تركي السديري


الحكومة العراقية وحدها اختلفت حول قضية الاغتصاب التي أكدتها الفضائيات بالصوت والصورة، ومن المستحيل أن تؤجَّر امرأة ما .. أي امرأة.. لأداء ذلك الدور.. الناس موقنون أن الاغتصابات مبكرة في العراق.. لشرف نساء .. لدماء رجال.. لحياة مجتمع.. ما يحدث في العراق ليس تكراراً لأي صور مأساوية حدثت في الحروب طوال التاريخ.. لأن العراق فُتح لمهمات تفريغ الأحقاد.. بين الطوائف التي انسلخت من الولاء القومي وسعت إلى ولاءات أجنبية.. وتمارس أمريكا منذ إسقاط تمثال صدام حسين دوراً سيئاً للحضارة الغربية بصفة عامة حيث لا حقيقة تقف وراء تصرف الدول الكبرى إلا أطماع الحصول على المكاسب المادية وهي نفس الروح التي كانت تسيطر على حروب القبائل البدائية..

ماذا حدث في سجن أبو غريب.. وعلى يد من...؟ ثم إن كل ما تتناوله وسائل الإعلام لا يحتوي على كل أبعاد المأساة العراقية.. هناك جانب أخلاقي اجتماعي مسكوت عنه.. هذا الجانب تتمثل فيه ذروة التنكيل المجحف بأخلاقية مجتمع عندما تحولت أجساد القاصرات إلى وسائل جذب سياحية لكن لا أحد يبرز صور الأمهات أو الآباء مثل من نراهم في وسائل الإعلام يصرخون حُزناً على القتلى.. هذه الفئة مسكوت عنها وهي تدمع بحرقة وتتوسل الإبقاء على البكارة..

منتهى القسوة لعقولنا وقلوبنا أن ندرك هذه الحقائق المرعبة.. إثر النزوح الكبير من عاصمة الرشيد إلى مدن سياحية عربية بحثاً عن كسرة خبز.. تصوروا الأخطار المريرة تحيط الآن بمجتمعات الشرق الأوسط لو أن مدناً أخرى عانت نفس المصير.. مدينة واحدة فقط في الشرق الأوسط سوف تحتفي بالأحداث هي تل أبيب فقط التي من أجلها وبسبب الأطماع أيضاً يستباح العراق..

إذا كنا كعرب ننتقد التدخل الإيراني ولا نقبل بامتدادات نفوذه، فعلينا أن نعي كيف كانت طهران أنفذ رؤية وأمهر استغلالاً للظروف من واشنطن.. هي الآن تحاور على التنازلات ومن يحاورها على الطرف الغربي غارق في أكثر من مشكلة وتطارده أكثر من تهمة.

ما كان يجب أن يحدث كل ما قد حدث لو أن واشنطن تقبلت مرئيات حلفاء الأمس من العرب وعالجت المواقف باحترام للصداقات قبل أن تعمم الغضب على الجميع ولم يبدد غضبها ويحوله إلى قلق إلا مأساة العراق.