هوس ديني كاسح وفتاوى تحرض على القتل
إمام مصري يزعم رؤية النبي يصلي بمسجده

نبيل شرف الدين من القاهرة: لا يمكن لأي مراقب موضوعي لأحوال المجتمع المصري خلال هذه الأيام، أن يتجاهل حالة تفشي quot;الهوس الدينيquot; في مصر على نحو وبائي لا تخطؤه العين، وعلى سبيل المثال لا الحصر فقد شهدت القاهرة خلال الأيام القليلة الماضية سلسلة من الأحداث قد لا تبدو للوهلة الأولى مترابطة، لكن وضعها ضمن سياق واحد قد يشير إلى دلالات هامة، إزاء خطورة المد الأصولي الكاسح الذي بات معه ملايين المصريين يتبنون آراء متطرفة، كتلك التي يعتنقها أعضاء المنظمات الإرهابية المسلحة، وإن لم يكن هؤلاء البسطاء أعضاء في تلك المنظمات والجماعات أو حتى سمعوا بها من قبل .

فخلال أيام قلائل أطلق نائب برلماني ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين تصريحات تحريضية، قال فيها إنه ينبغي إعدام رئيس الوزراء المصري أحمد نظيف، ووزيري الأوقاف والاستثمار، بزعم أنهم يتربصون بالإسلام، وفي الوقت نفسه شن الإخوان المسلمون والسلفيون حملة شرسة على الدكتورة سعاد صالح أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، لأنها أفتت بأن النقاب ليس زيا إسلامياً بل زياً بدوياً، وهاجمت انتشار ظاهرة النقاب على نحو كاسح في مصر.

وأعربت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان عن مخاوفها من أن مثل هذه الآراء تعد من قبيل التحريض على قتل مسؤولين سياسيين، مما يعود بمصر إلى ما جرى أثناء عقد التسعينات من القرن الماضي، عند استهداف أعمال العنف المسلح للمسؤولين السياسيين والمفكرين والأدباء .

الرسول في مصر

ثم كللت تلك الوقائع الغريبة بقصة أكثر غرابة ولا تخلو من الإثارة، بطلها إمام مسجد شهير في مصر، زعم أنه رأى النبي محمداً يصلي في مسجده، وأنه أوقف الصلاة فجأة ودعا النبي ليؤم المصلين . الشيخ الذي يدعى جابر الدسوقي، ليس من ذلك الطراز الجديد من الأئمة الذين يوصفون بالدعاة الجدد، بل هو رجل بلغ من العمر 70 عاماً كما أنه يمارس عمله منذ زمن، إذ يؤم المصلين بمسجد quot;الحامدية الشاذليةquot; الشهير منذ 33 عاما .

ثم ظهر الشيخ جابر الدسوقي ومعه الشيخ مبروك عطية، عبر برنامج (القاهرة اليوم) الذي تقدمه فضائية (أوربت) حيث قال الدسوقي رداً على سؤال عن رؤيته الرسول quot;كأني رأيتهquot;، ثم سرد الرواية التي بدأت فصولها قبل الصلاة بيوم، عندما رأي أحد المصلين بالمسجد الرسول في رؤية منامية، وزعم أنه قال له : quot;نلتقي ليلة القدر في الحامدية الشاذليةquot;، وبعدها جاءت له سيدة وقالت: quot;لقد رأيت الرسول بين المصلين في ليلة القدرquot;.

وبعد انتهاء الدسوقي من صلاة التراويح في هذا اليوم ثم التهجد شعر ببعض التعب قبل صلاة الفجر، وأراد أن ينتهي من الصلاة بسرعة، وقرر أن يصلي ببعض قصار السور، وأثناء صلاة الفجر صمت الدسوقي فجأة، وقال : quot;تفضل يا رسول اللهquot;، وظل صامتا لنحو خمس دقائق بعدها قال للناس: quot;الرسول هو الذي يؤمنا في الصلاةquot;.

واستمرت الصلاة لأكثر من ساعة، وظل المصلون يبكون وسادتهم حالة من الانفعال الشديدة، وكان بين الشهود على تلك الواقعة كل من : عصام الأمير رئيس القناة الثانية في التلفزيون المصري، وعمرو الليثي رئيس تحرير صحيفة (الخميس)، الذي أجري حوارا مع جابر الدسوقي، روى فيه ما حدث في الحامدية الشاذلية في ذلك اليوم الذي كان يوافق 28 من شهر رمضان الماضي .

وإثر ذلك فقد بادرت وزارة الأوقاف المصرية إلى منع جابر الدسوقي، من إمامة مسجد الحامدية الشاذلية من الخطابة، وأرسل مجلس إدارة المسجد خطابا للدسوقي، يطلب فيه تجديد ترخيصه بالخطابة من وزارة الأوقاف قبل أن يعتلي المنبر مرة أخرى .

والطريقة الحامدية الشاذلية يرأسها إبراهيم طلعت سلامة الراضي، وهي التي أسست جمعية المجمع الإسلامي ومسجد الحامدية الشاذلية المشهرة برقم 1414 لسنة 1999 طبقا لأحكام القانون رقم 84 لسنة 2002 بشأن قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية في مصر .