علي حماده
الحكومة اللبنانية القائمة ليست حكومة. هي أقل من مجلس مختارين. بين أعضائها أشخاص نحترمهم ونقدرهم ولكننا نتساءل عما يفعلونه الى مأدبة اللئام هذه! هذه ليست حكومة فهي لا شيء لكونها ملحقة في معظم تكويناتها بكيان خارج على القانون ومسبب للخلافات الكبرى في الوطن. إنه كيان مسبب للفتن الداخلية، وجالب للحروب والمآسي من الخارج. وقد أتت هذه الحكومة لتشكل له غطاء في السلطة كي يواصل الامعان في تدمير الكيان اللبناني باسم كذبة المقاومة.
فمثلما نعتبر ان الحكومة ليست حكومة نعتبر ان المقاومة ليست مقاومة. إنها حالة نقيضة لمعنى لبنان الكيان والنظام والثقافة. وهي عنصر مدمر للبنان الذي لن يعود من إمكان لبنائه وطناً لجميع بنيه قبل إنهاء هذه الظاهرة المخيفة التي تعشش في قلبه فتنهشه شيئاً فشيئاً. والحال أنه لم يسبق في تاريخ لبنان منذ قيام الكيان في عشرينات القرن الماضي وحتى في أحلك أيام الحرب الأهلية أن قام كيان خارج على الشرعية والاجتماع اللبناني المركب أن هدد لبنان في معنى وجوده كما يحصل اليوم. إنها حالة تستدعي من كل اللبنانيين وعياً لخطورة التهديد الذي يمثله quot;حزب اللهquot; على البلاد. فالموضوع لا يتصل بالاغتيالات وحدها - على فداحتها - بل بمسار تدميري عام على كل المستويات سيؤدي في حال استمراره الى إنهاء لبنان الذي عرفناه أو الذي نحلم به: لبنان الحرية والاستقلال والسيادة والثقافة الحرة والتعددية. وبناء عليه نحن نعارض فكرة استيعاب quot;حزب اللهquot; في الجيش بل ندعو بكل بساطة الى تسليم سلاحه الى الدولة وتسريح مقاتليه وتأهيلهم ليعودوا الى الحياة المدنية من دون أي تمييز بينهم وبين بقية اللبنانيين، كما أن مقايضة السلاح بمنح quot;حزب اللهquot; مكاسب في التركيبة اللبنانية تهدد المكونات اللبنانية القلقة أصلا.
نقول هذا ونحن ندرك تماماً ان من انقلبوا في يوم من الأيام على التوازنات الدقيقة في البلاد، ما كانوا يريدون ان يسلموا لبنان الى quot;حزب اللهquot; بل انهم ربما فعلوا ذلك ndash; على ما كانوا يقولون سراً - درءا لشروره وشرور النظام في سوريا. ولكنهم في نهاية الامر أدركوا او أدرك بعضهم انهم بهربهم الى الأمام ما أنقذوا لبنان من انفجار بقدر ما أسلسوا قياده للثنائي الشمولي الداخلي والخارجي. من هنا كان لا بد من التفكير بالمستقبل بطريقة مختلفة. فالاستسلام أمام القتلة أكانوا في لبنان أم سوريا ليس حلاً بل إنه يشجع تلك الفئات على المضي في النهج السابق والعودة إليه متى ارادت. والمطلوب من الاستقلاليين الذين لم يبدّلوا في مواقفهم ومن الذين بدّلوا فيها في مرحلة معينة التوقف قليلاً للتفكير بلبنان ما بعد الثورات العربية، وخصوصاً لبنان ما بعد النظام الحالي في سوريا.
إن التغيير آت الى سوريا لا محالة، وأي تغيير لن يكون في مصلحة الحالة الشاذة الراهنة. واللاحكومة الحالية التي أتى بشار الأسد برئيسها سترحل معه لتطوى أكثر الصفحات قتامة في تاريخ كل من سوريا ولبنان، فأبشروا يا أحرار سوريا ولبنان.
التعليقات