباتيرو عن أوروبا،فقال إنها تنتهج سياسة الدفاع عن النفس حيال الصين، مثلا. وتساءل "كم مرة سنمر عبر التاريخ لنفهم ما يقع"، مشددا على أن "الحروب التجارية تفتح الباب أمام حروب أخرى".

وتحدث ثاباتيرو عن التنظيم المشترك لمونديال 2023، بين المغرب وإسبانيا والبرتغال، فدعا إلى الاستثمار في هذا الحدث الكروي، حتى يكون موعدا للسلام والتعاون والشراكة بين البلدان الثلاثة.وقال إن إسبانيا والمغرب جاران صديقان، بحكم التاريخ والجغرافيا، مشيرا إلى أن العلاقات المغربية - الإسبانية مثال بليغ للتعاون والتفاهم والتعايش، ينبغي تقديمه للعالم.

وتحدث ثاباتيرو، في هذا الصدد، عن علاقته بالمغرب، فقال: "حين أصل إلى المغرب أشعر بحفاوة الاستقبال، كأني في بلدي".

وانطلقت أشغال المنتدى بكلمتين ترحيبيتين لكل من نائلة التازي، مديرة ومنتجة مهرجان "كناوة"، وادريس اليزمي، رئيس مجلس الجالية المغربية بالخارج.

وقالت التازي إن موضوع دورة هذه السنة من المنتدى، يتعلق بحدث مهم وفرصة لبناء مشروع مشترك إلى جانب بلدين صديقين. وشددت على أن الموعد المرتقب أكثر من بنية تحتية وملاعب تستقبل اللاعبين والجمهور، حيث أن الأمر يتعلق برهان إنساني يتعين إنجاحه، يهم تطوير العلاقة داخل الحوض المتوسطي وعبر العالم.

من جهته، قال اليزمي إن هناك الكثير مما يتعين القيام به بين ثلاثة شعوب وبلدان، مستحضرا، في هذا الصدد، تاريخ العلاقة التي جمعت بين المغرب وإسبانيا والبرتغال، وهي علاقة قال إنها شهدت في بعض محطاتها لحظات من عدم الفهم ومن الصراع.

وتهدف دورة هذه السنة من منتدى حقوق الإنسان، الذي ينظم بشراكة مع مجلس الجالية المغربية بالخارج، إلى مقاربة واستكشاف العلاقات الغنية والمعقدة التي تربط بين المغرب وإسبانيا والبرتغال، على بعد سنوات قليلة من الحدث التاريخي المهم المتمثل في تنظيمهم المشترك لدورة كأس العالم لسنة 2030، من خلال طرح ومناقشة مواضيع لها علاقة بالتاريخ المشترك لهذه البلدان الثلاثة، ومكانة ودور الجاليات، والهجرة والتنقلات البشرية، وتأثير تنظيم مونديال 2030 على مسألة الجوار.

ويرى المنظمون أن تنظيم المغرب وإسبانيا والبرتغال دورة لكأس العالم في كرة القدم، ضمن ترشيح موحد، "يعد دليلا قويا على الروابط المتينة التي تجمع البلدان الثلاث منذ أزيد من ألف سنة، طبعتها تدفقات إنسانية واقتصادية وثقافية متفاوتة حسب الظروف والأحداث، دون أن تعرف انقطاعا أو توقفا. وبالمقابل، لم تكن هذه العلاقات دائما مثالية وخالية من المشاحنات والصراعات من كل نوع".

بالنسبة لمنظمي المنتدى، يشكل تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية بين المغرب وإسبانيا والبرتغال، والتنظيم المشترك لكأس العالم، "تقدما حقيقيا وفرصا ثمينة سانحة ومعينة على تقوية الحوار والتعاون. كما أن التحديات والمتغيرات التي تواجه الدول الثلاث تغيرت من حيث طبيعتها، متطلبة قدرًا أكبر من الإبداع والتفاهم والاحترام المتبادل".

ويطرح المنتدى جملة من الأسئلة، تتوزعها ثلاث موائد مستديرة موضوعاتية - أولاها "رياضة، فن وثقافة.. مصيرنا المشترك"، وثانيها "ألف سنة من التاريخ المشترك، ماذا تبقى منها؟"، وثالثتها "التحركات الإنسانية، الاقتصاد، الجاليات.. قصص جوار"- يجتمع خلالها مثقفون وفاعلون سياسيون واقتصاديون ونقابيون من البلدان الثلاثة، من قبيل: ما هي الآثار المتوقعة للتنظيم المشترك لكأس العالم لكرة القدم على مستقبل العلاقات بين الدول الثلاث؟ وأي دور للمجتمع المدني وللمثقفين وللفنانين وللرياضيين؟ كيف تتطور التدفقات الإنسانية بين الدول الثلاث؟ ما هي تمثلات الجاليات الثلاثة للمنفى والمجتمع والوطن؟