إياد الدليمي

منذ أن بدأت جموع المحتجين في البحرين المطالبة بالإصلاحات، مستغلين الوضع العربي العام وربيع الثورات الذي تفتح في تونس، والجميع كان يضع يده على قلبه من أن تتحول تلك المطالب إلى فرصة أخرى للمتربصين بأمن الخليج العربي لاستغلالها ومن ثم الدخول على خط الأزمة لتحقيق ما عجزوا عنه طيلة عقود.
وحسنا فعلت دول مجلس التعاون الخليجي بإرسال قوات درع الجزيرة إلى المنامة، وحسنا فعلت تلك الدول في إبداء موقف موحد وصارم تجاه الأحداث المؤسفة التي تشهدها المنامة، فأمن البحرين وضمانه إنما هو أمن وضمان لبقية دول المجلس الخليجي.
لقد توهم البعض ممن لا تستهويه لعبة أكثر من لعبة التناقضات، أن بإمكانه أن يستغل الأحداث العربية في إيجاد موطئ قدم له ولأجنداته في المنطقة الخليجية من خلال البحرين وربما شعر هذا البعض وعلى رأسهم إيران، أن الدول الخليجية ربما سيكون لها موقف مغاير هذه المرة في حال تطورت الأحداث في البحرين، إلا أن ما جرى كان مفاجئا بالنسبة لهؤلاء بعد أن قررت الدول الخليجية اتخاذ واحد من أكثر قراراتها جرأة والذي تمثل في إرسال قوات درع الجزيرة إلى البحرين.
لسنا ضد الإصلاحات ولا ضد أن يأخذ كل مواطن حقه، ولكن ضد أن يكون للبعض من هؤلاء أجندة خارجية تسعى لاستغلال البسطاء وأصحاب الحقوق لا من أجل تحقيق متطلباتهم بقدر ما تسعى لتحقيق أجنداتها الخاصة والتي غالبا لا تصب في مصلحة هذا المواطن البسيط.
لقد شاهد الجميع كيف أن محتجي دوار اللؤلؤة في البحرين خرجوا في يومهم الأول للتظاهرات وهم يحملون صورا وأعلاما إيرانية، قبل أن يفطنوا إلى شنيع فعلتهم ليعودوا في اليوم التالي رافعين أعلاما بحرينية.
كما شاهد الجميع كيف أن هؤلاء خرجوا بمطالب إصلاحية، وهو ما تجاوبت معه حكومة البحرين ودعتهم إلى الحوار، إلا أنهم عادوا ورفعوا سقف مطالبهم لتصل إلى تغيير نظام الحكم من ملكي إلى جمهوري، والسؤال: لمصلحة من؟!
يخطئ من يعتقد أن ما ينقل في الإعلام يمثل الحقيقة الكاملة، فكثيرا ما كان هذا الإعلام بعيدا كل البعد عن حقيقة الأوضاع التي تجري على الأرض، ويخطئ من يظن أن كل الذين خرجوا في احتجاجات البحرين هم من المواطنين البسطاء المطالبين بحقوقهم المشروعة، فكثير من هؤلاء المظاهرين مدربون على عمليات الشغب، بل أكثر من ذلك، إن بعضهم تلقى تدريبات على كيفية استفزاز القوات الأمنية، وكيفية التمثيل أنه تعرض لضرب أو رصاص.
نعم هذه هي الحقيقة المرة التي يخاف أن يعترف بها البعض، بل إن بعض المتظاهرين كانوا يحملون أسلحة بيضاء، لا يظهرونها إلا حين يتأكدون من اختفاء كاميرات التصوير الإعلامية، ليقوموا بعد ذلك بالاعتداء على عناصر الشرطة والأمن.
لا نريد أن نشيطن الاحتجاجات في البحرين ولكن للأسف هي الحقيقة المرة، فإيران سعت لاستغلال حلفائها من أجل بسط يدها على الطرف الآخر من الخليج العربي، وهي حقيقة لم ولن تخفيها إيران في يوم من الأيام.
على الجميع في البحرين، قيادة وحكومة وشعبا الالتفاف حول وطنهم قبل الالتفات إلى الأصوات التي تنعق في الخارج، فليس أفضل ولا أضمن من الوطن، فلا الطائفية يمكن أن تحمي الفرد، ولا العمالة لدولة أخرى، ولا الارتماء في أحضان المخططات الخارجية، يمكن أن توفر العيش الكريم.
وإذا كان البعض يدعي أهمية الإصلاحات وضرورة أن تتغير الحكومات تبعا لنتائج الانتخابات، فإن قادة البحرين منفتحون على كل الاقتراحات، وأعلنوا أن أي اتفاق سوف يتم التوصل إليه في حوارهم مع المعارضة سوف يعرض للاستفتاء الشعبي.
فماذا تريد المعارضة بالبحرين أكثر من ذلك؟
للأسف، البعض وليس كل أطراف المعارضة، تريد البحرين، أمن البحرين وشعب البحرين ومستقبل البحرين لترهنه لأجنداتها الخارجية، فهل يمكن التساهل مع هؤلاء؟