احمد عياش

تبارى عرافو شاشات التلفزة اللبنانية في سهرة ليلة رأس السنة في اظهار سوداوية الاحداث في سنة 2014. لم يكونوا هم وحدهم في سوداويتهم، بل كانت هناك تحذيرات من جهات داخلية وخارجية من بينها السفارة الاميركية في لبنان من احداث ستقع في لبنان خلال الاسبوعين المقبلين وعلى من يصل اليه التحذير تجنب الاماكن التي تشهد اكتظاظا والتي ستكون هدفا للتفجيرات. لم تأت هذه التحذيرات من فراغ بل من الانفجار الرهيب الذي ضرب قلب بيروت واستهدف الوزير السابق الدكتور محمد شطح بين عيدي الميلاد ورأس السنة. ثم جاء الانفجار التالي ولم يمض على التحذيرات سوى يوم واحد ليضرب قلب الضاحية الجنوبية لبيروت. لم يعد الامر بحاجة لمعرفة الابراج وما تخبئه النجوم فالارض التي تهتز وتخرج حمم السيارات المفخخة المنفجرة بتوجيه من بعد او بانتحاريين أصدق إنباء من كل التكهنات. كم كان مفيداً في ليلة رأس السنة وفي كل الليالي الحزينة التي بدأت تتوالى ان نستطلع بدلا من العرافين جهتين فقط: quot;حزب اللهquot; والجماعات quot;الجهاديةquot;.

هما فقط يعلمان علم اليقين ماذا ينتظرنا في المدن والضواحي وعلى طول الحدود اللبنانية - السورية باعتبارهما اللاعبين الوحيدين اليوم على مسرح الموت اللبناني. وفي شرح مبسط نقول: الجهتان الوحيدتان اللتان تملكان الوكالة الحصرية لتسفير الشبان الى الجنة وتوزيع حورياتها عليهم هما الحزب لمن كان على الخط مع ولي الفقيه الايراني او لمن كان على خط اولياء فقهاء الجهاد الذي ولد ذات يوم في الحرب الاميركية ضد الاتحاد السوفياتي بأفغانستان. ولذا، وبدلا من ان تتعقب اجهزة الامن داتا الاتصالات السلكية واللاسلكية عليها معرفة شيفرة الاتصالات بين quot;ملائكةquot; كل من quot;حزب اللهquot; والجهاديين. ومن يتشوق لسماع تفاصيل التفاصيل ليستمع الى أي صاحب عمامة من خبراء الجنة، وهم كثر هذه الايام . فهو يؤكد بما لا يبقى هناك مجال للشك بأن اللحظة التي تتحقق فيها quot;الشهادةquot; سيصعد quot;الشهيدquot; الى جنان الخلد. كل معاناة الموت على كوكب الارض ستنتهي بلمح البصر وتحل معها السعادة الابدية. كم هم الصينيون اغبياء وهو يحاولون اليوم بعد عقود اللحاق بمن سبقهم الى الفضاء فيعكفون على ارسال المركبات الفضائية المأهولة بالبشر للهبوط على سطح القمر وسواه. كانوا سيوفرون أموالاً وطاقات لو كلفوا سفيرهم في بيروت الحصول على موعد مع مسؤول في quot;حزب اللهquot; ومثله مع مسؤول في الجماعات الجهادية لكي يعرف كيفية السفر عبر النجوم بأسرع وقت لم يسبق له مثيل. قد يبدو هذا الكلام ينطوي على سخرية وهذا ليس صحيحا على الاطلاق. كل من يراوده الشك عليه اختيار مأتم يقام اليوم بعد قراءة المقال والذهاب اليه، سيجد هناك من يتلقى التبريكات وليس المواساة. ان موسم الهجرة الواسعة الى الجنة قد انطلق.