الثلاثاء 13 فبراير 2007
دان بولز وآن كورنبلات
افتتح السيناتور quot;باراك أوباماquot; رسمياً حملته للترشح للانتخابات الرئاسية، يوم السبت الماضي هنا في سبرينغفيلد بولاية إيلينوي، مشيراً في خطاب ألقاه بالمناسبة إلى ذكريات أبراهام لينكولن، ومناشداً الجيل الجديد أن يساعده على تغيير أوضاع البلاد. فمن على أرضية quot;ذا أولد ستيت كابيتولquot;، حيث ألقى لينكولن خطابه الشهير ضد العبودية في 1858، أعلن السيناتور quot;الديمقراطيquot; عن ترشحه لمنصب رئيس الولايات المتحدة، ما قد يجعل منه أول رئيس أسود للبلاد. وفي هذا السياق، قال أوباما: quot;أعترف أن ثمة نوعاً من الغرور ndash;والجرأة- في هذا الإعلان؛ وأدرك أنني لم أمض الكثير من الوقت في تعلم طرق واشنطن وأساليبها؛ ولكنني أمضيت ما يكفي من الوقت لإدراك ضرورة تغيير تلك الطرق والأساليبquot;.
وقد تحدى آلاف الأنصار، الذين قطع بعضهم مسافات طويلة من أجل الحضور، برودة الجو للانضمام إلى quot;أوباماquot; في حدث يصفه الكثيرون بأنه تاريخ قيد الحدوث. وقبل وصول المرشح مع زوجته quot;ميشيلquot; وابنتيه الصغيرتين بعيد الساعة العاشرة صباحاً بقليل، كانت جنبات المكان قد اكتظت بالحاضرين.
في الخطاب الذي ألقاه في ذلك الصباح البارد، قدم quot;أوباماquot; أجندة طموحة تضمنت وضع حد لحرب العراق، والقضاء على الفقر، وتوفير العناية الصحية الشاملة، وتحقيق الاستقلال الطاقي. وبدا أنه يحاول تجاوز النقاش السياسي التقليدي، مجادلاً بأن ما تفتقر إليه البلاد ليس الأفكار الجيدة إذ قال: quot;ليس غياب السياسات الحكيمة والمخططات الرشيدة هو الذي حال دون نجاحنا في مواجهة هذه التحديات؛ بل إن ما حال دون ذلك هو فشل الزعامة، وضيق سياستنا -السهولة التي يشتت بها تركيزنا من قبل أمور تافهة، تفادينا الدائم للقرارات الصعبة، تفضيلنا لتسجيل نقاط سياسية رخيصة بدلاً من التشمير عن السواعد وإنشاء توافق ناجح لمواجهة المشاكل الكبرىquot;.
إلى ذلك قال quot;أوباماquot;، مذكراً بفترات سابقة من الأزمة الاقتصادية أو السياسية: quot;في كل مرة يصعد جيل جديد ويقوم بما ينبغي القيام به. واليوم، نحن مدعوون مرة أخرى إلى ذلك -وقد حان الأوان بالنسبة لجيلنا كي يلبي هذه الدعوةquot;.
وقد استأثرت قصة صعود quot;أوباماquot; باهتمام المتابعين للشؤون السياسية والأميركيين العاديين على حد سواء. ويرتقب أن تختبر الأشهر المقبلة ما إن كان بمقدور السيناتور quot;الديمقراطيquot; تحويل نفسه من ظاهرة سياسية إلى مرشح من النوع الذي يستطيع تحمل صرامة واحتدام الماراثون المقبل. وفي هذا الإطار، يرتقب أن يُطلَب من quot;أوباماquot; إظهار كيف أن نقص تجربته لا يمثل إعاقة، مثلما يزعم ذلك بعض خصومه؛ وكيف يمكن ملء فراغ أجندة سياسية أهدافها أطول من تفاصيلها.
والحقيقة أن quot;أوباماquot; يعد اليوم واحداً من أبرز المتحدِّين لسيناتورة نيويورك هيلاري كلينتون، التي كانت حتى الآن الأوفر حظاً للفوز بتزكية quot;الديمقراطيينquot;. غير أن عليه أن يتنافس أيضاً مع سيناتور كارولينا الشمالية السابق quot;جون إدواردزquot;، الذي تهددُ أجندتُه التقدمية وحملته الشعبية بشغل بعض من الحيز الذي يهدف quot;أوباماquot; إلى استغلاله في ترشحه.
وبالرغم من الحماس الذي يحيط بترشحه، إلا أن quot;أوباماquot; ما زال يواجه احتمال أن تبدأ السيدة كلينتون بتحركات سياسية أعمق وأوسع من تحركاته؛ غير أن مستشاريه يقولون إن حملتهم من أجل ترشيح quot;أوباماquot; مختلفة وفريدة. وفي هذا السياق، يقول ديفيد أكسيلرود، كبير مخططي حملة أوباما: quot;أعتقد أن الوصول إلى هناك يتوقف على قدرتنا على إقناع الكثير من الناس بالمشاركة في العملية ممن لم يشاركوا من قبل، أو ممن شاركوا ولكنهم أحبطوا وفقدوا الثقةquot;، مضيفاً quot;علينا أن نمنح الناس شعوراً حقيقياً ببذل قصارى الجهد حتى يتغير موقف الناخبين قليلاًquot;.
ولعل أكبر تباين بين quot;أوباماquot; من جهة وهيلاري وإدواردز من جهة ثانية، هو الموقف الأولي من حرب العراق؛ ذلك أن الأخيرين صوتا في 2002 للقرار الذي سمح للرئيس بوش بغزو العراق. وقد اعتذر quot;إدواردزquot; لاحقاً عن تصويته على القرار؛ في حين قالت هيلاري إنها ما كانت لتصوت على القرار لو أنها كانت تعلم ما تعلمه اليوم. أما quot;أوباماquot;، فيحق له أن يشير إلى التصريحات التي أدلى بها في خريف 2002 والتي لم يكتف فيها بوصف الحرب بـquot;الغبيةquot;، وإنما توقع فيها أيضاً مخاطر الاحتلال الطويل الذي تلا الغزو الناجح. وقد وصف quot;أوباماquot; الحرب في الخطاب الذي أعلن فيه عن ترشحه للرئاسيات بـquot;الخطأ التراجيديquot;.
وفي هذا الإطار، قال quot;أوباماquot; يوم السبت الماضي: quot;لقد حان الوقت للاعتراف بأنه لا يمكن للأرواح الأميركية، مهما كان عددها، أن تحل خلافاً سياسياً هو سبب وأصل الحرب الأهلية في أحد البلدانquot;، مضيفاً quot;ولذلك، فلدي مخطط يقضي بإعادة قواتنا إلى الوطن بحلول مارس 2008. والحقيقة أن إخبار العراقيين بأننا لن نبقى هناك إلى الأبد هو آخر وأفضل أمل للضغط على السُّنة والشيعة معاً من أجل الجلوس إلى طاولة المحادثات والسعي إلى التوصل إلى سلامquot;.
يذكر أن quot;أوباماquot;، البالغ 45 عاماً هو ابن لرجل كيني أسود وامرأة بيضاء من كانساس، تخرج من كلية القانون التابعة لجامعة هارفارد قبل العودة إلى شيكاغو حيث عمل محامياً وعُرف بدفاعه عن الحريات العامة. وقد ترشح لمجلس شيوخ الولاية عام 1996 وعمل أربع ولايات هناك قبل البدء في إطلاق ما بدا حملة بعيدة المدى لمجلس الشيوخ الأميركي. وحتى قبل أن يفوز بالمقعد ويصبح العضو الأميركي الوحيد من أصل أفريقي في مجلس الشيوخ، كان عدد من المراقبين ينظرون إلى quot;أوباماquot; باعتباره نجماً صاعداً في حزبه بعد إلقائه الخطاب الافتتاحي في quot;المؤتمر الوطني الديمقراطيquot; عام 2004. كما أن كتابيه اللذين لقيا رواجاً كبيراً ndash;إضافة إلى ظهوره في برنامجي quot;أوبراquot; وquot;ماندي نايت فوتبولquot; وفي صفحات مجلة quot;بيبل ماغازينquot;- زادا من جاذبيته على نطاق واسع خلال الأشهر القليلة الماضية، وإن كان اسمه ما يزال مجهولاً نسبياً في أوساط الناخبين.
التعليقات