محمد الخامري من صنعاء: كشفت مصادر مقربة من القصر الجمهوري بصنعاء عن مشاورات بدأت تجريها الحكومة اليمنية مع الجامعة العربية وعدد من الدول المجاورة للعراق لعقد مؤتمر للمصالحة الوطنية بين الفرقاء العراقيين خلال الفترة القليلة القادمة، بحيث تشترك فيه كافة الفصائل العراقية.

وقال وزير الخارجية والمغتربين الدكتور أبو بكر القربي أن المؤتمر الذي ستتبناه جامعة الدول العربية يُعتبر ضرورة حتمية للخروج بمواقف موحدة تضمن وحدة الشعب العراقي وتنبذ العنف الجاري حاليا تفاديا لاشتعال حرب الأهلية التي بدأت مؤشراتها تظهر في الواقع العراقي.

وأكد وزير الخارجية في تصريحات نشرتها صحيفة سبتمبر انه ليس لليمن في هذا التحرك أية أجندة سياسية في العراق سوى تحقيق المصالحة الوطنية الحقيقية وتجنيب الشعب العراقي شبح الحرب الأهلية، مشيراً إلى أن دعوة اليمن لعقد المؤتمر مبنية على إيجاد معالجات لقضايا النزاع العراقي وتضميد الجراح النازفة بين كل طوائف الشعب العراقي ووضع حد نهائي للدماء العراقية التي تنزف و أصبحت تشكل هما ليس للعراقيين فقط بل للأمة العربية بأسرها. ولفت القربي إلى أن اختيار مكان وزمان عقد المؤتمر خيار متروك للجامعة العربية، مؤكداً أن اليمن لا تمانع في عقد مؤتمر للمصالح العراقية بالعاصمة صنعاء إذا ما تم اختيار ذلك من قبل الجامعة والأشقاء في العراق.

عزّت الدوري

وكانت مصادر عراقية مطلعة قالت في وقت سابق من الشهر الجاري أن نائب الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين رفض عرضاً من الرئيس علي عبد الله صالح لاستضافة اجتماع في صنعاء بين ممثلي حزب البعث العربي الاشتراكي وبين الأميركيين ، مشيرة إلى أن الدوري أوفد احد اقرب مساعديه لإبلاغ صالح رفضه أي اتصال مع من اسماهم بـquot;الغزاة الأميركيينquot; إلا بعد إعلانهم الصريح قبول الشروط والحقوق الوطنية ، عندها فقط سترسل فصائل المقاومة المنضوية في إطار quot;التحالف الوطني العراقيquot; الذي يضم مجموعات مسلحة في العراق ولحزب البعث نفوذ عليها ، سترسل وفدا للتفاوض حول تفاصيل الانسحاب الشامل.

وقال بيان صادر عن التحالف الوطني العراقي أن عزت الدوري قال في رده على عرض الرئيس علي عبد الله صالح انه لن يسافر خارج العراق مطلقا قبل التحرير الشامل ورحيل آخر جندي أميركي وبريطاني ومن اسماهم بـ'الصفويين الإيرانيينquot;. وأضاف البيان أن الدوري أكد للرئيس صالح عبر الموفد الخاص الذي أرسله لصنعاء بأن كل ما يشاع ويتردد حول اتصالات أو مفاوضات بين الجماعات المسلحة وقوات الاحتلال هو مجرد تسريبات إعلامية ومخابراتية ومحاولات بائسة لخلق البلبلة وتسويق بعض العناصر العميلة والمرتدة والمتساقطة ، في إشارة منه إلى أطراف بعثية أخرى لهم وجهات نظر متعارضة مع قيادة الدوري ومع جماعات مسلحة قريبة من حزب البعث ، تجري مفاوضات من وراء ظهره.
واختتم البيان بعبارة quot;العراق باق ... والاحتلال إلى زوالquot;.

إتصالات يمنيّة

وكانت مصادر عراقية بصنعاء قالت أن الرئيس علي عبد الله صالح أجرى خلال الأسبوعين الماضيين سلسلة اتصالات مع عدة أطراف دولية في مقدمتها الحكومة العراقية والخارجية الأميركية والعاهل السعودي وأمير دولة الكويت ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة لإطلاعهم على حيثيات المبادرة التي يعتزم إطلاقها ، وحملها معه إلى لندن لمناقشتها مع quot;توني بليرquot; رئيس وزراء بريطانيا ، والرئيس الفرنسي جاك شيراك.

وبينت المصادر ذاتها لموقع نبأ نيوز الذي تديره صحفية عراقية مقيمة في صنعاء والمقرب من المؤتمر الشعبي العام quot;الحزب الحاكمquot; أن الجديد في مبادرة الرئيس صالح لتسوية الخلافات القائمة بين القوى الوطنية العراقية هو أنها تقترح مؤتمراً يجمع بين مختلف أطياف الساحة العراقية ولا تستثني أحداً ndash; بما في ذلك البعثيون والجماعات العراقية المسلحة، منوهة إلى إمكانية مشاركة أطراف دولية رفيعة في المؤتمر الذي تعتزم صنعاء احتضانه.

وقد أكدت مصادر في وزارة الخارجية العراقية علمها بالمبادرة اليمنية، وأشارت إلى وجود اتصالات يمنية وعراقية مع مختلف القوى الوطنية العراقية من أجل إقناعها بالمشاركة في مؤتمر صنعاء، رافضاً الكشف عن أي تفاصيل تتعلق بالخطوط العامة لأفكار المبادرة اليمنية، منوهاً إلى أنه quot;من المبكر الحديث عن أفكار مسبقةquot;.
وتدخل هذه المبادرة ضمن عدة مبادرات سابقة تبنتها القيادة اليمنية من أجل ترسيخ السلام والاستقرار الإقليمي، بينها عدة أدوار لعبتها من أجل الوفاق بين الفصائل الصومالية، وأخرى في السودان في أعقاب انفجار النزاعات المسلحة في إقليم دارفور، إضافة إلى مبادرة الرئيس صالح لإعادة الدفء بين الرياض وطرابلس.

ومن خلال تصريحات سابقة فإن اليمن أبدت قلقاً كبيراً بشأن الوضع الأمني في العراق، واستمرار نزيف الدم، ويعتقد الرئيس صالح أنه إذا خرج الاحتلال من العراق فإن بإمكان العراقيين إحلال السلام في وطنهم ، وأن ما يشاع حول إمكانية حدوث حرب أهلية عقب انسحاب قوات الاحتلال غير صحيحة وأنها لن تكون أسوأ مما هو عليه الآن.