إيلاف من الرباط: توفي الليلة الماضية بالدار البيضاء، بلعيد بويميد، قيدوم الصحافيين الرياضيين المغاربة، وذلك بعد صراع طويل مع المرض.
ويعد بويميد من الوجوه التي طبعت المشهد الإعلامي المغربي عامة، والرياضي منه بشكل خاص.
بدأ بويميد مسيرته المهنية سنة 1975 بعد عودته من فرنسا، فاشتغل كصحافي ورسام كاريكاتير في صحيفتي "البيان" الناطقة بالفرنسية و"بيان اليوم" بالعربية. كما قدم على مدى عقود تحليلاته في العديد من القنوات والمحطات الإذاعية، بخصوص مستجدات الساحة الرياضية الوطنية، هو الذي عرف عنه إلمامه واهتمامه بالشأن الثقافي، وعشقه للقراءة والكتابة.
بلعيد بويميد
وكتب المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والاتصال المغرب ، في نعي الراحل: "تلقيت ببالغ الأسى والحزن، نبأ وفاة قيدوم الصحافيين الرياضيين المغاربة، وأحد أبرز الإعلاميين ببلادنا". وأضاف: "فقدنا شخصية كبيرة في عالم الصحافة والثقافة، كان رحمه الله من الأعمدة البارزة بثقافته الواسعة، وتجربته الكبيرة، وما خلفه من إرث للجيل الحالي، فالسي بلعيد كان مكونا لعدد كبير من الصحافيين، ومثل المغرب أحسن تمثيل في عدد كبير من التظاهرات الرياضية على الصعيد العالمي وكان حضوره دائما متميزا على الساحة الرياضية الوطنية".
وشدد بنسعيد على أن بويميد تميز ب"أسلوب متميز، في الكتابة، والتحليل، فضلا عن رسوماته الكاريكاتيرية التي كانت تعكس الأحداث الوطنية بروح نقدية ساخرة". وأضاف: "إنها خسارة كبيرة ورزء فادح لبلادنا".
وتفاعل كثيرون مع وفاة بويميد، بالشكل الذي أكد بصمته على مستوى المشهد الإعلامي والتقدير الذي يحظى به من طرف مختلف المتدخلين في المجال الرياضي، لاعبين ومسيرين ورياضيين.
هنا بعض مما غص به موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" من كلمات نعي وعبارت حزن في حق بلعيد بويميد، من طرف عدد من الصحافيين.
القلم والريشة
كتبت الصحافية صباح بنداود: "بلعيد، القلم والريشة، تحركتا عبر أزمنة حكاية الوطن من خلال الصفحة الأولى لجريدة "البيان" بالفرنسية حيث كانت رسوماته الكاريكاتورية خير معبر عن حركية هذا الوطن، في الشأن الرياضي جعل منه شأنا كبيرا بحضوره الوازن، قامة في رؤيته وقراءته لوضعنا الرياضي، تواضع الكبار، قلم واقعي ونظيف.. اسم وضع قواعد النقد والتحليل الرياضي على أسس صحيحة وكان من رجالاته الكبار وسيظل كذلك. ليس سهلا أن تقوم بتطويع القلم والريشة .. فعلها بلعيد بويميد. كان لي معه حوار اذاعي خارج الشأن الرياضي .. متعة ما بعدها متعة".
حرف يعانق الصورة
بدوره ، كتب الصحافي بدر الدين الإدريسي: "بعميق الأسى والحزن، تلقيت نبأ وفاة زميل عزيز وإعلامي قدير وقلم جبار ترك في الموروث الصحافي الرياضي المغربي ما لا يتسع المجال لسرده، الراحل عنا المرحوم بلعيد بويميد الذي أسلم ليلة الإثنين 23 سبتمبر الروح لبارئها بعد معاناة طويلة مع المرض، وبعد عمر خاض خلاله مع جيلي العديد من النضالات لتتبوأ الصحافة الرياضية المكانة التي تستحق في المشهد الإعلامي الوطني. كان الفقيد فارسا لا يشق له غبار في قوة الكلمة وجمالية المعنى وعمق الدلالة، وكان بتقن العديد من الفنون التعبيرية، فالكلمة عنده حرف يعانق الصورة، فيرتسم على الورق سحر المعنى. مع الراحل بلعيد بويميد كان لي سفر طويل في دروب الصحافة المتعبة والجميلة، وإن اختلفت بيننا الطرائق في التعبير أحيانا، كنا نجتمع على الصدق والغيرة وجسامة أمانة الكلمة والدفاع عن المهنة".
صحافة جادة
من جهته ، كتب الكاتب الصحافي نور الدين مفتاح: "تكاد تصبح هذه الصفحة ركن نعي من كثرة رحيل الزملاء والأحباء، ها هو الصديق القيوم بلعيد بويميديودع بعدما بصم على عنوان حياة صحافة جادة في فن الكاريكاتور وفي الصحافة الرياضية الحقيقية وكان مثقفا سمته الكبرياء، فاللهم ارحمه وأحسن مثواه واللهم ألحقنا به وبباقي الزملاء ونحن ناجين من هذه الجلبة الكبرى التي يعرفها قطاع صحافتنا والتي تزداد مع كل فقد لرائد من رواد صاحبة الجلالة. عزاؤنا واحد".
نبض الملاعب والسخرية
كتب الكاتب الصحافي المختار لغزيوي: "نعم يمكن أن تكون صحافيا رياضيا حقيقيا قادرا على التقاط نبض الملاعب بجماهيرها، وأن تكون فنان كاريكاتير قادرا على التقاط نبض السخرية والمبالغة فيها في كل ما يوجع من أجل إصلاح حال الناس، وأن تكون فنانا ذا ذوق راق تستمتع بالموسيقى والتمثيل وكل أنواع الإبداع، وأن تكون مجادلا بالكلمات في البرامج الحوارية تبهر من يجلسون معك حول طاولة النقاش، وأن تكون إنسانا مؤدبا قادرا على المشي برفق فوق الاختلافات التي يزل فيها الآخرون ويفجرون حين الخصومة. نعم يمكن أن تكون كل ذلك والمزيد حين يكون اسمك سي بلعيد بويميد الذي غادرنا (هو الآخر) هذه الليلة. الله يرحم الناس".
الرجل الطيب
كتب الكاتب الصحافي لحسن لعسيبي: "غادرنا فجر اليوم، الفنان الكاريكاتوري المغربي بلعيد بويميد، الذي كان أيضا مشاغبا نبيلا في مجال الصحافة الرياضية. "دا بلعيد"، فنان كاريكاتوري في المقام الأول، منح ليومية "البيان" بالفرنسية لعقود هوية بصرية متميزة من خلال رسومه الفنية الساخرة واللاذعة. كانت لغته هي الرسم. من آخر ما أحتفظ له به رحمه الله (نحن الذين حين كنا نلتقي لا نتكلم بيننا سوى بالأمازيغية تاشلحيت)، رسم خصني به كرأي منه حول كتابي "غنيمة حرب.. الطب الحديث بالمغرب"، يوم شرفني بحضوره في الاحتفاء الذي خصتني به إدارة مكتبة الملك عبد العزيز آل سعود بالدار البيضاء. كان رسما مشاغبا ينتصر للعطار على الفرملي (تعني: الممرض) .. ممهورا بتوقيع شخصيته الكاريكاتورية الدائمة "النسناس" المشاغب الذكي والحدق. رحمك الله أيها الرجل الطيب الكريم، صاحب النكتة التي بلا ضفاف، بانحناءة كتفك عنوانا على طيبة متأصلة. كثير من فضاءات الدار البيضاء ستفتقدك في ما بين شوارع لاجيروند، محمد الخامس، الجيش الملكي وكورنيش عين الذئاب. نعم قرير العين، فقد كنت طيبا وكنت مغربيا من الدق البلدي (بمعنى: مغربيا قحا)".
التعليقات