فايز رشيد

طالب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزراءه بتخفيف أوزانهم بعد بروز(كروش) عدد منهم, حتى باتت حكومة الاحتلال توصف بأنها مصابة بالتخمة.
ونقلت صحيفة (يديعوت أحرونوت) عن نتنياهو قوله لوزرائه (توقفوا عن الأكل الزائد، وابدءوا بممارسة الرياضة). كما أشارت الصحيفة إلى أن الأمر بدأ بنتنياهو نفسه, الذي يعاني من تضخم في الوزن، وأشير عليه بإزاحة الحلويات والمأكولات عالية السعرات الحرارية من قوائم الطعام, خلال اجتماع حكومته، واستبدالها بطعام صحي.
ما أكثر التُخَمْ المصاب بها أعضاء الحكومة الإسرائيلية بدءاً بنتنياهو بالطبع، ومروراً بليبرمان وزملائه، ووصولاً إلى باراك وزير الدفاع، ولعل أبرزها: تخمة القتل والولوغ في الدماء الفلسطينية والعربية، تخمة العنصرية والاستعلاء والنظرة الدونية للآخر، تخمة الشهوات المتعددة لسرقة الأراضي الفلسطينية والعربية، وتخمة نفخ الذات(الأنا) بالأساطير والأضاليل، تخمة الاحتقار لكل من هو غير يهودي، تخمة الشهوة للسيطرة وجمع المال، تخمة استعمال الأساليب الفاشية والنازية، بل الأساليب التي تفوقت على تلك، تخمة العدوانية، تخمة الغطرسة والعنجهية والخيلاء والاستكبار... ومئات التهم الشبيهة الأخرى, التي لا تعد ولا تحصى: التخم المزروعة في صميم كل واحدٍ منهم، والتي تنم عن الحقد الذي يسري في شرايينهم وفي نسغ حروف كلماتهم.
القادة الإسرائيليون قبل تطبيق البرامج الغذائية لتخفيف أوزانهم, بحاجة إلى معسكرات يُحاكمون فيها من الشعوب العربية، والشعب الفلسطيني بشكل خاص, ومن كل قوى السلام في العالم، والهيئات القضائية والمنظمات غير الحكومية المعنية, على الجرائم التي اقترفوها بحق الفلسطينيين والعرب. ليس أعضاء الحكومة الحالية هم المعنيون فقط، بل بدءاً من قادة الحركة الصهيونية الذين كانوا وراء تأسيس هذه المنظمة الإرهابية التي وقفت وراء الاستيلاء على فلسطين عنوةً: جابوتنسكي وهرتزل وغيرهما ممن شكلوا ويشكلون الآباء الروحيين للقادة الإسرائيليين الحاليين، مروراً بقادة إسرائيل بعيد تشكيلها: بن غوريون مناحيم بيغن، موشيه دايان، إسحق رابين، ليفي أشكول، وغولدا مائير وغيرهم ممن كانوا وراء المنظمات الإرهابية الصهيونية التي مارست القتل والاغتيال وجرائم التطهير العرقي وحرب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، وكل القادة المسؤولين عن تهجير ثلاثة أرباع المليون فلسطيني من وطنهم في سنوات النكبة، وصولاً إلى شيمون بيريز ونتنياهو وباراك وشاؤول موفاز وغابي أشكنازي ورافائيل ايتان وآبا ايبن وتسيبي ليفني على المجازر التي اقترفوها في بحر البقر وقانا وفي صبرا وشاتيلا، وفي غزة وغيرها، بدءاً من تلك في دير ياسين وكفر قاسم والطنطورة والحرم الإبراهيمي في الخليل, وعشرات المجازر الأخرى المقترفة ضد الفلسطينيين والعرب.
(العربي الجيد هو العربي الميت، العرب ليسوا أكثر من صراصير، يجوز قتلهم النسا والأطفال كي لا يكبروا ويشكلون خطراً على الدولة العبرية) هذه الأقوال هي أبسط ما يعبئون به عقول أطفالهم في رياض الأطفال، والمدارس، والجامعات، ويتدربون في حصص التصويب بالسلاح على صور العربي(الذي دوماً يستحق القتل حتى لو كان مقعداً).
لا نكتب هذا الكلام نتيجة لفورة غضب آنية، بل نتيجة لمعاناة شعب منذ مئة عام, على أيدي المنظمات الإرهابية الصهيونية ومن وقف وراءها بالحديد والنار والتسليح، ومن ثم على أيدي عصابات القتلة في المراحل المختلفة منذ تشكيل دولة الكيان الصهيوني وحتى اللحظة... والقادم أعظم.
لا نكتب ما قلناه تجنياً من منظار العداوة المجردة فقط، بل لأن إسرائيل بقادتها السياسيين والعسكريين في مختلف حقبات هذه الدولة، مثّلوا ويمثلون حقيقة هذه الكلمات التي قد تغيب عن أذهان البعض وهم يدعون إلى أسلوب التفاوض فقط مع الكيان الصهيوني, مصورّين المقاومة المشروعة للشعوب المحتلة أسلوباً إرهابياً يتوجب الابتعاد عنه. نكتب لعل هؤلاء يتذكرون جزءاً ولو بسيطاً من جرائم ومجازر إسرائيل بحق شعبنا وأمتنا العربية.
نخطُّ هذه الكلمات لأننا نعيش في زمن بدأ فيه العالم في معرفة حقيقة هذه الدولة، ولأنه بالفعل , فإن القادة الإسرائيليين بدءوا في التفكير مراراً قبل سفر أحدهم إلى دول الخارج، خوفاً من الاعتقال بتهمة اقتراف جرائم حرب ضد الفلسطينيين، فإذا كانت إسرائيل قد خدعت كل الناس بعض الوقت أو بعض الناس كل الوقت، فإنها لن تستطيع خداع كل الناس كل الوقت. لقد صوّر شكسبير في رائعته , تاجر البندقية , نفسية المرابي شايلوك...ما ودّ فعله لولا الخوف من عدم التقيد بشرط , عدم نزول نقطة دم واحدة في عملية جرم رطل من اللحم من جسد مدينه. ما أبسط تهمة شايلوك مع ما اقترفته أيادي القادة الصهاينة , السابقين واللاحقين.
لا نقول كل ما كتبناه في محاولة التندر على حادثة إصابة الوزراء الإسرائيليين بالتخمة وبزيادة الوزن، وإنما في سبيل التأكيد على سهولة هذه التخمة مقارنةً مع التخم الأخرى المصاب بها القادة الصهيونيون الإسرائيليون على مدى قرن زمني.