بيروت : عائلة الجميل التي يتحدر منها وزير الصناعة بيار الجميل الذي اغتيل الثلاثاء قرب بيروت، طبعت الحياة السياسية في لبنان منذ منتصف القرن الماضي ودفعت الثمن بالدم عدة مرات من جيل الى اخر. وتاريخ هذه العائلة السياسية اختلط لفترة طويلة مع تاريخ الطائفة المارونية. وهذه العائلة المتحدرة من بكفيا في المتن الشمالي اعطت لبنان رئيس حزب الكتائب بيار الجميل الذي شغل مناصب وزارية عدة مرات والذي اصبح نجلاه بشير وامين على التوالي رئيسين للجمهورية عام 1982 في ظروف مأساوية.

وانتخب بشير الجميل قائد القوات اللبنانية انذاك في اب/اغسطس 1982 رئيسا للجمهورية في خضم الاجتياح الاسرائيلي للبنان. واغتيل بعد شهر على ذلك فيما خلفه شقيقه الاكبر امين الجميل. وقبل سنة من ذلك قتلت مايا (4 سنوات) ابنة بشير الجميل في اعتداء بالسيارة المفخخة كان يستهدف والدها. وفي العام 1936 اسس بيار الجميل حزب الكتائب متأثرا بالاحزاب الاوروبية من اليمين القومي. وكان هذا الحزب رأس حربة quot;القومية اللبنانيةquot; وكذلك المقاومة ضد الانتداب الفرنسي والتصدي quot;للقوميين العربquot; المعارضين للكيان اللبناني. وبعد ان شارك في التظاهرات المناهضة لفرنسا خلال الانتفاضة من اجل استقلال لبنان عام 1943، خاض بيار الجميل المعركة في الخميسينات ضد القوميين العرب.

وخلال الحرب الاهلية اللبنانية الاولى التي استمرت حوالى شهرين عام 1958 حمل مناصروه السلاح للدفاع عن نظام الرئيس كميل شمعون الموالي للغرب في مواجهة انتفاضة شعبية بدعم من الرئيس المصري جمال عبد الناصر وسوريا. وبعد عودة السلام، ساند بيار الجميل وحزبه في احد الاوقات نظام الرئيس الجديد للدولة قائد الجيش فؤاد شهاب. لكن الجميل قطع هذا الحلف في نهاية عام 1968 للمشاركة في جبهة مسيحية ضد quot;الشهابيةquot; المتهمة بانها تخضع للتيار الناصري واليسار. وعشية الحرب الاهلية عام 1975 وامام فشل الجيش اللبناني في مواجهة الفدائيين الفلسطينيين الذين تسللوا من سوريا، اعلن بيار الجميل انه ليس هناك من خيار سوى خوض المواجهة.

وقام بتسليح مناصريه فيما كان الاشتباك بين الكتائب والفلسطينيين شرارة الحرب الاهلية في 13 نيسان/ابريل 1975.وعند بدء ولاية نجله امين الجميل (1982-1988) فاوضت الحكومة اللبنانية تحت رعاية الولايات المتحدة على معاهدة سلام مع اسرائيل لكن رحيل القوة المتعددة الجنسيات (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وايطاليا) اثر اعتداءات ارهابية ارغم الجميل على التعامل مع سوريا. وبعد اتفاق الطائف (1989) الذي كرس الوصاية السورية على لبنان ووضع حدا للحرب الاهلية، لجأ امين الجميل وافراد عائلته وبينهم نجله الاكبر بيار الى باريس ولم يعودوا الى البلاد الا عام 2000 السنة التي انتخب فيها ابنه بيار نائبا. واعيد انتخاب بيار عام 2005 خلال الانتخابات التي جرت بعد انسحاب الجيش السوري من لبنان. وبيار الجميل وزير الصناعة كان اصغر عضو في حكومة فؤاد السنيورة التي تدعمها الغالبية البرلمانية المناهضة لسوريا.