اندريه مهاوج من باريس : لم يحسم الاتحاد الاوروبي بعد موقفه النهائي من التعامل مع سوريا في الملفات المتعلقة بمنطقة الشرق الاوسط وخصوصا بالنسبة الى لبنان وعملية السلام . لقد بات من الثابت ان الاوروبيين يجمعون على الاستمرار في مطالبة دمشق بالالتزام بكل ما تفرضه عليها القرارات الصادرة عن مجلس الامن الدولي اكان بالنسبة الى الكف عن التدخل في الشؤون اللبنانية وانهاء أي نفوذ او تأثير مباشر وغير مباشر على كل اوجه الحياة في هذا البلد او بالنسبة الى التعاون مع اللجنة الدولية للتحقيق في اغتيال رفيق الحريري وصولا الى تشكيل محكمة دولية ولكن ما يثير جدلا بين اعضاء دول الاتحاد يتعلق بمسالة فتح حوار او عدمه مع دمشق بشان كل الملفات بدء من لبنان مرورا بالاوضاع العراقية والعلاقة بين سوريا وايران انتهاء بعملية السلام مع اسرائيل.

لقد برز اتجاه بين دول الجنوب الاوروبي في مقدمتها اسبانيا وتتعاطف معه المانيا يدعو الى استئناف الحوار مع دمشق من دون ان يعني ذلك في المرحلة الاولى رفع المقاطعة السياسية أي اعتماد سياسة تجريبية تقوم على بدء الحوار مع سوريا لمعرفة مدى استعدادها للتجاوب مع المطالب الدولية قبل اعادة quot;تطبيعquot; العلاقات معها في حين يتمسك تيار اخر يضم بشكل خاص فرنسا وبريطانيا بالاستمرار باعتماد التصلب مع دمشق وعدم تقديم أي quot;هدية quot; سياسية لها ما لم تنفذ اولا ما هو مطلوب منها .

من هنا جاء الكلام التوضيحي للناطق باسم الخارجية الفرنسية الذي قال ان بعض وزراء خارجية دول منضوية تحت لواء الاتحاد الاوروبي اجروا اتصالات مع سوريا باسم دولهم ، وليس باسم الاتحاد في حين ان من يمثل الاتحاد في امور من هذا النوع هو حصرا خافيير سولانا الذي يتولى منصب الممثل الاعلى للسياسة الخارجية وللامن المشترك في الاتحاد الاوروبي واضاف الناطق الفرنسي ان سولانا هو الذي يتحرك ويتكلم باسم الاتحاد الاوروبي وان وزراء خارجية الدول يتكلمون باسماء بلدانهم وهذا يعني ان ميغيل انغيل موراتينوس قام بزيارة الى الشرق الاوسط بصفته وزيرا لخارجية اسبانيا ومثل بلاده في المحادثات التي اجراها ولكن هذا لا يعني ان الاتحاد الاوروبي غير مهتم بنتائج هذه الزيارة لا بل انه من المفيد معرفة حصيلة اتصالات الوزير الاسباني .

هذا الكلام يعني صراحة ان الاتحاد الاوروبي لا يفرض على دوله الاعضاء مقاطعة سوريا ولكنه في الوقت نفسه لم يتخذ قرارا سياسيا على مستوى بروكسل من اجل استئناف المحادثات مع سوريا والناطق باسم الخارجية كان واضحا بقوله ان دول الاتحاد لها علاقات دبلوماسية مع سوريا وهذه القنوات الدبلوماسية تتيح quot;التكلم quot; بين الطرفين ولكن لا توجد أي مبادرة باسم الاتحاد الاوروبي من اجل اقامة حوار مباشر مع سلطات دمشق

واذا كان البعض يعتبر ان لا سلام في الشرق الاوسط من دون سوريا وان لا حل للملفات العالقة من لبنان الى ايران والعراق من دون تعاون سوريا فان الناطق الفرنسي يعتبر ان على سوريا ان تقوم بمبادرات فعلية قبل أي خطوة من جانب الاتحاد الاوروبي وبشان السلام فان فرنسا لا تزال متمسكة باقتراح الرئيس جاك شيراك بعقد مؤتمر دولي تشارك فيه طبعا سوريا وباقي الاطراف المعنيين ولكن يجب اولا توافر الظروف الملائمة لعقد مثل هذا المؤتمر من هنا كانت دعوة شيراك لاعادة تفعل عمل اللجنة الرباعية من اجل ازالة التشنجات وتمهيد الطريق .

مسالة السلام في الشرق الاوسط مطروحة باستمرار داخل الاتحاد الاوروبي وفي مجلس الامن ولكن عقد المؤتمر الدولي مرتبط الى حد بعيد بتطور العلاقات بين الفلسطينين والاسرائيليين وبمصير حكومة الوحدة الوطنية .