بهية مارديني من دمشق : قالت لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية و حقوق الإنسان في سوريا ان سورية ومنذ أشهر عديدة تشهد حملة مستمرة من الاعتقالات التعسفية والاستدعاءات الأمنية طالت العديد من المواطنين السوريين, من مختلف ألوان الطيف الاجتماعي والسياسي في سوريةndash; بمن فيهم إسلاميون و أكراد ونشطاء لحقوق الإنسان وكتَّاب وطلبة ويساريون ndash; بينما صدرت أحكام قاسية على آخرين عقب محاكمات جائرة , من جانب محكمة أمن الدولة العليا غير الدستورية أو المحاكم العسكرية الاستثنائية والتي جميعها تفتقر إلى الاستقلالية والحيادية والشروط العادلة للمحاكمات ,مع استمرار المنع لأي تجمع سلمي أو اعتصام أو تظاهرة ( كما حدث مؤخرا في 5/10/2006).

وخلصت لجان الدفاع عن الحريات في افتتاحية مجلة الصوت الناطقة باسمها ان تلك الممارسات قد تسببت في quot;تراجع احترام حقوق الإنسان والازدياد في الانتهاكات الحكومية, في مناخ الأحكام العرفية وحالة الطوارئ المعلنة والمستمرة في سورية منذ 43 عاماً. وكل ذلك يتم بحجج تتعلق بتأزم الوضع الإقليمي والتهديدات الخارجية ضد سورية، بالرغم من خطورة هذه التهديدات الخارجية quot;

واضافت الافتتاحبة ان العمل الطويل بحالة الطوارئ والأحكام العرفية ، والمحاكم والقوانين الاستثنائية ، أدى إلى ضمور الجسد السياسي ومؤسسات المجتمع المدني المستقلة ، المتسق مع ضمور سيادة القانون أو اضمحلالها ، مما أدى إلى quot;الفوضى والعشوائية والارتجال والاعتباط والتسيب وانحلال عرى التنظيمات والعلاقات الاجتماعية والسياسية، وتهتك منظومة الأخلاق العامة، أو الأخلاق العملية،وحلول الامتيازات محل القوانين، وحلول مبدأ الولاء الحزبي أو الشخصي محل مبدأ المواطنة ومحل مبدأ الكفاءة والجدارة والاستحقاق، وحلول المصالح الشخصية والخاصة محل المصلحة الوطنية العامة، ونزع الطابع الوطني، الجمهوري، العام، أي المجتمعي، عن الدولة ومؤسساتها، وطبعها جميعاً بطابع الحزب الواحد والرأي الواحد واللون الواحد، مما أنتج معيقات عميقة وجدية وحقيقية أمام عمليات الإصلاح السياسي والقانوني.

و حول الضغوط الخارجية وتاثيرها على الديمقراطية قالت اللجان ان السلطات قبل انهيار الاتحاد السوفيتي وأحداث 11أيلول كانت تتهم المخالفين لرأيها بمناهضة أهداف الثورة ومعاداة التحول الاشتراكي.. السيف المسلط على أعناق السياسيين ونشطاء المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية ، وفي هذه المرحلة المعقدة المحمومة بالحرب ضد الإرهاب تحولت الضغوط الخارجية إلى معيق إضافي أمام التحول الديمقراطي في البلاد ،حيث تحولت تهمة الاتصال بالخارج إلى سيف يطال أعناق التيار الديمقراطي وحركة حقوق الإنسان ، حيث شكل خطاب الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان الذي يغلف خطاب الدول الكبرى إضافة إلى الازدواجية في المعايير فيما يتعلق بسياساتها تجاه المنطقة( وأهمها: الصمت المريب لانتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان في فلسطين والجولان المحتل).. شكلت ضغوطا مركبة ذات طابع معقد طالت حركة حقوق الإنسان والمشروع الديمقراطي في المنطقة, هذه الحالة تحولت إلى مأزق وعائق إضافي أمام حركة حقوق الإنسان ، فالملاحظ تماما في حالة الصمت والتحرك الدولي المتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان في العالم العربي فالذي يدفع الثمن هم نشطاء حركة حقوق الإنسان والمشروع الديمقراطي الذي هو بالأساس مشروع يتمحور حول الداخل الوطني ولم يرتبط تاريخيا بأي أجندة خارجية ، بل هو تعبير موضوعي عن جدلية التطور المجتمعي والسياسي والثقافي والحاجة ، ويشكل الإجابة الجدية، لجملة التحديات الداخلية والخارجية واستحقاقاتها.

وقال دنيال سعود رئيس لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية و حقوق الإنسان في سورية في تصريح لـquot; ايلاف quot; إن خطاب الديمقراطية وحقوق الإنسان للدول الكبرى المستند على مبدأ ازدواجية المعايير هو خطاب أيديولوجي يغلف مصالحها
في المنطقة ، مما وضع حركة حقوق الإنسان والمجتمع المدني أمام مأزق إضافي كما ان الضغوط الخارجية تحولت إلى عائق أمام عمليات الإصلاح و التحول الديمقراطي في البلاد,وما فرضته هذه الضغوط من التزامات وانصراف لكل الجهود لمواجهتها.واعتبر سعود ان عمليات الإصلاح السياسي والقانوني هي ضرورات مجتمعية,تمليها الحاجات الداخلية وهي الدافع الحقيقي لكل عمليات البناء والتطوير والتحديث الواجب والضروري لمجتمع والدولة من أجل المضي في مسار التحول الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان. وأن لا تتحول الضغوط الخارجية إلى ذريعة إضافية في لجم عملية الإصلاح، وهذا ما يفترض استصدار قوانين جديدة تنظم علاقات المجتمع بالدولة وعلاقات الفرد بالمجتمع مثل (قوانين للأحزاب وللجمعيات وللاعتصامات والتظاهرات والنقابات وللانتخابات النقابية و المحلية والبلدية والبرلمانية), وختم سعود بالتاكيد على ضرورة توسيع حق المشاركة وتحمل المسؤولية لجميع أفراد المجتمع (حكوميين وغير الحكوميين) في صياغة مستقبل البلاد , وليس في تحمل النتائج فقط.