أسامة مهدي من لندن : أعلن في بغداد اليوم عن تنفيذ حكم الإعدام شنقا حتى الموت بثلاثة عشر شخصا إثر ادانتهم بعمليات قطع رؤوس واختطاف بينما اجلت المحكمة الجنائية العراقية العليا جلساتها الى غد الاربعاء بعد ان اكدت وثائق سرية رسمية وجود مخاطبات صادرة عن اللواء وفيق السامرائي معاون مدير الاستخبارات العسكرية لشؤون ايران والشمال عام 1987 وهو المستشار العسكري الحالي للرئيس جلال طالباني تتعلق بقضية الانفال المتهم فيها الرئيس العراقي السابق صدام حسين وستة من مساعديه السابقين بابادة 180 الف كردي وحرق قراهم عام 1988 .

وقال مجلس الوزراء العراقي في بيان ان حكم الاعدام شنقا حتى الموت قد نفذ اليوم بثلاثة عشر شخصا اثر ادانتهم بعمليات خطف وقتل وقطع رؤوس . واشار الى ان احد المعدومين اعترف في التحقيق بقتل عشرة اشخاص فيما اقر ثان بقتل اربعة من عائلة واحدة فيما لم يتذكر الباقون عدد ضحاياهم لكثرتهم . واكد ان السلطات العراقية عازمة على ملاحقة مرتكبي الجرائم ضد العراقيين والاقتصاص منهم .

وتقول منظمة العفو الدولية إن هناك 200 عراقي صدرت بحقهم أحكام بالإعدام بانتظار تنفيذها منذ اعاد العراق العمل بهذه الاحكام في اب (اغسطس) عام 2004 بعد ان ألغاها الحاكم المدني السابق بول بريمير إثر سقوط النظام العراقي السابق في نيسان (ابريل) عام 2003 وقالت انه تم منذ ايلول (سبتمبر) عام 2005 تنفيذ حكم الإعدام بخمسين شخصا في العراق .

وعلى الصعيد الامني نفسه قال مجلس الوزراء العراقي في بيان اليوم ان اعداء الشعب العراقي قد ارتكبوا جريمة نكراء اغتالوا خلالها ثلاثة من شيوخ محافظة ديالى (شمال شرق بغداد) قدموا أرواحهم فداء على طريق المصالحة الوطنية وتحقيق التعايش السلمي بين ابناء الشعب الواحد. واضاف ان هؤلاء الشيوخ الذين يمثلون نخبة خيرة من شيوخ العشائر في محافظة ديالى قد أسهموا إلى آخر لحظات في حياتهم في العمل بما يرضي الله ويوحّد الكلمة ويشيع المحبة والسلام بين الناس وسعوا بما يمليه عليهم الواجب الوطني إلى حقن دماء العراقيين .. وهم كل من الشيخ الشهيد حردان علي البرهان العزاوي والشيخ الشهيد طه خليل اسماعيل العوادي والشيخ الشهيد شنيف ياسر الحمداني والشيخ الشهيد عبدالقادر علي الحديدي. واكد المجلس ان هذه الجريمة البشعة لن تمر من دون عقاب فإن الغيارى من ابناء شعبنا سيواصلون المسيرة من اجل امن واستقرار وسلامة العراق.

وكان مؤتمر المصالحة العراقية قد دعا في ختام اجتماعاته في بغداد الاحد الماضي الى حل الميليشيات المسلحة وإعادة منتسبي الجيش العراقي السابق وبناء جيش وطني بعيد عن المحاصصة الطائفية والعرقية لكنه رفض عودة البعثيين وطالب بتعديل قانون اجتثاث البعث واكد ضرورة تطبيق الفيدرالية. كما شدد على رفض quot;عودة البعث الى التآمر على الحكومة والشعبquot; وشددت على انه لا مكان للبعث في العراق سرا او علنا. ودعا الى وضع جدول زمني لانسحاب القوات الاجنبية من العراق وتسريع عمليات بناء القوات العراقية ومنحها الصلاحيات اللازمة والكاملة لتحريك وحداتها لبسط الامن في جميع انحاء البلاد. واوصى بحل الميليشيات المسلحة ودمج افرادها بالمؤسسات الحكومية وان يكون السلاح بيد الدولة وحدها كما شددت على ضرورة تطهير الأجهزة الامنية من العناصر الفاسدة.

ومن جهته اكد الرئيس العراقي جلال طالباني حرصه على ضرورة الالتزام بمبادئ حقوق الإنسان في جميع مفاصل و مؤسسات الدولة العراقية.
واشار طالباني خلال اجتماعه في بغداد اليوم مع مبعوثة رئيس الوزراء البريطاني توني بلير الخاصة بحقوق الإنسان آن كلويد الى وضع حقوق الإنسان في العراق وما يرتكبه الإرهابيون وفرق الموت من انتهاكات في هذا الشأن، مشددا على ضرورة الالتزام بجميع المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان وتطبيقها في البلاد كما قال بيان رئاسي ارسلت نسخة منه الى quot;إيلافquot; . واضاف ان الرئيس طالباني بحث مع المبعوثة البريطانية آخر المستجدات و تطورات العملية السياسية في البلاد، مؤكدا الحرص على دعم جميع الجهود الرامية إلى إقامة عراق ديمقراطي فيدرالي حر خال من الإرهاب و التطرف.

وفي وقت سابق اليوم قال تقرير صادر عن وزارة الدفاع الأميركية إن أعمال العنف في العراق قد بلغت أعلى مستوى لها منذ إعادة السيادة للحكومة العراقية في حزيران (يونيو) عام 2004. وأشار إلى قفزة هائلة في عدد الهجمات التي تستهدف العسكريين الأميركيين والعراقيين والمدنيين العراقيين خلال الأشهر القليلة الماضية.

وقد جاءت هذه المعلومات ضمن التقرير الدوري الذي يقدمه البنتاغون إلى الكونغرس عن تطورات الوضع في العراق وقد صدر متزامنا مع أداء روبرت غيتس اليمين الدستورية كوزير جديد للدفاع خلفا لدونالد رامسفيلد.
ويقول التقرير إن متوسط العدد الأسبوعي للهجمات في العراق قد ارتفع بنسبة 22 % خلال الفترة ما بين منتصف اب (أغسطس) إلى تشرين الثاني (نوفمبر) الماضيين. وارتفع عدد الهجمات إلى ألف هجوم أسبوعيا في مقابل 800 هجوم أسبوعيا في الفترة ما بين أيار وآب .
وحدد التقرير العاصمة بغداد ومحافظة الأنبار العربية بأنهما أسوأ المناطق المنكوبة بالعنف واشار الى أن فشل الحكومة العراقية في وضع حد للعنف الطائفي في البلاد قد أدى إلى تآكل ثقة العراقيين بمستقبلهم.

الانفال : خطاب لمسؤول في عهد صدام مستشار لطالباني حاليا

اكدت وثائق سرية رسمية عرضت قبل رفع المحكمة الجنائية العراقية العليا جلستها الى غد الاربعاء وجود مخاطبات صادرة عن اللواء وفيق السامرائي معاون مدير الاستخبارات العسكرية لشؤون ايران والشمال عام 1987 وهو المستشار العسكري الحالي للرئيس جلال طالباني وذلك خلال متابعة المحكمة اليوم النظر في قضية الانفال المتهم فيها الرئيس العراقي السابق صدام حسين وستة من مساعديه السابقين بإبادة 180 الف كردي وحرق قراهم عام 1988 والتي تم خلالها ايضا عرض فيلم عن نتائج ضربات كيميائية ضد قرى كردية تظهر اطفالا في الاشهر الاولى من اعمارهم صرعى هذه الاسلحة .

وفي جلسة بعد الظهر اليوم ناقش المتهم صابر الدوري رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية السابق وثائق تتحدث عن عمليات الانفال موقعة من قبل اللواء وفيق السامرائي معاون مدير الاستخبارات العسكرية لشؤون العراق والشمال عام 1987 .. والسامرائي هو المستشار العسكري الحالي للرئيس العراقي جلال طالباني وكان انسلخ عن النظام السابق في فترة التسعينات . واشار الدوري الى ان الوثائق التي عرضها الادعاء ليست له علاقة بها لانه لم يكن عند استخدام الاسلحة الكيميائية عام 1987 رئيسا للاستخبارات .
اما وزير الدفاع السابق المتهم ثابت سلطان فقد اكد انه يتشرف باداء أي امر استهدف مواجهة العدو الايراني انذاك واشار الى انه لم يشارك او يأمر بأي ضربة استهدفت الاكراد وتحدى محامي الضحايا تقديم دليل على مشاركته التي يتهمونه بها .

عروض لوثائق وافلام عن استخدام اسلحة كيميائية

وعرض رئيس هيئة الادعاء العام منذر ال فرعون وثائق عدة وعدد منها موقعمن الرئيس السابق صدام حسين ومن سلطان هاشم وزير الدفاع السابق تأمر بضرب قواعد الاكراد الذين أطلقت عليهم عملاء ايران بالاسلحة الكيميائية .
واشارت وثائق عن خطابات رسمية بين مؤسسات عسكرية واستخبارية ورئاسة الجمهورية السابقة الى قيام الهولندي (فرانس فان انرات) بتصدير اسلحة كيميائية الى العراق بينهما مواد الخردل والسارين باسعار معقولة بحسب ما اشارت . وتشيد الوثائق بتعامله مع العراق والتزاماته تجاهه في توريد هذه الاسلحة واوضحت ان الاستخبارات الاميركية قد كشفت امر هذا الشخص وانه قام بايصال المواد الكيميائية الى العراق عن طريق ميناء العقبة الاردني . واضافت ان الاستخبارات الاميركية حاولت استدراجه الى إحدى الدول الاوروبية بحجة عرض وظيفة لإدارة احدى الشركات الغربية عليه . وتضيف الوثائق ان هذا الهولندي قد تعرف في بغداد إلى فتاة فلسطينية اسمها ( حنان محمد احمد) ونشأت بينهما علاقة عاطفية انتهت بالزواج الا انه طلقها بعد اشهر .
وتشير الوثائق الى منح الهولندي انرات جواز سفر عراقيا ومرتبا شهريا ومساعدته على ادخال ابن له في مدرسة اجنبية في بغداد . وابرز الادعاء قرارا من محكمة لاهاي بالحكم بالسجن على الهولندي لمدة 15 عاما في 23 كانون الاول (ديسمبر) من العام 2005 بعد ثبوت تصديره غاز الغردل والسارين الى العراق خلال عقد الثمانينات من القرن الماضي الامر الذي ساعد القوات العراقية على تنفيذ ضربات بالاسلحة الكيميائية معتبرة ذلك quot;من الجرائم ضد الانسانيةquot; .
وعرض الادعاء فيلما مدته 10 دقائق يصور نتائج احدى الضربات الكيميائية على قرى كردية اظهر اطفالا بعمر اشهر قد قتلوا بهذا السلاح اضافة الى اخرين وكذلك دور مهدمة ونساء تنتحب حزنا على مقتل افراد من عائلاتها .
كما قدم الادعاء وثيقة اخرى وقعها صدام يأمر فيها بالقيام بضربة مباغتة بالاسلحة الكيميائية ويفضل ان تكون ليلا لالحاق خسائر كبيرة quot;بالمخربينquot; . وتشير الوثيقة الى مقتل واصابة 1250 كرديا من مجموع حوالى خمسة الاف شخص في احدى المناطق التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني وذلك في شهر ايار (مايو) عام 1988.. وتتحدث اخرى عن مقتل واصابة مئات اخرين من quot;المخربين وعوائلهمquot; في مناطق اخرى في حزيران (يونيو) من العام نفسه .
وتتحدث وثيقة سرية صادرة عن القيادة العسكرية في اجتماع لها في كركوك في 21 تموز (يوليو) عام 1988 عن توجيه تعليمات بتوجيه ضربات قوية ضد التجمعات السكانية قرب الحدود الشمالية مع تركيا لخلق حالة من الذعر بين افرادها ومنعهم من التعاون مع المتمردينquot;.. ووقع هذه الوثيقة رئيس اركان الجيش السابق نزار عبد الكريم فيصل .
وفي بداية جلسة اليوم الثلاثاء اشتكى المتهم علي حسن المجيد المسؤول العسكري السابق عن المنطقة الشمالية العراقية من عدم استلام نسخ من وثائق وخطابات عسكرية سرية صادرة عن رئاسة الجمهورية ومؤسسات عسكرية سابقة عدة عرضت على المحكمة امس لتتم مناقشتها وطالب بالتعجيل باستلام نسخ منها ليتمكن المتهمون من الدفاع عن انفسهم على ضوئها .

فرد عليه القاضي محمد العريبي الخليفة بان نسخا من الوثائق موجودة في عهدة المحامين .. وتساءل قائلا ما ذنب المحكمة اذا كان المحامون منسحبين من المحكمة ولا يحضرون جلساتها؟ . ثم امر القاضي بتزويد المتهمين بهذه النسخ حالا ومعاقبة المسؤولين عن عدم تنفيذ هذا القرار .
ومن جهته اشار رئيس هيئة الادعاء العام منذر ال فرعون الى ان نسخا من ملفات القضية موجودة لدى المحامين اضافة الى تزويد المحكمة لهم بمفتاح الدخول الى مكتب الوثائق والادلة على الانترنت .

وقد باشرت المحكمة بالاستماع الى وثائق جديدة بدأ عرضها الادعاء العام وهي تتعلق بمراسلات بين المؤسسات العسكرية السابقة عن مجريات عمليات الانفال والعمليات العسكرية الهجومية التي نفذت بالاسلحة الكيميائية ضد المناطق الكردية في شمال العراق عام 1988 .

جلسة المحكمة ليوم امس

وقد شهدت جلسة امس تقديم الادعاء حوالى 30 خطابا رسميا صادرا عن مؤسسات النظام السابق العسكرية تتضمن اوامر باستخدام اسلحة كيميائية في مناطق شمال العراق وتحدث محامو الضحايا مؤكدين صحة هذه الخطابات لان مضمونها يتطابق مع اقوال مشتكين ادلوا باقوالهم امام المحكمة في وقت سابق . لكن محامي المتهمين شككوا بالخطابات وقالوا انها مصورة وليست اصلية ولذلك فان القانون لايعترف بها واوضحوا ان بعض الضربات اذا كانت وجهت فانها استهدفت قوات الحرس الايراني التي اخترقت الاراضي العراقية .

صدام يتحمل المسؤولية

وتحدث صدام حسين قائلا انه يريد ان يوضح شيئا رغم انه ملتزم الصمت .. مشيرا الى quot; انا اوضح ان أي مسؤول يقول ان إمرا صدر له من صدام فانه لايناقشه لانه يتحمل شرف المسؤولية سواء كان الكلام صحيحا ام لاquot; . واضاف انه في ما يتعلق بايران فان أي ضربة سواء كانت بالاسلحة الكيميائية او التقليدية امر بها أي مسؤول عسكري او مدني ضد ايران quot; فان صدام حسين يتحمل مسؤوليتهاquot; . وقال لكن أي عمل ضد مواطن عراقي كردي ام عربي من الشمال او الجنوب ومن الشرق او الغرب فانه يناقش فيه لانه لا يسمح بأن يساء اليه . واكد قائلا quot;انا اضرب كل رجل يخرج عن الطريقquot; . واوضح انه ليس من واجب الاستخبارات العسكرية اتخاذ قرارات وانما هي مسؤولة فقط عن جمع المعلومات وهي مرتبطة برئاسة الجمهورية .
وقد استمعت المحكمة لحد الان الى 91 مشتكيا وشاهدا وخبيرا اجنبيا منذ بدء جلساتها في الحادي والعشرين من اب (اغسطس) الماضي حيث يوجد هناك 1270 شاهدا ومشتكيا لكنها اكتفت بهؤلاء موضحة انه في قضايا جرائم الابادة الجماعية يكون هناك عادة عدد ضخم من الشهود والمشتكين ويتعذر الاستماع اليهم جميعهم .

المتهمون في قضية الانفال

والمتهمون الستة الاخرون بالاضافة الى صدام حسين هم علي حسن المجيد الملقب بعلي كيمياوي وكان مسؤولا عن المنطقة الشمالية وسلطان هاشم احمد وزير الدفاع السابق وصابر عبد العزيز الدوري رئيس الاستخبارات العسكرية وحسين رشيد التكريتي رئيس هيئة الاركان للجيش العراقي السابق وطاهر توفيق العضو القيادي في حزب البعث المنحل والسكرتير العام للجنة الشمال وفرحان مطلك الجبوري الذي كان يشغل منصب مسؤول الاستخبارات العسكرية للمنطقة الشمالية. ويواجه صدام والمجيد تهمة ارتكاب إبادة جماعية فيما يواجه المتهمون الآخرون تهما بارتكاب جرائم حرب ويدفع هؤلاء بأن حملة الانفال رد شرعي على قتال الأكراد العراقيين الى جانب إيران ضد بلدهم في الحرب بين الدولتين بين عامي 1980 و1988 .
ويتهم الاكراد القوات العراقية بشن هجمات بغاز الخردل وغاز الاعصاب في الحملة التي استمرت سبعة أشهر والتي يقولون ان اكثر من 180 الف شخص قتلوا خلالها فيما نزح عشرات الالاف. وتركزت إفادات شهود العيان الستة خلال الجلسات السابقة على حجم المعاناة التي خلفها استخدام الجيش العراقي لأسلحة quot;كيمائيةquot; على المدنيين خلال حملة الانفال العسكرية حيث أبلغ قرويون أكراد المحكمة كيف أن عائلات قضت نحبها بعد ان قامت طائرات بقصف القرى الجبلية بأسلحة كيماوية.
وقد سميت الحملة quot; الأنفالquot; نسبة للسورة رقم 8 من القرآن الكريم . و(الأنفال) تعني الغنائم أو الأسلاب ، والسورة الكريمة تتحدث عن تقسيم الغنائم بين المسلمين بعد معركة بدر في العام الثاني من الهجرة . استخدمت البيانات العسكرية خلال الحملة الآية رقم 11 من السورة: quot; إذ يوحي ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان quot;.