سيطر مقتل يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، على صفحات الرأي في عدد من الصحف الصادرة اليوم، وفيما يلي نحاول أن نستعرض بعضا منها.
نبدأ من جيروزاليم بوست التي نشرت افتتاحية بعنوان، "برحيل السنوار، خطوة إسرائيل القادمة يجب أن تكون حاسمة".
وقالت الصحيفة الإسرائيلية إن قتْل السنوار يعدّ إنجازا كبيراً لإسرائيل، بل إنه من أهم أهداف الحرب التي تشنها إسرائيل في قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023.
ونوهت إلى أن السنوار كان الوحيد الباقي على قيد الحياة من القيادات التي هندست هجمات السابع من أكتوبر، وذلك بعد أن قتلت إسرائيل مروان عيسى ومحمد الضيف وإسماعيل هنية.
ورأت الصحيفة أن إسرائيل تمكّنت بالفعل من إنجاز ما ظنّه كثيرون ضرباً من المستحيل؛ إذْ قضت على المسؤولين عن هجمات السابع من أكتوبر.
وقالت جيروزاليم بوست إن ثمة حاجة الآن إلى معرفة ما هي الخطوة التالية، لا سيما وأنّ الحرب لم تنته بعد؟
"عدوّ إسرائيل اللدود على مدار العام الماضي قد مات"
وأشارت الصحيفة إلى أن حماس لا تزال لديها عناصر مسلحة ولديها صواريخ تحت تصرّفها، ولا يزال هناك في قبضتها 101 رهينة إسرائيلية.
ولفتت إلى جماعة حزب الله اللبنانية "جيّدة التسليح والتي لا تزال تمثل تهديدا لإسرائيل". كما لفتت إلى جماعة أنصار الله الحوثية في اليمن والتي تمثل أيضا "تهديدا لإسرائيل"، فضلاً عن التهديد الماثل من جهة إيران والتي تدعم الأطراف السابق ذكرها.
وتساءلت جيروزاليم بوست عن الخطوة التالية، قائلة "هل تتمكن إسرائيل من البدء في استعادة الرهائن المختطفين من غزة؟ وهل تضغط من أجل إبرام صفقة أخرى لتبادل الرهائن بشروط مواتية؟ ثم هل يوجّه الجيش الإسرائيلي تركيزه إلى إيران أو الحوثيين؟"
ورأت الصحيفة الإسرائيلية أن هذه الأسئلة تحتاج إلى أجوبة عاجلة، قائلة إننا سننتظر لنرى أيّ طريق يريد حلفاؤنا - ولا سيما الولايات المتحدة- أن نشرع في سلوكه.
"أما الآن، فلنا أن نتعزّى بحقيقة أنّ عدوّ إسرائيل اللدود على مدار العام الماضي قد مات، وأن شيئا من العدالة قد تحقق لكل أولئك الذين فقدوا أعزّاء أو عانوا أهوالا منذ هجمات السابع من أكتوبر" بحسب جيروزاليم بوست.
"نقطة تحوّل في مسار هذه الحرب"
وننتقل إلى صحيفة واشنطن بوست، والتي نشرت افتتاحية بعنوان "كيف يمكن لمقتل قائد حماس أن يساعد في وضع نهاية للحرب؟"
ورأت الصحيفة الأمريكية أن السنوار مات على الطريقة التي عاش عليها: "مات موتة عنيفة".
ورجّحت أن يكون السنوار قد مات بالصدفة، بين عدد من رفقاء السلاح فوق الأرض في غزة، ولم يكن مختبئا تحت الأرض ومحاطاً بالرهائن على نحو ما وصفت تقارير عديدة.
ورأت واشنطن بوست أن مقتل السنوار على هذا النحو الدراماتيكي يوضّح، فيما يوضح، أن سيناريو الحرب - التي كانت شرارتَها هجماتُ السابع من أكتوبر- ربما لم يمضِ على النحو الذي تصوّره قادة حماس أو حلفاؤهم أو مَن يدعمهم.
واتهمت الصحيفة الأمريكية السنوار بأن على يديه دماء فلسطينية وإسرائيلية على السواء، مشيرة إلى مئات الضحايا الإسرائيليين في هجمات السابع من أكتوبر من جهة، ثم عشرات الآلاف من الضحايا الفلسطينيين في العملية الإسرائيلية التي جاءت رداً على هجمات السابع من أكتوبر، من جهة أخرى.
ورأت واشنطن بوست أنه بمقتل السنوار، إلى جانب قادة آخرين من حماس، يتحقق هدفٌ من أهداف إسرائيل المعلنة لحرب غزة، بما "يمكن أن يمثّل نقطة تحوّل" في مسار تلك الحرب.
"لكن الشيء الأقل وضوحاً حتى الآن هو ما إذا كان مقتل السنوار سيعجّل بوضع نهاية لهذا الصراع؟"
وأجابت الصحيفة قائلة: "بالتأكيد، يمكن لمقتل السنوار أن يساعد إذا قبِلت قيادات حماس المتبقية على قيد الحياة بعَرض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وهو: الاستسلام وتسليم الـ 97 رهينة المتبقية في غزة".
"لكن هذا شيء بعيد الاحتمال." حسبما رأت واشنطن بوست.
واستدركت الصحيفة الأمريكية بالقول: "على أنّ مقتل السنوار يمكن أن يقدّم فرصة لتجدُّد المحادثات بخصوص صفقة لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى"، لا سيما وأن تصلُّب السنوار طالما كان "عقبة صعبة" أمام التوصل لأي اتفاق، بحسب مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان.
"هذه فرصة سانحة ينبغي لنتنياهو أن يستغلها، وأن يقاوم في سبيل ذلك ميوله المتغطرسة وألا يستمع لنصائح أعضاء حكومته من اليمين المتطرف." بحسب ما أضافت واشنطن بوست.
ورأت الصحيفة أن الرئيس الأمريكي جو بايدن يجب أن يتابع في دفع إسرائيل باتجاه إبرام مثل هذه الصفقة مع حماس، وكذلك في اتجاه احتواء حرب الصواريخ مع إيران.
"هل جاء وقت الواقعية والعقلانية والتفكير بالغد؟"
ونختتم جولتنا من صحيفة الشرق الأوسط اللندنية، ومقال بعنوان "وماذا بعد قتل السنوار؟!" للكاتب السعودي مشاري الذايدي.
واستهل الذايدي بالقول: "أما وقد وصلت الآلة العسكرية الإسرائيلية إلى يحيى السنوار، الهدف الأول، منذ بداية هذه الحرب الرهيبة، في غزة، فقد أُسدل الستار على فصلٍ فاصل من كتاب حماس، لا بل من كتاب غزة، لا بل من كتاب فلسطين، لا بل من كتاب أو كتب الحرب والسلم في الشرق الأوسط الجريح".
وأضاف الذايدي: "السنوار، قطعة عضوية أصيلة من جسد حماس، ومناخ ولادتها؛ الرجل الذي ولد عام 1962 والتحق بجماعة الإخوان في شبابه، كان صاحب رؤية وخطة "جهادية"، أي أنه من أنصار الحل العسكري، وعلاقته بمكتب حماس السياسي، أي خالد مشعل وبقية "الحمائم" كما يُقال عنهم، هي التنسيق بين هؤلاء وبين جماعته، أي كتائب القسائم، ... ووصل لقمّة قوته داخل حماس، أو كان في الطريق إليها، بعدما أسّس، مع آخرين، وترأّس جهاز "مجد" الأمني، لحماية حماس وسلطتها".
وتابع الكاتب: "كان يُقال إن السنوار هو مَن يدير المفاوضات على هذه الحرب المدمرة على أهالي غزة، بل وفلسطين كلها ... وأنه هو - حصراً - من يملك قرار الحرب والسلم، وأن مشعل وبقية إخوانه، مع الحل السياسي، لكن السنوار يأبى، وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو يتعذّر بوجوب القصاص من السنوار صاحب غزوة 7 أكتوبر، فهل يعني مقتل السنوار، انتهاء عُذر الطرفين، مشعل ورفاقه، ونتنياهو، وجماعته الحربية؟!".
وخلص الذايدي إلى القول: "لإسرائيل أن تتفاخر اليوم بمقتل عدوها الأول في غزة، بعد حصاد مخيف من الضحايا والدمار في غزة، وهو بالفعل إنجاز كبير، بلا مكابرة، ولكن ماذا بعد؟!".
وفي نهاية مقاله تساءل الكاتب السعودي: "كيف ستصرف إسرائيل هذا المكسب العسكري في مصرف السياسة؟! هل هناك خط نهاية لهذه الحرب، حتى لو قتل مئة سنوار ونصر الله، بالنهاية لا بد من أفق سياسي، مصرف ومخرج لكل هذه الأبخرة والتيارات الساخنة، أو ستنفجر من جديد، فهل جاء وقت الواقعية والعقلانية، والتفكير بالغد... للجميع؟!".
التعليقات