سماحة متراجعاً عن اعترافاته: انتزعت مني بالضرب..على الطاولة

&

&

&

&

&

&

&


&

&

&

كاتيا توا


لا يبدو الوزير السابق ميشال سماحة هو نفسه في موقع «الرجل السياسي العتيق» كما يحلو له ان يصف نفسه، وبدا هذه المرة في قاعة محكمة التمييز العسكرية «الرجل المتهم « باعمال ارهابية بعد وضعه في قفص الاتهام، وهو الامر الذي لم يكن على حاله في المرحلة الابتدائية من محاكمته امام المحكمة العسكرية الدائمة التي اصدرت بحقه حكما «مخففا « في 13 ايار الماضي قضى بسجنه اربع سنوات ونصف السنة.

لم يألف سماحة في بداية الجلسة الاولى من محاكمته امام محكمة التمييز العسكرية التي انطلقت امس بعد نقض الحكم الصادر بحقه،موقعه داخل القفص،المكان الطبيعي للمتهمين،فبدا متجهما طوال مجريات الجلسة التي استغرقت ثلاث ساعات ونصف الساعة،وراح ينصت الى اعضاء هيئة المحكمة الذين تناوبوا على تلاوة افاداته في كافة مراحل التحقيق والمحاكمة، مطأطئا الرأس، ومسترقا النظر بين الفينة والاخرى الى رئيس المحكمة القاضي طوني لطوف كمن يحاول قراءة افكاره بـ«حاسّته السادسة« التي استخدمها في مشروعه الجرمي عندما زعم بانه كان يعلم ان المخبر ميلاد كفوري لن ينفذ اعمال التفجير التي خطط لها سماحة مع مشغّله اللواء السوري علي مملوك (الذي يحاكم في هذه القضية بعد فصل الدعوى)، انما اراد إحداث «صدمة» في لبنان.

هذه»الصدمة» استوقفت رئيس المحكمة القاضي لطوف الذي استوضح سماحة سائلا عن ان معظم التحقيق الاستنطاقي يدور حول هذه العبارة التي كررها كثيرا فردّ سماحة قائلا:» كانت في فكري وذهني اكثر مما كانت في الواقع«.

حاول سماحة في معرض تعليقه على احدى افاداته امام شعبة المعلومات الايحاء بان محاكمته سياسية «فانا متهم انما انا رجل سياسي عتيق «. وكان ردّ حازم من رئيس المحكمة الذي اكد بانه امام محاكمة قضائية وليست سياسية. وعاد القاضي لطوف ليذكّر بذلك جهة الدفاع وبنفس الوتيرة عندما اقحمت وزير العدل اللواء اشرف ريفي في مسألة التشكيك في عدم تسليم المحكمة التسجيلات التي توثّق اعترافات سماحة، فيما كان ريفي قد اكد ايداعها اياها بالكامل. وجاء تشكيك وكلاء الدفاع اثر قرار المحكمة بالطلب من شعبة المعلومات ايداعها جميع التسجيلات المذكورة. فاكد رئيس المحكمة ان طلبه لا يعني عدم تسلمها وقال متوجها الى وكلاء الدفاع:»لا تؤوّلوا كلامي،وانا اقرر وادير الجلسة«.

وتحيّن سماحة فرصة اعطائه الكلام للتعليق على افاداته امام المحقق في شعبة المعلومات بكتابة معظم اقواله من عندياته متحدثا عن ضغط نفسي وارهاب مكاني خفّت حدّتهما لدى مقابلته رئيس الشعبة اللواء الشهيد وسام الحسن بعد ان مورست عليه «عملية ارهاب «، وصّفها سماحة «بالضرب على الطاولة «، ضربٌ افقده صفاء الذهن ليخلص الى القول: «ابدا لا اؤيد افادتي الاولية«.

وما لبث «الوضع الذهني السيىء» لسماحة ان تلاشى امام قاضي التحقيق العسكري الاول رياض ابوغيدا، وقال تعليقا على افادته الاستنطاقية:»كنت في وضع ذهني افضل انما اؤيدالقسم الاكبر منها، اما الجزء الآخر فلا اؤيده لان ذاكرتي لم تكن حاضرة وقد اكون عبّرت عن تفكير اكثر منه عن واقع».

في المحصّلة، فان امام سماحة متّسع من الوقت للعمل على «صفاء ذهنه « استعدادا لبدء استجوابه في الجلسة التي حدّدتها المحكمة في السابع عشر من ايلول المقبل بعد ان قررت:

1 ـ توجيه كتاب الى شعبة المعلومات لايداعها جميع التسجيلات والافلام على انواعها العائدة لهذه القضية خلال مهلة اسبوع.

2 ـ تكليف فرع التأليل في الجيش اللبناني تفريغ مضمون هذه التسجيلات باشراف مستشاري المحكمة العميدين طوني شهوان واحمد الحصني.

3ـ ارجاء الجلسة لاكمال استجواب المتهم ولاتخاذ قرار بشأن المطالب المقدمة من جهة الدفاع لجهة دعوة ثلاثة شهود هم ميلاد كفوري وضابطين توليا التحقيق مع سماحة لدى شعبة المعلومات.

- واكدت المحكمة على ما قامت بتدوينه محضر المحاكمة في بداية الجلسة بان المتهم سماحة موقوف وجاهيا منذ 11 اب من العام 2012 ولا يزال.

ووسط تدابير امنية مشددة اتخذتها الشرطة العسكرية في محيط المحكمة وداخل القاعة، وبعد سوق سماحة الى قفص الاتهام وهو بكامل اناقته التأمت هيئة المحكمة برئاسة القاضي طاني لطوف وعضوية اربعة مستشارين من ضباط الجيش برتبة عميد وبحضور ممثل النيابة العامة التمييزية القاضي شربل ابو سمرا.

وحضر عن سماحة المحامون صخر الهاشم وطوني فرنجية ورنا عازوري وشهيد الهاشم. واقتصر الحضور من عائلة سماحة على زوجته وبناته الثلاث وقلة قليلة من الاقرباء والاصدقاء.

في مستهل الجلسة سئل سماحة عن كامل هويته ثم عرض رئيس المحكمة على ممثل النيابة العامة وجهة الدفاع ما اذا كان لديهم مطالب في الشكل فصرّح المحامي الهاشم ان لديه مطلب بالاساس يتعلق بدعوة ثلاثة شهود وبلائحة اتصالات (الامر الذي لم يسبق ان طلبه امام المحكمة العسكرية الدائمة). ولم يمانع القاضي ابو سمرا تاركا امر البت بطلبات الدفاع للمحكمة.

ثم تلا كاتب الضبط القرار الاتهامي الذي يقع في صفحة تبعه تذكير من رئيس المحكمة بتصديق محكمة التمييز العسكرية على قرار المحكمة العسكرية الدائمة بفصل دعوى سماحة عن اللواء السوري علي مملوك المتهم بالقضية والصادر في الثاني من حزيران الماضي. واعقب ذلك تلاوة احد المستشارين محاضر التحقيق الاولي مع سماحة لدى شعبة المعلومات. وفي ضوئها سئل سماحة عما اذا كان يؤكد مضمونها فاجاب : ابدا، انا لم اكن حينها صافي الذهن وكنت تحت الضغط المكاني والارهاب الكلامي وكان في ذهني عملية اقتحام منزلي وكيفية معاملة زوجتي وبناتي. اضاف :» ان المحقق كان يسألني ويكتب ثلاثة ارباع الجواب من عندياته وان كلمة «اؤكد» التي تبدأ في كل جواب كانت تنتهي على مضامين كثيرة وان جزءا كبيرا من افادتي ليس صادرا عني «. وتابع سماحة يقول :» لم يكن المحقق ينتظر جوابي انما كان يصيغه بطريقته«. وقال ردا على سؤال لممثل النيابة العامة:» انا لا اعرف المحقق الا في الشكل«. واضاف:» حصلت عملية ارهاب، ضربٌ على الطاولة وشتم وصراخ وأُجبرت ان اطلب مقابلة رئيس الشعبة الشهيد الحسن وبعد ذلك خفّ التهويل نسبيا«.

ولدى سؤال القاضي لطوف عن لقائه بالنائب العام التمييزي القاضي سمير حمود، قاطعه سماحة قائلا:» انا متهم انما انا سياسي عتيق وعمري 67 عاما«. وهنا ردّ لطوف بانه ليس امام محاكمة سياسية انما قضائية. وقال لسماحة:» انا اطرح سؤالا عليك لحسن سير العدالة ومن حقك ان ترفض الاجابة«. وعاود سؤال سماحة عن ذلك اللقاء وهل ابلغ القاضي حمود عن وضعه وما كان يعانيه فاجاب سماحة:» كلا لم افعل خوفا على ما بعد مغادرته وجلّ ما قلته له «ماشي الحال».

وبعد استراحة قصيرة تابعت المحكمة تلاوة التحقيق الاستنطاقي مع سماحة امام القاضي ابو غيدا. وعلّق سماحة قائلا :» انا اؤكد على مضمون الجزء الاول منه لاني كنت في وضع ذهني افضل وتحسنت جسديا ونفسيا. وسئل عن سبب تأييده الجزء الاخر من افادته تلك اجاب :» انا اليوم تجاوزت الالف والمئتين والسبعين يوما من التوقيف، وعدم وجود صفاء ذهن وخوفي من المحيط وعلى عائلتي. كل ذلك قد يكون دفعني للتعبير عن تفكير اثناء التحقيق اكثر منه عن واقع. «

وسأله القاضي لطوف: «لقد لفتني ان معظم افادتك الاستنطاقية تدور حول كلمة «صدمة» فهل توافق عليها، اجاب: «كانت في فكري وذهني اكثر مما كانت في الواقع. وسأله عن ظهوره مرتاحا اثناء التحقيق الاستنطاقي حتى انه قال للقاضي ابو غيدا «الآن بدأ التحقيق « فاجاب :» انا اوقفت بشكل دراماتيكي ولم انم ليلتين، وعندما وصلت امام قاضي التحقيق حيث لا ضرب على الطاولة ولا صراخ، تبدّل الجو انما لا استطيع ان اقول اني ارتحت فلم يكن هناك صفاء ذهني او تفكيري«.

واخيرا تليت افادة سماحة امام المحكمة العسكرية الدائمة وعلّق عليها قائلا :»ان المحاضر مختصرة وانا اؤيدها بالكامل انما ارى ثغرات في مضامينها وهناك مواضيع تم اختصارها او اجتزاؤها ولم يتم تدوينها بالكامل.

واعطى سماحة مثالا على ذلك فقال :» موضوع التسجيل والهواتف، فقد طرح علي سؤال عما اذا كنت اسجّل المكالمات على هاتفي وجوابي كان النفي وانا شرحت تقنية تسجيل المكالمات من دون علمي ووضعها على هاتفي الخاص دون علمي وارادتي. واضاف سماحة بانه اراد امام المحكمة العسكرية الدائمة شرح ما جرى بينه وبين ميلاد كفوري فعليا بين شباط 2012 و21 آذار من العام نفسه وهذا ناقص في محضر المحاكمة.

وقبل رفع الجلسة الى 17 ايلول المقبل لاستجواب سماحة نبّه رئيس المحكمة وكلاء الدفاع على ان المحكمة معنية بما يقال داخل القاعة وذلك في رده على المحامي فرنجية حول موضوع التسجيلات الصوتية للاحاديث بين سماحة وكفوري. وختم القاضي لطوف قائلا:» لا تحمّلوا المحكمة ما حصل في السابق فنحن نحاكم سماحة من جديد».
&