إيلي الحاج - بيروت:

تليق الحياة بوفائي دياب العائد اليوم إلى عين إبل التي يعشق.
هوذا رجل ما أن تلتقيه حتى تقع في صداقته. فتتخلى عن حذر مقيم من العلاقات، عن خوف قديم، من الفقدان على الأرجح.
لا أقول ذلك باسمي بل باسم جميع أصدقائه، جميع الذين تعرّفوا إليه فعرفوه: إن ابتسامة هذا الرجل الطيّب التي لا تغيب مرة أياً تكن الظروف والصعوبات، لا تترك خياراً للآخر. هادئة وواثقة. سرّها البسيط إنها نابعة من قلبه الذي أحب وأحب وأحب حتى توقف عن الخفقان.
إذا كنت صديقه فيجعلك أخاه. ويمكنك أن تخطىء أمامه فيتفهم، وأن تتعب فلا يتركك تتخبط، وأن تتعقد المشاكل في وجهك فيحلّها.
وإذا انفعل بعضهم واجتاحته مشاعر صاخبة، فلا يتأثر هدوءه البريطاني العميق: quot;الناس مرضى يا صديقيquot;.
أخبرني أنه عندما انطلقت الرصاصة الأولى في لبنان 1975، أدرك أنها حرب وطويلة، سافر إلى لندن بمنحة، حاملاً شهادة جامعية في الدورة الأولى لخريجي كلية الإعلام ndash; الجامعة اللبنانية. أصبح جزءاً من الصحافة اللبنانية في لندن، وعمل مع سليم اللوزي في quot;الحوادثquot; حتى اغتياله، ومع صديقه رياض نجيب الريس في جريدته quot;المنارquot; التي لم تعمر، وشارك في تأسيس جريدة quot;صوت الكويتquot; من لندن، وكان أحد مديري صحيفة quot;الشرق الأوسطquot; أيام رئيس تحريرها صديقه الدائم عثمان العمير، ومن بريطانيا إلى الكويت نائباً لرئيس تحرير جريدة quot;الأنباءquot; أربعة أعوام، وبعدها مديراً لتحرير صحيفة quot;إيلافquot; الألكترونية ومؤسساً لمكتب quot;نيونيوزquot; للخدمات الإعلامية في الكويت.

طوال هذا الوقت ظل متعلقاً بلبنان، خصوصاً ببلدته عين إبل، تعلقه الهائل بعائلته، زوجته غنوة وابنه سامر وابنته تمارا.
السبت بعد الظهر كنا نتحادث على الأنترنت، أخبرني أنه على موعد مع صديقه اللندني الآخر عبد الوهاب بدرخان، وعلّق على صورة ومقال لأحدهم، فضحكت وضحكنا، قريبين كما دوماً رغم المسافات. بعد ساعتين تبلغت أنه انطفأ في بيته فجأة.

وكان بدرخان ينتظر على الموعد.
وأمس لاقينا وفائي أهلاً وأصدقاء، عابراً في طريق عودته من الكويت إلى عين إبل، ولم تكن إبتسامته كالعادة حين يصل، تملاً المطار.