سمير عطا الله

أصبح الصومال والعراق، وحمى الله اليمن، جزءا من يوميات الأمة الرتيبة. ولم تعد أخبار الصومال، وحمى الله السودان، ضحايا المجاعات والفقر وفرسان الجنجاويد الأماجد، بل بطولات فرسان القرصنة الذين يهاجمون السفن السياحية وناقلات النفط والمراكب الشراعية الصغيرة. ولم تعد المسألة في الصومال، حمى الله لبنان، متى يعود الأمن والوحدة والرغيف، بل هل laquo;الاقتصادraquo; القائم على القرصنة أكبر وأوسع من اقتصاد البلاد أم لا. ولا عاد مطروحا أو مهمّا أن تعرف من يحكم الصومال ولا حتى من يحكم مقديشو، ومنذ أيام سياد بري، الذي أشرف على الاستقلال وعلى التصفية، وكان يلقب، في أي حال، بمحافظ مقديشو.

المشكلة ليست في ما يتركه الصوماليون في ما كان يُعرف بالصومال، بل في الرعب الذي يتركونه عند أكثر الحركات البحرية نشاطا، وحيث تبحر أكثر السفن ضخامة. المشكلة يا مولاي أن القراصنة أعادوا خليج عدن ومساحة مليوني ميل من المياه البحرية إلى عصر القرن الخامس عشر، بكل توحشه وفلتانه وقواعده.

منذ عشرين عاما والصومال يتدهور بلا قرار، ولا حل أيضا. وثمة 7 آلاف جندي laquo;سلامraquo; من أفريقيا، إما أصبحوا شركاء وإما متفرجين على مشاهد يومية مرعبة. وأحدها صورة من العرض laquo;العسكريraquo; لـlaquo;الشبابraquo;، وفيه قائدهم على دراجة نارية خلف سائقها، ومع كل منهما رشاشه. تمر في هذه المنطقة البحرية 20 ألف سفينة كل عام. عشرون ألف سفينة كل سنة، ويقبض القراصنة، بأسلحة وأساليب القرن الخامس عشر، على نحو ثلاثين منها، ويتعاطون مع السفن المخطوفة بلغة واحدة: نقدا. يخطفون السفينة، أحيانا، على بُعد ألف ميل من الشاطئ، ثم يقودونها إلى مخابئهم، وينتظرون وصول الفدية. ومساكين أولئك الذين لا يملكونها، لأنهم سوف يمضون بقية العمر في الصومال، وفي ظل قوانين القراصنة.

ثمة طبقة جديدة في الصومال هي طبقة القراصنة. الأعراس التي تستمر عدة أيام، السيارات الرباعية الفخمة، المواكب المميزة، الشركات laquo;المساهمةraquo;، والبنوك الخاصة وسواها. ولعل القرصنة في بلد متفكك مثل الصومال هي الصناعة أو التجارة الوحيدة التي تدرّ الدخل. وليست المشكلة هنا فقط، المشكلة في أن بلاد الصومال، بألقابها المعروفة، على بُعد وشيك جدا من شبه جزيرة العرب.