خلف خلف من رام الله-وكالات : اعلنت مصادر امنية وطبية فلسطينية ان ناشطا فلسطينيا مسلحا وامرأة فلسطينية قتلا فجر اليوم خلال عملية قام بها الجيش الاسرائيلي بالقرب من بلدة جنين بشمال الضفة الغربية. وقالت المصادر ان عبد الرازق ناصر (25 عاما) وهو مسؤول محلي في quot;لجان المقاومة الشعبيةquot; قتل خلال تبادل لاطلاق النار مع جنود اسرائيليين في قريبة قباطية.
واضافت ان امرأة مسنة من جيرانه في الخمسين من العمر قتلت خطأ وهي تحاول تقديم المساعدة.

وجاء هذا الحادث الخطير غداة وقف لاطلاق النار اعلن السبت ويتعلق خصوصا بوقف اطلاق الصواريخ الفلسطينية من قطاع غزة على اسرائيل مقابل وقف الاعتداءات الاسرائيلية. ومن ناحيته، قال متحدث عسكري اسرائيلي ان quot;وحدة تعمل في القطاع اصطدمت برجلين مسلحينquot; ولكن دون ان يشير الى مقتل الامرأة. واضاف ان ان الرجلين قتلا او جرحا خلال تبادل لاطلاق النار.

الهدنة والشكوك بصمودها

ان كان الشعب الفلسطيني يشككبامكانيةصمود عملية وقف إطلاق النار، التي دخلت حيز التنفيذ يوم أمس الأحد، الا ان هناك ارتياحاً ظاهراً لدى الأوساط المحيطة بالرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) إزاء نجاح العملية، وموافقة إسرائيل على الاستجابة لهذا التحدي.

وكان الرئيس عباس يبذل منذ طويلة جهودا جمة من أجل إقناع الفصائل الفلسطينية بالموافقة على وقف إطلاق قذائف القسام، والمحور المركزي الذي طرحه أبو مازن ومساعده على الفصائل من أجل القبول بوقف إطلاق النار هو أنه إذا أوقف الفلسطينيون عملية إطلاق النار لمدة زمنية محدودة وطويلة نسبياً، فإن مواصلة إسرائيل لعملياتها في قطاع غزة سيظهرها أمام العالم كمسؤولةٍ عن العنف، أما في حال استجابتها لهذا التحدي فإن قطاع غزة سيحظى في نهاية الأمر بحالةٍ من الهدوء.
هذا ويأمل عباس أيضاً في الحفاظ على الهدوء في القطاع، مما يساهم في تسهيل عملية الاتصالات الرامية لإطلاق سراح الجندي غلعاد شاليط، وتشكيل حكومة وحدة وطنية.

أما إسرائيلياً، فقد أعربت الأوساط السياسية عن نوعٍ من التفاؤل، متمنين أن يحافظ الفلسطينيون على وقف إطلاق النار فعلاً. وصرح النائب الأول لرئيس الوزراء الإسرائيلي شمعون بيرس بأنه ينبغي عدم المبالغة في أهمية وقف إطلاق النار، وفي الوقت نفسه عدم التقليل منها، موضحاً أن هذا الأمر يُعدّ إنجازاً لدولة إسرائيل ولرئيس الوزراء إيهود أولمرت ولحكومته، مضيفاً أنه يثبت أن الردّ على إطلاق قذائف القسام يكون بضبط النفس والتحّلي بالصبر والقيام بردٍّ موضوعي.

ويشار أن الأمر الذي ساهم في دفع الأمور إلى هذا الاتجاه ومهد الطريق لوقف إطلاق النار هو المكالمة الهاتفية الشهيرة التي أجراها وزير الدفاع الإسرائيلي عمير بيرتس مع محمود عباس بداية الأسبوع الماضي، وهي المكالمة التي أدت إلى مواجهةٍ حادةٍ بين رئيس الوزراء ووزير الدفاع، لذلك يبدو صباح اليوم أنه لم يعد أمام أعضاء مكتب رئيس الوزراء سوى الاعتراف بأن الإجراء الذي اتخذه وزير الدفاع باتصاله هاتفياً مع عباس كان إجراءً إيجابياً.

وعقّب نائب وزير الدفاع الإسرائيلي أفرايم سنيه على وقف إطلاق النار، والأسباب التي أدّت إليه بالقول: أنا أعتقد أن الأمر يعود لأسبابٍ عدّة؛ أولاً الجهود المكثفة والمتواصلة التي قام بها جيش الدفاع الإسرائيلي من أجل الضغط على التنظيمات الفلسطينية المسّلحة، وتعريفهم بالثمن الباهظ الذي سيدفعونه جراء مواصلة إطلاقهم للنار، وثانياً أننا لا يمكننا أن نحتمل استمرار الوضع الراهن بهذا الشكل، بما في ذلك استمرار تهريب الوسائل القتالية، ولا نستطيع أن نحتمل هذه الوتيرة العسكرية التنفيذية التي نقوم بها.

ورداً على سؤال ما إذا كان سبب وقف إطلاق النار ناجمٌ عن الاتصال الهاتفي الذي بادر إليه وزير الدفاع مع عباس، وأثار غضب رئيس الوزراء أولمرت قال سنيه: إن وزير الدفاع لم يبادر إلى هذا الاتصال، لكنه أبلغ عباس خلال حديثه معه برسالة للفصائل الفلسطينية المسلحة، ويبدو أن عباس قد نقلها بشكلٍ واضح لهم، فلو كان الأمر مرهوناً بعباس لكان بالإمكان التوصل إلى وقف لإطلاق النار قبل نصف عام.

ورداً على سؤال ما إذا كان وقف إطلاق النار الحالي خاصاً بوقف إطلاق قذائف القسام، والتصفيات التي تقوم بها إسرائيل، أم بدايةً لمفاوضاتٍ وحوارٍ منظّم بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، أجاب سنيه: إن عملية وقف إطلاق النار هذه من شأنها أن تشكّل نقطة تحوّل، وأقول ذلك بحذر لأن الامر بحاجةٍ إلى تواصلٍ سياسي، كما أنه في حال قيام جهاتٍ إقليمية كمصر بتقديم الدعم والمساهمة في هذا المجال من خلال مضاعفة الجهود الرامية لمنع عمليات تهريب الأسلحة عبر محور فيلادلفي.
وتابع سنية: بالإضافة إلى أطرافٍ أخرى يمكنها القيام بدورٍ إيجابي، فإن الأمر سوف يتغير، ونحن الآن لسنا في نقطة النهاية وإنما في نقطة البداية، كما علينا أن نتذكر بأن وقف إطلاق النار الحالي مرتبط بل هشّ طالما أن الوضع السياسي والاقتصادي في غزة لم يطرأ عليه أي تغيير، من جهة أخرى ينبغي علينا في الوقت نفسه عدم التوقف عن مواصلة خطة تحصين المستوطنات والقرى الزراعية المحيطة بغزة.

وكانت إسرائيل أعطت يوم أمس الأحد أوامرها لجيشها بوقف جميع نشاطاته داخل مناطق غزة، باستثناء إطلاق النار في حالات الخطر وتهديد الحياة، كما تم تجميد الخطط الخاصة بتوسيع دائرة العمليات داخل مناطق القطاع. وتشير الأوساط العسكرية الإسرائيلية إلى أن السبب الذي دفع الطرف الفلسطيني إلى اتخاذ هذا القرار يعود إلى الضغوط العسكرية المتواصلة من جانب جيش الدفاع في قطاع غزة، منذ اختطاف الجندي شاليط، والثمن الباهظ الذي دفعه الفلسطينيون منذ تلك اللحظة، حيث سقط أكثر من 350 قتيلاً، وأكثر من ألف جريح، وأوضح ضابط كبير في الجيش أن الأمر هو عبارة عن خطوةٍ أولى لا قيمة لها إذا لم يرافقها خلال الأيام القادمة إجراءٌ خاص بإطلاق سراح الجندي شاليط، واستبدال الحكومة الفلسطينية، وحلّ مشكلة تهريب الأسلحة في منطقة محور فيلادلفي.

وأميركيا، اعتبرت الإدارة الاميركية أن اتفاق وقف إطلاق النار هو أمرا إيجابياً، ولكن رد واشنطن حمل ايضاً في ثناياه الحذر، حيث رحب الناطق بلسان البيت الأبيض ببيان الفلسطينيين وإسرائيل إزاء وقف إطلاق النار، واصفاً الأمر بأنه خطوة إيجابية إلى الأمام، ومعرباً عن أمله في أن يؤدي هذا الاتفاق إلى انخفاض وتيرة العنف لدى الطرفين، أما السفير الأمريكي السابق في إسرائيل دان كيرتسير فقد أولى أهمية كبرى لاتفاق وقف إطلاق النار هذا، مؤكداً على أهمية أن يكون الوقف وقفاً كاملاً وشاملاً.