اليهود الإثيوبيون المعروفون باسم "الفلاشا" يجلسون على متن طائرة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي، أثناء نقلهم من أديس أبابا إلى تل أبيب في 25 مايو 1991
Getty Images

في يناير/ كانون الثاني من عام 1985 اعترف مسؤولون إسرائيليون لأول مرة، بأن إسرائيل قامت بنقل الآلاف من يهود "الفلاشا" سراً من إثيوبيا إلى إسرائيل في عمليات سرية.

وفي وقت لاحق تم الكشف عن تفاصيل تلك العمليات التي قام بها جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) لترحيل الفلاشا، التي كان أبرزها عمليات موسى وسبأ وسليمان وأجنحة الحمام، كما سمّتها السلطات الإسرائيلية.

من هم يهود الفلاشا؟

تقول دائرة المعارف البريطانية إن بداية طائفة بيت إسرائيل أو اليهود من أصل إثيوبي غامضة، وتشير إلى أن كلمة الفلاشا تعني في اللغة الأمهرية المنفيين أو الغرباء، ويزعمون أنهم ينحدرون من نسل مينيليك الأول، ابن ملكة سبأ بلقيس (ماكيدا) والملك سليمان، كما كان بعض أسلافهم من السكان المحليين (الأغاو) الذين اعتنقوا اليهودية في القرون التي سبقت بداية العصر المسيحي.

وهناك روايات أخرى حول أصل هذه الطائفة، تقول إحداها إن اليهود الإثيوبيين هم من نسل قبيلة دان العبرية المفقودة، بينما تُرجّح أخرى أنهم من نسل اليهود الذين غادروا مملكة يهوذا إلى مصر بعد تدمير الهيكل الأول عام 586 قبل الميلاد، ومنها غادروا إلى الحبشة.

وعلى الرغم من أن بداية طائفة "بيتا إسرائيل" أو بيت إسرائيل المبكرة كانت لا مركزية إلى حد كبير، وتنوعت ممارساتها الدينية حسب المنطقة الأفريقية، إلا أنها ظلت مخلصة لليهودية بعد تحول مملكة أكسوم الإثيوبية القوية إلى المسيحية في القرن الرابع الميلادي، وتعرضوا بعد ذلك للاضطهاد وأُجبروا على التراجع إلى المنطقة المحيطة ببحيرة تانا في شمال إثيوبيا .

ومع تزايد التهديدات من جيرانها المسيحيين، أصبحت المجتمعات اليهودية المتباينة مُوحدة بشكل كبير في القرنين الرابع عشر والخامس عشر، وفي هذا الوقت بدأ يُشار إلى هذه المجتمعات على أنها "بيت إسرائيل" وتشكل وحدة متميزة في إثيوبيا.

وتقول دائرة المعارف البريطانية إنه على الرغم من "المحاولات المسيحية الإثيوبية لإبادتهم في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، إلا أن بيت إسرائيل احتفظوا باستقلالهم جزئياً حتى القرن السابع عشر، عندما قام الإمبراطور سوسينيوس بسحقهم تماماً ومصادرة أراضيهم".

وفي أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، تحسنت ظروف اليهود في إثيوبيا، إذ عاش عشرات الآلاف من طائفة بيت إسرائيل في المنطقة الواقعة شمال بحيرة تانا، وعمل رجالهم كحدادين ونساجين ومزارعين، فيما اشتهرت نساء بيتا إسرائيل بصناعة الفخار .

ولدى هذه الطائفة كتاب مقدس وكتاب صلاة مكتوب باللغة الجعزية، وهي لغة إثيوبية قديمة، وليس لديهم قوانين تلمودية، لكن الحفاظ على التقاليد اليهودية وتمسكهم بها أمر لا يمكن إنكاره، فهم يلتزمون بيوم السبت، ويمارسون الختان، ويقيمون خدمات الكنيس بقيادة كهنة (كوهانيم) القرية، ويتبعون بعض قوانين الطعام اليهودية، ويراعون العديد من قوانين طقوس تجنب النجاسة، ويقدمون التضحيات في 14 أبريل/نيسان من السنة الدينية اليهودية، ويحتفلون ببعض من أهم الأعياد اليهودية.

لاجئون يهود إثيوبيون يبحثون عن مأوى في السفارة الإسرائيلية في أديس أبابا في 25 مايو 1991 بعد مغادرة آخر طائرة في الجسر الجوي الكبير الذي نقل ما يصل إلى 18 ألف يهودي أثيوبي إلى إسرائيل
Getty Images
لاجئون يهود إثيوبيون يبحثون عن مأوى في السفارة الإسرائيلية في أديس أبابا في 25 مايو/أيار 1991 بعد مغادرة آخر طائرة في الجسر الجوي الكبير الذي نقل ما يصل إلى 18 ألف يهودي إثيوبي إلى إسرائيل

وانقطع الفلاشا عن بقية يهود العالم لأكثر من ألف عام، وقد أعاد علماء الأنثروبولوجيا اكتشافهم في نهاية القرن التاسع عشر، لكن السلطات الحاخامية الإسرائيلية لم تعترف بهم كيهود حقيقيين إلا في أوائل سبعينيات القرن الماضي.

فقد تبنى كبير حاخامات إسرائيل عوفاديا يوسف في عام 1973 رسمياً وجهة النظر القائلة إن بيت إسرائيل ينتمون إلى إحدى قبائل إسرائيل العشرة المفقودة الذين اختفوا بعد تعرض مملكة إسرائيل للغزو في القرن الثامن قبل الميلاد، وأن "الفلاشا الأحباش يهود".

ومن بين نسل طائفة بيت إسرائيل من تحول أجدادهم إلى المسيحية عندما تمكن دعاة المسيحية من إقناع قطاع كبير منهم بالتحوّل إلى الديانة المسيحية خلال القرن التاسع عشر، وفي وقت لاحق عاد الأحفاد إلى الديانة اليهودية مرة أخرى.

وتُعرف هذه الجماعة باسم فلاشا مورا، وتشير التقديرات إلى أن عددهم يتجاوز 20 ألف شخص، لكن لم يتم الاعتراف بهم "كيهود بالكامل" من جانب وزارة الداخلية الإسرائيلية.

ولا تعطي القوانين الإسرائيلية يهود "الفلاشا مورا" الحق المباشر في الحصول على الجنسية بمجرد وصولهم أراضيها كما يحدث مع أغلب يهود العالم.

وقد حددت الحكومة الإسرائيلية حصصاً لهجرة الفلاشا مورا لإسرائيل وحصولهم على المواطنة بناءً على تحولهم من الأرثوذكسية إلى اليهودية، ولطالما شهد المجتمع الإسرائيلي جدلاً واسعاً بشأن ملف استقدام "الفلاشا مورا".

وينادي بعض الإسرائيليين من أصول إثيوبية بالسماح لكل يهود إثيوبيا بما في ذلك "الفلاشا مورا" بالقدوم إلى البلاد والانضمام إليهم، بينما يرفض قطاع آخر ذلك على أساس عدم اعترافه بأنهم يهود من الأساس.

أبرز عمليات ترحيل الفلاشا

وتشير التقديرات إلى أنه في الفترة ما بين عامي 1952 و1979، تم تسجيل 466 مهاجراً فقط من إثيوبيا إلى إسرائيل، لكن بحسب المكتب المركزي للإحصاء في إسرائيل فقد انتقل بين عامي 1980 و1992 حوالي 45 ألف شخص من طائفة بيت إسرائيل من إثيوبيا، التي ضربها الجفاف وشهدت حرباً أهلية آنذاك، إلى إسرائيل.

ولم يبق من هذه الطائفة في إثيوبيا سوى بضعة آلاف على الأكثر، ولكن كان الاستيعاب المستمر لهم في المجتمع الإسرائيلي مصدراً للجدل والتوتر في السنوات اللاحقة.

لا تعطي القوانين الإسرائيلية يهود إثيوبيا المعروفين "بالفلاش مورا" الحق المباشر في الحصول على الجنسية بشكل آلي
Getty Images
لا تعطي القوانين الإسرائيلية يهود إثيوبيا المعروفين "بالفلاش مورا" الحق المباشر في الحصول على الجنسية فور وصولهم إلى إسرائيل

وشهدت ثمانينات القرن الماضي سلسلة من العمليات الاستخباراتية لجلب اليهود الإثيوبيين من معسكرات للاجئين في السودان من قبل عملاء جهاز الاستخبارات الخارجية في إسرائيل "الموساد"، وفيما يلي أبرز تلك العمليات:

  • عملية موسى

جرت وقائع هذه العملية بين منتصف نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1984 ويناير/كانون الثاني من عام 1985، وقد سُميت على اسم الشخصية التوراتية النبي موسى، وكانت عبارة عن جهد تعاوني بين المخابرات الإسرائيلية، ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية، والسلطات السودانية في عهد الرئيس السابق جعفر نميري.

فبسبب أهوال الحرب الأهلية والمجاعة التي عصفت بالشعب الإثيوبي ومنه اليهود، فر الآلاف من الطائفة من إثيوبيا سيراً على الأقدام إلى مخيمات اللاجئين في السودان، وهي رحلة تستغرق عادة من أسبوعين إلى شهر، وتشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 4 آلاف شخص لقوا حتفهم أثناء تلك الرحلة، بسبب العنف والمرض.

وقد عقد مجلس الوزراء الإسرائيلي اجتماعاً في نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 1984 لبحث هذا الأمر، إذ تم اتخاذ القرار بالمضي قدماً في عملية موسى، وبدءاً من 21 نوفمبر/ تشرين الثاني من ذلك العام، تم نقل نحو 8 آلاف يهودي إثيوبي من السودان عبر بروكسل في بلجيكا إلى إسرائيل، وانتهت العملية في أوائل يناير/كانون الثاني من عام 1985.

ووصفت صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية حينها هذا الجسر الجوي بأنه الأكبر منذ عمليات "البساط السحري" في الخمسينيات من القرن الماضي، والتي جلبت 121 ألف يهودي من العراق و47 ألف يهودي من اليمن و3 آلاف يهودي من عدن بعد فترة وجيزة من قيام إسرائيل في عام 1948.

كما مثّل هذا الجسر الجوي أكبر تدفق للمهاجرين من منطقة واحدة منذ سبعينيات القرن الماضي، عندما جاء الآلاف من اليهود السوفييت.

  • عملية سبأ

وقعت عام 1985، وخلالها تم نقل أكثر من 20 ألف من الفلاشا بفضل جهود الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الأب الذي كان يشغل منصب نائب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية حينها، وزار العاصمة السودانية الخرطوم والتقى بالرئيس السوداني نميري لتأكيد إتمام عمليات النقل بنجاح.

وتمكنك القوات الأمريكية من نقل عدد كبير من الفلاشا على متن طائراتهم من مطار "العزازا" شرقي السودان.

  • عملية سليمان

في بداية عام 1991، كانت ديكتاتورية منغستو هيلا مريام في إثيوبيا على وشك الانهيار بسبب القوات المتمردة التي كانت تقترب من العاصمة أديس أبابا، وفي نهاية مايو/أيار من عام 1991، وقبل أيام من سقوط أديس أبابا في أيدي المتمردين، هرب منغستو من إثيوبيا، ولجأ إلى زيمبابوي.

وعُقد اتفاق بين مسؤولين من حكومة منغستو وإسرائيل للسماح لطائفة بيت إسرائيل بالهجرة إلى إسرائيل مقابل حصول عدد من المسؤولين على حوالي 35 مليون دولار أمريكي ومأوى في الولايات المتحدة.

ونتيجة لهذا الاتفاق، جرت عملية سليمان التي تم خلالها ترحيل نحو 15 ألفا من يهود الفلاشا إلى إسرائيل في 24 مايو/أيار من عام 1991 حيث نقلوا على متن حوالي 30 طائرة من طائرات القوات الجوية الإسرائيلية وشركة الخطوط الجوية الإسرائيلية "العال".

  • عملية أجنحة الحمام

في 14 نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2010، وافق مجلس الوزراء الإسرائيلي على خطة جديدة للسماح ليهود الفلاشا مورا بالهجرة إلى إسرائيل، وعلى مدار ثلاث سنوات استأجرت الوكالة اليهودية 91 رحلة جوية لنقل سبعة آلاف منهم إلى إسرائيل في إطار هذه العملية.

قرية عروس

في أغسطس/ آب من عام 2019، كشف الصحفي في بي بي سي رافي بيرغ النقاب عن قصة منتجع عروس في السودان على ساحل البحر الأحمر الذي أقامته الموساد كغطاء لعملها الرئيسي في ترحيل الفلاشا.

وكتب بيرغ أن عروس لم يكن مجرد منتجع مثالي في الصحراء السودانية على شاطئ البحر الأحمر، بل كانت تلك البقعة الساحرة قاعدة لعملاء الموساد الذين كانوا في مهمة سرية وكانت قصتهم الحقيقية ملهمة لفيلم من انتاج شبكة نتفليكس.

في بداية الثمانينيات قام الموساد بافتتاح المنتجع وإدارته كغطاء لعملية غير عادية لإنقاذ آلاف اليهود الإثيوبيين العالقين في مخيمات اللاجئين في السودان ونقلهم لإسرائيل.

وكان السودان بلداً معادياً لإسرائيل حينها، فكان لابد من القيام بالمهمة بشكل سري ودون ضوضاء سواءً هناك أو في إسرائيل، لدرجة أن العملاء لم يتحدثوا عنها حتى لأسرهم.

وقام عدد من العملاء بالتظاهر بأنهم ممثلون لشركة سويسرية وأقنعوا السلطات السودانية بأنهم يريدون الاستثمار في موقع القرية التي استأجروها لمدة ثلاث سنوات مقابل 250 ألف دولار.

إعلان عن منتجع قرية عروس على البحر الأحمر في السودان
BBC
إعلان عن منتجع قرية عروس على البحر الأحمر في السودان

ومن وقت لآخر كانت مجموعة من العملاء تغادر القرية مبلغة الطاقم المحلي الذي تم توظيفه بأنهم ذاهبون للخرطوم بينما كانوا في الواقع يذهبون لتنفيذ عملية تهريب مجموعة من اليهود الإثيوبيين من المعسكرات ليقطعوا بهم طريقاً طويلاً يصل لنحو 900 كيلومتراً حتى الشاطئ، حيث تقوم وحدات من البحرية وأحياناً القوات الجوية الإسرائيلية بنقلهم.

وحققت عروس نجاحاً كبيراً لدرجة أنها باتت مكتفية اقتصادياً ولا تحتاج إلى الدعم المالي من الموساد وتم استخدام بعض عائدات المشروع في استئجار الشاحنات لتهريب اليهود الإثيوبيين.

وكان من بين ضيوف عروس وحدة جيش مصرية وقوة بريطانية ودبلوماسيون أجانب من الخرطوم ومسؤولون سودانيون.

وبحلول عام 1984 ضربت المجاعة السودان فتقرر تسريع وتيرة عمليات الترحيل، ومع تدخل الولايات المتحدة، وافق الرئيس السوداني السابق جعفر نميري على نقل اللاجئين اليهود جواً مباشرة من الخرطوم لأوروبا مشترطاً أن تتم العملية بسرية وشملت تلك العملية القيام بـ 28 رحلة جوية، نُقل خلالها الآلاف من يهود إثيوبيا إلى بروكسل ومنها لإسرائيل في عملية أطلق عليها "موسى".

وفي يناير/كانون ثاني 1985 كُشف أمر العملية فتوقفت على الفور، وفي أبريل/ نيسان من ذات العام أطيح بنميري في انقلاب عسكري، وشرع النظام الجديد على الفور في البحث عن "جواسيس الموساد" الحقيقيين أو الوهميين.

فأصدر رئيس الموساد تعليماته بإخلاء المنتجع على الفور وهو ما تم في اليوم التالي.

مشكلات الفلاشا في إسرائيل

يعيش حالياً أكثر من 160 ألف إسرائيلي من أصل إثيوبي في إسرائيل، وقد وصلوا هم أو أباءهم بحقيبة ملابسهم فقط، ولم يكونوا على معرفة باللغة العبرية، لكنهم حاولوا الاندماج في المجتمع الجديد في وقت يُشكك فيه العديد من أفراد المؤسسة الدينية في يهوديتهم.

وكانت إحدى الحوادث المبكرة التي كشفت عن هذا النهج، هي الكشف في تسعينيات القرن العشرين عن قيام بنك الدم الوطني الإسرائيلي بشكل روتيني بإتلاف الدم الذي يتبرع به الإسرائيليون الإثيوبيون خوفاً من الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية.

وقد بعث هذا برسالة مفادها "الإقصاء عن بقية المجتمع الإسرائيلي".

وهكذا، يبدو اندماج اليهود الأثيوبيين في المجتمع الإسرائيلي أمراً شديد الصعوبة في ظل ارتفاع نسبة البطالة والفقر بينهم، علاوة على التمييز ضدهم، وهو الأمر المستمر رغم تحسن الأمور بشكل طفيف خلال الأعوام القليلة الماضية.

وفي عام 2014 صدر تقرير إيمي بالمور المديرة العامة بوزارة العدل الإسرائيلية، وهو التقرير الذي طالب بإجراء إصلاحات رئيسية في أحوال الإسرائيليين من أصول إثيوبية.

وبعد صدور التقرير بخمس سنوات، ذكر تقرير حكومي أن ما تم إنجازه من توصيات تقرير بالمور لم يتجاوز 67 في المئة، أي 34 توصية من أصل 51 شملها التقرير، ويجري العمل على تنفيذ ثماني توصيات أي نحو 17 في المئة.

وأبرز ما تم إنجازه يتعلق بمجالي التعليم والتوظيف، أما أغلب التوصيات التي لم تُنجز بعد، فلها علاقة بمكافحة التمييز العنصري في وزارات التعليم والاتصالات والرياضة.

وهناك توصيتان رئيسيتان فشلت الشرطة في إنجازهما رغم أن الجهاز الأمني الإسرائيلي استوفى أغلب التوصيات الخاصة بهما.

ففي مارس/أذار من عام 2019، قال تقرير المتابعة إن الشرطة لا تصور عمليات التحقيق مع الإثيوبيين المتهمين بجرائم صغيرة، كما لم تصدر تقريراً حول ما حققته من التوصيات وما هي المشاكل التي تواجهها في هذا الصدد.

ومن بين الإصلاحات الرئيسية التي أنجزتها الشرطة هو نجاح رجالها في التعريف بأنفسهم بشكل واضح دون اللجوء لعمليات الاعتقال غير الضرورية، كما أن الشرطة أقامت 80 ندوة حول تحسين ثقافة ضباطها في ما يتعلق بمعاملة الأقليات.

كما شجعت القيادات الشرطية جهود إغلاق القضايا التي لها علاقة بالإثيوبيين - وخاصة صغار السن - إذا لم تكن الجرائم خطيرة، وتترجم الوثائق إلى اللغة الأمهرية لمساعدة المتهمين الإثيوبيين على فهم ما يواجهونه أثناء التحقيق والمحاكمة.

وتقدم الدولة مساعدات قانونية مجانية لمواجهة التمييز ضد الإثيوبيين.

أصيب نحو مئة من رجال الشرطة الإسرائيلية أثناء فض مظاهرات الاحتجاج على مقتل الشاب تيكا
Reuters
أصيب نحو مئة من رجال الشرطة الإسرائيلية أثناء فض مظاهرات الاحتجاج على مقتل الشاب تيكا

وفي أغسطس/آب عام 2016 أي بعد تقرير بالمور، قال روني ألشيش قائد الشرطة الإسرائيلية آنذاك إنه "أمر طبيعي" لرجال الأمن الاشتباه في الإثيوبيين والمهاجرين الآخرين بنسبة أكثر من بقية السكان.

وقال ألشيش إنه عندما يلتقي رجل الشرطة مع شخص (من أصل إثيوبي أو من أقلية أخرى لها معدلات جرائم عالية) فإنه من الطبيعي أن يكون هناك اشتباه فيه أكثر من الآخرين"، وأضاف: "نعلم بالأمر وبدأنا في التعامل معه" في إشارة إلى قبوله واعتراضه على الظاهرة في آن واحد.

وتابع أن العلاقة بين الشرطة والإثيوبيين تتحسن عبر الحوار، وتراجع "تسيس" القضايا، فضلاً عن إسقاط القضايا الصغيرة.

ولم يخل الأمر من وقوع حوادث.

ففي يوليو/تموز من عام 2019 اشتبك محتجون مع قوات الشرطة في أنحاء عدة من إسرائيل في أعقاب تشييع جثمان سلومون تيكا، البالغ من العمر 18عاماً، وهو شاب إسرائيلي من أصول إثيوبية قُتل على يد شرطي خارج الخدمة.

وخرج الآلاف من المتظاهرين في عدد من المدن الإسرائيلية إلى الشوارع، ونظم بعضهم اعتصامات وأغلقوا الشوارع وأحرقوا الإطارات.

وجاءت حادثة تيكا بعد ستة أشهر من مقتل يهودا بيادغا وهو شاب إسرائيلي من أصل إثيوبي، يبلغ من العمر 24 عاماً، وكان يعاني مرضاً عقلياً، وقتلته الشرطة بإطلاق النار عليه بعد أن هدد ضابطاً بسكين حسب قول الشرطة، وقد أدى مقتله لاندلاع مظاهرات في تل أبيب.

وفي مايو/أيار عام 2015 اندلعت مظاهرات بسبب قيام شرطيين اثنين بضرب جندي إسرائيلي من أصل إثيوبي وقد سجلت الحادثة بالفيديو وانتشرت على نطاق واسع.

وقال والد تيكا في نعي ابنه: "هل نحن مختلفون لهذه الدرجة؟ نحن نحترم القوانين والعادات، فلماذا لا يحترموننا؟ نحن نعيش معا، يكفي ما حدث، دعونا نعيش في سلام".