سعى الديمقراطيون أمس الأربعاء، وخلال أسبوع مصمم للاحتفال بنجاحات الحزب، إلى مواجهة واحدة من أكبر نقاط ضعفهم السياسية.

إذ حاول المتحدثون في المؤتمر الوطني الديمقراطي تغيير السيناريو بشأن انتقادات الجمهوريين لسجلهم في الهجرة لصالحهم، فأشادوا بجهود إدارة بايدن، ووصفوا كامالا هاريس بأنها "صلبة كالحديد" في هذه القضية.

وما دفعهم إلى ذلك هو أن دونالد ترامب وحلفاءه الجمهوريين جعلوا من مسألة الحدود نقطة محورية لانتقاداتهم لهاريس، ووصفوها بأنها "حاكمة حدود فاشلة".

وتقول الأرقام إن هناك أعدادا قياسية من المهاجرين احتجزوا على الحدود خلال إدارة بايدن، كما انخفض عدد حالات العبور غير القانونية الآن وعلى مدى خمسة أشهر متتالية.

وعزا الديمقراطيون الانخفاض إلى الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الإدارة للحد من الهجرة غير الشرعية، ومن ذلك الأمر التنفيذي الذي وقعه الرئيس جو بايدن في يونيو/حزيران، والذي يسمح لمسؤولي الهجرة في الولايات المتحدة بترحيل المهاجرين دون النظر في طلبات اللجوء الخاصة بهم.

وأظهر استطلاع حديث للرأي أجرته شبكة سي بي إس، شريكة بي بي سي في الولايات المتحدة، أن 48 في المئة من الناخبين المحتملين يعتقدون أن حالات العبور سترتفع إذا فازت هاريس. وقالت الغالبية العظمى – وقدرها 72 في المئة - إنهم يعتقدون أنها ستنخفض تحت حكم ترامب.

وتصدرت القضية المؤتمر الوطني الديمقراطي أمس الأربعاء، حين دافع العديد من المتحدثين عن سجل هاريس، وانتقدوا الرئيس السابق لوقوفه في طريق صفقة أمن الحدود الحزبية، التي انهارت في الكونغرس في وقت سابق من هذا العام.

وقال عضو الكونغرس عن نيويورك، توم سوزي، الذي دعا إلى قوانين أكثر صرامة لأمن الحدود واللجوء: "دعونا نكون واضحين، الحدود مكسورة".

وسعى سوزي وغيره من الديمقراطيين إلى إظهار تحول الحزب نحو موقف أكثر صرامة من الهجرة في قضية تعد واحدة من أكبر نقاط ضعفهم السياسية، مرددين بذلك انتقادات يوجهها الجمهوريون عادة لسياسة بايدن في القضية.

وأضاف سووزي أن هاريس "تقبل بسعادة التحدي للعمل عبر الخطوط الحزبية، لتأمين الحدود، ومعاملة الناس باعتبارهم بشرا".

واستهدفت حملة ترامب كامالا هاريس لدورها في سياسة الهجرة التي تنتهجها الإدارة، وهاجمتها واصفين إياها بـ"حاكمة حدود" فاشلة، بصفتها نائبة للرئيس. وكانت إحدى المهام الدبلوماسية المبكرة التي أسندها لها بايدن هي معالجة الظروف الاقتصادية التي تدفع موجة المهاجرين من أمريكا الوسطى إلى الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك.

وقال السناتور عن ولاية كونيتيكت، كريس مورفي، المفاوض الديمقراطي الرئيسي الذي ساعد في التوسط في الإجراء الذي فشل في الكونغرس في فبراير/شباط، إن هاريس كانت "صارمة كالحديد" بشأن الهجرة غير الشرعية، وردت على اتهامات الجمهوريين بأنها "فتحت الحدود" للهجرة غير الخاضعة للرقابة.

وأضاف: "تعرف كامالا هاريس أننا يمكن أن نكون أمة المهاجرين وقوانين الهجرة. لهذا السبب ستعيد للكونغرس، عندما تصبح رئيسة، مشروع قانون الحدود هذا، وتعمل على إقراره".

وألقى السيناتور باللوم بشكل واضح على ترامب في مشاكل الهجرة في البلاد.

وقال مورفي: "لقد قتل ترامب مشروع القانون هذا لأنه كان يعلم أنه إذا أصلحنا الحدود، فسوف يفقد قدرته على تقسيمنا، وقدرته على تأجيج نيران الخوف، بشأن من يأتون من أماكن مختلفة".

وردد تعليقات مورفي أيضا ممثل كاليفورنيا، بيت أغيلار، رئيس الكتلة الديمقراطية في مجلس النواب.

ولا يحتاج الناخبون، بحسب ما قاله أغيلار، إلى "الاختيار بين حدود آمنة وبناء أمريكا للجميع".

وأضاف: "لكن في عهد الرئيسة هاريس، سيمكننا، وسنفعل كلا الأمرين".

وفي وقت لاحق، عرض الديمقراطيون مقطع فيديو يسلط الضوء على سياسات الحدود الأكثر صرامة الموضحة في مشروع القانون، وكانت ستمول عملاء وتقنيات حدودية جديدة لمكافحة الاتجار بالفيتانيول.

بعض المهاجرين
Getty Images
أعداد قياسية من المهاجرين احتجزوا على الحدود خلال إدارة بايدن، لكن انخفضت حالات الاحتجاز على مدى خمسة أشهر متتالية قبل المؤتمر الوطني الديمقراطي

واقترح بعض المندوبين أن الهجرة ستكون قضية انتخابية ثانوية للعديد من الناخبين المنشغلين أكثر بالمخاوف اليومية - على الرغم من أن استطلاعات الرأي تظهر باستمرار أنها مصدر قلق كبير للكثيرين.

وقالت جولي جونسون، مندوبة تكساس وممثلة الولاية ومرشحة لمجلس النواب في واشنطن: "الهجرة بالتأكيد قضية مهمة. لكن هجرة الآخرين لا تؤثر في إمكانية ذهابهم إلى طبيب أو تحمل تكلفة منزل، أو عدم قدرتهم، أو إن كان لديهم وظيفة جيدة الأجر".

أما الآخرون فكانوا أكثر حذرا.

وقال النائب الديمقراطي عن ولاية إلينوي جوناثان جاكسون - نجل ناشط الحقوق المدنية الشهير جيسي جاكسون - لبي بي سي إن هناك عملا لا يزال يجب القيام به، وأنه يأمل في أن تبذل هاريس المزيد من الجهود لمعالجة هذه القضية على الفور إذا فازت.

وقال جاكسون، الذي زعم أن المجتمعات الملونة التي تعاني من الكساد الاقتصادي تتحمل العبء الأكبر من أي تدفق للمهاجرين: "سيتعين علينا التعامل مع قضايا المهاجرين هذه. لا ينبغي للناس مغادرة مساكنهم بدون ملابس أو ماء أو نقود. ولكن إذا كانت الظروف لا تطاق، فعليهم تركها".

وأضاف: "أعتقد أنها يجب أن تتعامل مع القضية من اليوم الأول".

مهاجرون
BRANDON DRENON/BBC NEWS
بينما كان الساسة يتحدثون في المؤتمر الوطني الديمقراطي عن الهجرة، كان المهاجرون - ومعظمهم من فنزويلا - يتجولون في الملاجئ على بعد أميال قليلة

في شوارع شيكاغو - المدينة الزرقاء التي شهدت عشرات الآلاف من المهاجرين الوافدين على مدى العامين الماضيين - قال العديد من السكان إنهم متعاطفون مع المهاجرين، حتى لو كان البعض قلقا من أنهم يشكلون عبئا على الموارد المحلية.

ويقول نعمان مارتن، وهو مسن مقيم في شيكاغو، ويعتزم التصويت لهاريس "الحكومة قدمت الطعام، ووفرت السكن، والملابس، لكن بالنسبة إلى المشردين، فإنهم يدعون أنهم لا يستطيعون فعل أي شيء".

ويضيف: "هذا هو الحال، إنها ليست قضية تصويت بالنسبة لي".

وقالت ألكسندرا ويليس، وهي صاحبة متجر في الـ29 من العمر ومؤيدة لهاريس، إنها "تتعاطف كثيرًا" مع المهاجرين وتتمنى أن يكون أمامهم مسالك قانونية للوصول إلى البلاد.

وأضافت: "وفدوا إلى هنا من بلد آخر، إنهم موهوبون للغاية. كنت سأوظفهم، لكنني لا أستطيع ذلك من الناحية القانونية".

وأعرب المهاجرون عن إحباطهم من أن رحلاتهم الصعبة إلى الولايات المتحدة أصبحت صاعقة سياسية.

ومع انطلاق فعاليات المؤتمر الوطني الديمقراطي هذا الأسبوع، تجمع عشرات المهاجرين، ومعظمهم من الفنزويليين، في ملجأ على بعد أميال قليلة، في انتظار المتطوعين لتوزيع الوجبات الخفيفة المتبرع بها، بينما كان الساسة القريبون يناقشون السياسات التي قد تحدد مصيرهم في النهاية".

وبالرغم من أن المهاجرين المقيمين هناك حاليا لا يدركون الاتفاقية الجارية إلا بشكل غامض، فإنهم على دراية كبيرة بالهجرة والحدود ومفاهيم "جريمة المهاجرين" التي لها دور بارز في المناقشات السياسية الأمريكية.

وقالت يليتزا، وهي أم فنزويلية لأربعة أطفال فرت من بلدها بعد مقتل ابن آخر لها أثناء مشاركتها في مسيرة احتجاجية، إنها تشعر بأن المهاجرين يتعرضون لشيطنة غير عادلة من السياسيين، الذين لا يفهمون الأسباب التي دفعت العديد منهم إلى مغادرة بلدانهم للقيام برحلة محفوفة بالمخاطر للغاية إلى الولايات المتحدة.

وأضافت: "كانت الرحلة صعبة للغاية. الغابة، المجرمون في المكسيك. أراد أعضاء الكارتل اغتصاب ابنة أختي. لقد قمت بالرحلة مع أربعة أطفال صغار".

وقالت: "نحن لسنا هنا لأننا نحب ذلك، أو لأنني أريد ذلك. يجب على الجميع أن يفهموا هذا. بلدي في وضع فادح. لقد أتينا إلى هنا فقط لتأمين مستقبل جيد لأطفالنا".