قطاع غزة (الاراضي الفلسطينية): يحلم يوسف جابر باحتساء الشاي بالنعناع ويُفضله حلو المذاق، لكن تحقيق هذه الأمنية في غزة من سابع المستحيلات، بعد أن أنهك الجوع والعطش سكانها النازحين مراراً وتكراراً هرباً من الموت والدمار.

في مخيم جباليا للاجئين، يقول يوسف جابر البالغ من العمر 24 عاماً "لم يعد الطعام متوفراً في شمال قطاع غزة" الذي يتعرض لقصف اسرائيلي متواصل منذ تسعة أشهر.

ويضيف "لا يصلنا سوى الطحين والمعلبات ... ليس لدينا خضار نطبخها أو لحم نأكله. نحن نعاني من مجاعة حقيقية".

ويؤكد خبراء حقوقيون أمميون هذا الواقع المؤلم متهمين إسرائيل بشنّ "حملة تجويع متعمّدة وموجّهة" ضد "الشعب الفلسطيني".

وقال الخبراء المعيّنون من قبل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لكن لا يتحدثون باسم الأمم المتحدة إن الحملة "شكل من أشكال عنف الإبادة وأدّت إلى مجاعة في جميع أنحاء غزة" ما تسبب في وفاة أطفال.

ونددت بعثة إسرائيل إلى الأمم المتحدة في جنيف على الفور ببيان الخبراء الأممين، واتهمتهم بنشر معلومات "مضللة".

اتهمت حركة حماس الثلاثاء إسرائيل "بمنع دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة منذ 64 يوما، الأمر الذي قد يؤدي إلى ارتفاع عدد الوفيات بسبب الجوع، خاصة بين الأطفال"، داعية المجتمع الدولي إلى التحرك.

"حياة مخزية ومذلة"
وبعيدا عن هذا التراشق الدبلوماسي، أشار جابر إلى الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية القليلة التي ما زالت متوفرة، مثل السكر الذي صار بضاعة فاخرة ووصل سعر الكيلو منه إلى 100 شيكل (25 يورو).

وطار حلمه باحتساء "كوب شاي بالنعناع"، موضحاً "لا يوجد غاز لنسخن الماء، ولا نعناع، أما السكر فهو باهظ الثمن".

ويضيف بأسف "حياتنا مخزية ومذلة".

حذر المجلس النروجي للاجئين الثلاثاء من أن الفلسطينيين في قطاع غزة يفتقرون إلى كل شيء، فهم يغتسلون بالمياه المالحة وسائل الجلي وتعترضهم "سلسلة من العقبات" في حياتهم اليومية لتأمين الاحتياجات الأساسية.

وقالت ميساء صالح، مسؤولة الشؤون الإنسانية للمجلس في دير البلح، إن "الناس، بسبب ضغوط الحياة اليومية الشديدة، يفقدون تدريجياً قدرتهم على الصمود ... لدرجة أن الكثيرين ما عادوا يتذكرون ما كانوا عليه" قبل الحرب.

ويضاف إلى ذلك حركة النزوح المستمرة، مع مواصلة لجيش الإسرائيلي هجومه البري على مدينة غزة الثلاثاء وسط القصف المدفعي والبحري والغارات الجوية، مما دفع عشرات الآلاف من الفلسطينيين إلى الفرار، بحسب الأمم المتحدة.

الأسبوع الماضي، قدرت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في غزة سيغريد كاغ أن 1.9 مليون شخص، أي 80% من السكان، نزحوا بسبب الحرب، عدة مرات.

"ما ذنبنا؟"
وحتى في دير البلح التي طُلب من السكان النزوح إليها، لا يوجد أي مكان آمن، وتؤكد الأمر رندة بارود التي كانت عائلتها تقوم الثلاثاء بإزالة أنقاض منزلها الذي دمرته غارة إسرائيلية.

وقالت لوكالة فرانس برس "سمعنا دوي التفجيرات وصراخ الأطفال، نحن أبرياء، هرعنا إلى الشارع"، في حين كان الأطفال يبحثون بين الأنقاض عما يمكن استخدامه من صحون وادوات مطبخ.

وتساءلت "ما ذنبنا؟ لماذا لا يتدخل العالم".

اندلعت الحرب في 7 تشرين الأوّل (أكتوبر) بعد هجوم غير مسبوق شنّته حماس على جنوب إسرائيل أسفر عن 1195 قتيلاً معظمهم مدنيّون، وفق تعداد لفرانس برس يستند إلى أرقام إسرائيليّة رسميّة.

ردت اسرائيل متعهّدة القضاء على حماس وأدّى الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزّة حتّى الآن إلى مقتل 38243 شخصًا على الأقلّ غالبيّتهم مدنيّون بحسب وزارة الصحة في حكومة حماس.