إيلاف من دمشق: لا تزال الأنباء تتوالى عن ارتكابات النظام السوري السابق، والذي أعلن سقوطه في الثامن من الشهر الجاري، بعد سيطرة الفصائل المعارضة على جميع المناطق التي كانت تحت سيطرته، ثم فرار بشار الأسد خارج البلاد، تاركاً وراءه بلاداً مَلأها بالقتل الجماعي والقتل تحت التعذيب وجرائم الحرب ومختلف الجرائم ضد الإنسانية.

وعلى الرغم من الحرب التي شنها على معارضيه منذ عام 2011، والتي أدت إلى مقتل وإصابة مئات الآلاف، وتهجير الملايين من السوريين، بعد رفضه كل الحلول السياسية المقدمة على جميع الصعد المحلية والعربية والدولية، بمساعدة مباشرة من حليفيه روسيا وإيران، إلا أنه تمكّن من الفرار خارج البلاد، في الثامن من الجاري، دون أن يدلي ببيان تنحّ، ودون أن يصدر منه أي إعلان رسمي بالتنازل عن السلطة.

رفض إعلان التنحي لتدمير ما تبقى من سوريا
ووصف المحامي عيسى إبراهيم، المستشار الدستوري السابق لهيئة التفاوض السورية، خروج بشار الأسد من السلطة "هارباً بهذه الطريقة، ودون أن ينقل سلطاته لأي طرف محلي أو ثوري أو محايد" بأنه "إمعان جرميٌّ منه لإكمال تدمير البلاد"، موضحاً أن سبب رفض الأسد إعلان تنحيه، يعود إلى "شخصيته التي تتسم بالعناد والمكابرة"، وأن أهم سبب لعدم خروجه ببيان تنحٍّ هو رغبته "بالتدمير على قاعدة الأسد أو نحرق البلد"، وذلك لوجود "نية مقصودة لديه لتدمير ما تبقى من سوريا" كما قال.
هرب خارج البلاد محملاً بالذهب والآثار

وقال إبراهيم الذي يعمل حالياً مستشاراً لـ"حركة الشغل المدني"، وهي تنظيم سياسي ينشط في مناطق الساحل السوري، وتأسست عام 2012، في تصريحات لموقع "العربية.نت" إن الأسد خرج من سوريا محملاً "بكميات هائلة من الثروة السورية، كالنقود، والذهب، والآثار" بعدما "رهن البلاد لعقود باتفاقيات مع روسيا وإيران".

وفي المقابل، رأى إبراهيم أن خروج الأسد ما كان ليتم لولا "المساعدة الروسية" وما وصفه بـ"التبني" الروسي له، كشخص لا كرئيس، على حد قوله. كاشفاً أن طبيعة العلاقة بين بشار الأسد والرئيس الروسي، لم تكن "علاقة بين دولتين" بل "علاقة بين شخصين، وحسب، الأسد وبوتين".
ضرورة محاكمة رموز النظام

ودعا إبراهيم، في تصريحات لموقع "العربية.نت" إلى محاكمة رموز نظام الأسد، مشدداً على ضرورة محاكمة "رجال الأمن" بصفة خاصة، إضافة إلى جميع "مجرمي الحرب من أي طرف كانوا، وتحت أي راية مارسوا جرائمهم تلك" على حد قوله، مطالباً بوجوب إجراء المحاكمات لدى "جهة مختصة ومستقلة" وذلك من أجل ضمان "تحقيق العدالة وتطبيق العقوبات على المرتكبين" كما قال.

لا ضمانة للعلويين إلا بتطبيق القانون
ويشار إلى أن المحامي عيسى إبراهيم ينحدر من الطائفة العلوية، وتنشط حركته المعروفة بـ"الشغل المدني" التي يديرها الآن، في مناطق الساحل السوري. وقال في هذا السياق، إن أفراد الطائفة العلوية "كغيرهم، لا ضمانة أساسية لهم إلا في تطبيق القانون، من خلال سلطة منبثقة بشكل شرعي ومجتمعي"، مطالباً بأن يتم "الاعتراف بالطائفة العلوية رسمياً، كبقية الطوائف السورية الأخرى" وذلك من خلال "إحداث محكمة روحية دينية تتبع المذهب الإسلامي العلوي الجعفري، في معاملات الأحوال الشخصية".

وأكد إبراهيم على ضرورة ما وصفه بـ"تنظيم العمل الديني الإسلامي العلوي" وذلك من خلال "مجلس علوي" يهتم بالشأن الروحي لأبناء الطائفة، مشدداً على ضرورة "ألا يكون لهذا المجلس أي نشاط يجعله يتدخل بالسياسة أو ممارسة التحشيد السياسي"، موضحاً لـ"العربية.نت" أن "الاعتقاد العلوي" بحد وصفه، لا يسمح لرجل الدين "التدخل بالسياسة والتحزب والتحشيد".

لا مركزية تستوعب التنوع
أما عن رؤيته لنظام الحكم في البلاد، بعد سقوط الأسد، فهي تتمثل باعتماد "المواطنة" عبر مبدأ "فصل السلطات الثلاث" من خلال تبني نظام "علماني ديمقراطي، يحترم حرية الاعتقاد" بحسب تصريحاته والتي رأى فيها ضرورة وجود "مفهوم جديد للبرلمان" من خلال التمثيل بغرفتين، هما مجلس النواب، ومجلس الشيوخ، كما قال.

وأوضح المستشار الدستوري السابق لهيئة التفاوض السورية، أن بناء البلاد، في صيغة لا مركزية، عبر مفهوم "المحافظات الموسعة أو الإقليم" قد يكون هو "الصيغة السياسية الأمثل، لضبط التنوع السوري" بحسب وصفه، مؤكداً على بقاء مركزية دمشق كحاضن "أساسي للوزارات السيادية" التي تشمل الجميع، وأنها تشكل "غطاء سيادياً" للتنوع السوري من أجل ما وصفها بـ"حماية ودعم اللامركزية"، على حد تعبيره.