تطورت صناعة التقنية المالية في العالم في الأعوام الماضية ووصل الاستثمار فيها نحو 130 مليار دولار في العام الماضي، الذي كان مليئا بالمفاجآت الاقتصادية على خلفية تباطؤ النمو الاقتصادي في جميع أنحاء العالم وتحديات سلاسل التوريد والتضخم الحاد والارتفاعات اللاحقة في أسعار الفائدة، ما أدى إلى صعوبة البيئة المالية، وهذا مشاهد في العام الحالي. وعلى الرغم من ذلك، فقد واصلت صناعة التقنية المالية إعادة تعريف كيفية تقديم الخدمات المالية في جميع المجالات مع اهتمام العملاء والمستثمرين المحتملين بأعلى مستوياتها على الإطلاق. لقد تطورت صناعة التقنية المالية لكي تجبر البنوك التقليدية وبشكل متزايد على النزول إلى الرقمنة، حيث كانت البنوك في تردد مستمر من اللحاق بالركب خلال الأعوام الأخيرة وسط تطور توقعات العملاء والمتطلبات التنظيمية والتقدم التقني. يقول نايل جرين، الرئيس التنفيذي لمجموعة DeVere: "على الرغم من أن العالم يتأرجح على حافة الركود العالمي، فمن المتوقع أن يستمر الاستثمار في التقنية المالية وبناء الزخم المالي الرقمي، لأنه يحسن تجربة العملاء ويزداد الطلب عليه. كما أنه يساعد الشركات على زيادة الكفاءة وتعظيم الإنتاجية وخفض التكاليف التشغيلية وتحسين الميزة التنافسية". فما أبرز تطورات صناعة التقنية المالية الحالية والمستقبلية؟ من أبرز تطورات صناعة التقنية المالية هو أن البيانات أضحت أكثر فاعلية وأهمية من أي وقت مضى، وسوف يكون هناك تركيز متزايد على استكشاف طرق جديدة لجمعها وتحليلها واستخدامها للتمييز بين عروض الشركات المستندة إلى العميل. ولا ننسى أن ثمة توجها فعليا في مزيد من الرقابة والتدقيق التنظيمي، لأن خدمات صناعة التقنية المالية يتم تضمينها بشكل متزايد في الكيانات غير الخاضعة للتنظيم. وستسعى الهيئات الرقابية في العالم إلى زيادة حماية العملاء من خلال تكثيف اللوائح مع التركيز بشكل خاص على المساءلة والشفافية.

إن أكثر من نصف شركات التقنية المالية تستخدم الذكاء الاصطناعي لتقديم منتجات وخدمات جديدة كمميزات رئيسة. ومع النماذج التي تجعل دمج قدرات الذكاء الاصطناعي في المنتجات الرقمية أسهل، بحيث سنرى مزيدا من البنوك وشركات التقنية المالية تضاعف مبادرات الذكاء الاصطناعي على أمل إطلاق منتجات من شأنها أن تحقق إيرادات إضافية. ولقد أصبح مفهوم الاستدامة عنصرا حازما في صناعة التقنية المالية، واستجابت بعض شركات التقنية المالية نظير القوانين الصارمة مثل توجيهات المفوضية الأوروبية. إن إحدى الطرق التي تعمل بها التقنية المالية والبنوك على جعل التمويل أكثر استدامة لهي تقليل تأثيرها البيئي، وتلتزم بعض البنوك بأن تقلل من نفاياتها وتصبح محايدة للكربون، أو الترويج لحلول الدفع الرقمي وهو اتجاه حديث من المتوقع أن يتطور في الأعوام المقبلة. ويتوقع بعض الخبراء أن نشهد مزيدا من أنشطة الدمج والاندماج والاستحواذ في صناعة التقنية المالية مع عدد أقل من الشركات الناشئة.

لقد نشأ جيل الألفية على التقنية الذين تأثروا بالطفرة الهائلة في التقنيات الرقمية، ومن الملاحظ أن العميل الرقمي بدأ في الوقت نفسه تقريبا مع الانهيار المالي العالمي الذي حدث في 2008. ومن المتوقع أن يزداد زخم التقنية المالية، لأن الجيل الحالي يهتم بالرقمنة وهم الذين يمثلون المستهدف الأسرع نموا. ويتوقع العملاء وصولا سهلا وفوريا وأن التحكم في مواردهم المالية أصبح في متناول أيديهم في عالم الأجهزة المحمولة، ويطلبون أن يكونوا قادرين على تحويل الأموال ودفع الفواتير بنقرة واحدة، ويريدون أن يكونوا كذلك قادرين على مراجعة عادات الإنفاق لديهم، وأن يتم تقديم النصح والتوجيه لهم وإمكانية الوصول في الوقت الفعلي. ولكن هل أصبحت البنوك المحلية على دراية بهذا التحول؟