تأجيل المحاكمة الى الثامن من الشهر المقبل
الأنفال : متهمون يفخرون بمواجهة quot;العدو الايراني
quot;

أسامة مهدي من لندن : شهدت الجلسة الثالثة والثلاثين للمحكمة الجنائية العراقية العليا المختصة بمحاكمة قضية الانفال سجالات حادة بين عدد من المتهمين ورئيس هيئة الادعاء العام بعدما عرض وثائق صادرة من رئاسة الاركان العراقية السابقة بتوقيع آمرها نزار الخزرجي اللاجيء حاليا خارج العراق الامر الذي دفع محامي الضحايا الى الطلب باستقدامه عن طريق الشرطة الدولية للاستماع الى اقواله في الاوامر التي اصدرها باستخدام الاسلحة الكيمياوية وذلك للمثول امام المحكمة التي تأجلت الى الثامن من الشهر المقبل لمتابعة النظر بالقضية المتهم فيها الرئيس العراقي السابق صدام حسين وستة من مساعديه السابقين بابادة 180 الف كردي وحرق قراهم عام 1988 .

وفي جلسة بعد الظهر دافع سلطان هاشم احمد وزير الدفاع السابق الذي كان قائدا للفيلق الاول حين وقوع عمليات الانفال وصابر عبد العزيز الدوري رئيس الاستخبارات العسكرية وحسين رشيد التكريتي رئيس هيئة الاركان وفرحان مطلك الجبوري مسؤول الاستخبارات العسكرية للمنطقة الشمالية عن انفسهم ونفوا علاقتهم بالوثائق التي قدمها المدعي العام منذر ال عون ضدهم . واضحوا في مداخلات مطولة انهم لم يشاركوا شخصيا في عمليات الانفال وانما كان دورهم هو تنفيذ الاوامر العسكرية عندما كنت البلاد في حالة حرب مع ايران . واكدوا انهم فخورون في الدفاع عن البلاد من quot;العدو الايرانيquot; الذي كان يريد احتلال العراق وافتخروا بانواط الشجاعة التي منحت لهم لادائهم الواجبات العسكرية .
وقد رد المدعي العام موضحا ان الاجهزة التي كان يشرف عليها المتهمون كانت ضالعة في عمليات الانفال وتسهيل تنفيذ ضرباتها بالاسلحة الكيمياوية وقتل اكراد وتدمير قرى كردية واحراقها .

وثائق ودعوة لجلب نزار الخزرجي رئيس الاركان السابق
وقال رئيس هيئة الادعاء منذر ال فرعون لدى بدء جلسة المحكمة الصباحية ان الوثائق التي يقدمها اليوم تتعلق بالمتهم حسين رشيد التكريتي معاون رئيس هيئة الاركان العامة السابقلشؤون العمليات وهي تتحدث عن التهديدات التي تشكلها قواعد الاكراد المسلحة ولذلك فهي تامر ضمن خطة الانفال الثانية بالهجوم على قرى بالاسلحة الكيمياوية وتدمير دور القرى المستهدفة في منطقة قرة داغ الشمالية . كما تامر بتنفيذ خطة هجوم في اذار (مارس) عام 1988 يقوم بها الفيلق الاول بامرة المتهم سلطان هاشم على مناطق كردية وضربها بالاسلحة الكيمياوية . وقد قطع القاضي محمد العريبي الخليفة الصوت عند تلاوة وثائق يعتقد انها تتعلق باتفاقات سرية عراقية تركية تجيز للقوات التركية ملاحقة quot;المتمردين الاكرادquot; وهم المسلحون الاكراد العراقيين وعناصر حزب العمال الكردستاني التركي داخل الاراضي العراقية .
ثم عرض الادعاء وثائق اوضح أنها quot;سرية للغاية quot; يُطلب فيها منح بعض كبار الضباط في الجيش العراقي، أوسمة خاصة لدورهم في حملة الأنفالوتساءل قائلا quot;لماذا سرية المذكرة إذا كان العمل بالفعل بطولي؟quot; . وقدم وثيقة جديدة تطلب فيها قيادة الجيش العراقي من اللواء الذي كان يقوده المتهم سلطان هاشم، ضرب منطقة باليسان quot;بكل ما يتوفرquot; من عتاد وسلاح عبر المدفعية والطيران. وطلب الإدعاء عرض quot;وثائق خاصةquot; تحتوي معلومات quot;أمنية حساسة quot; والقاضي يطلب قطع بث الصوت من قاعة المحكمة ليتسنى له استعراض الوثائق .

وثائق عن اتفاقات عراقية تركية رسمية لملاحقة الاكراد
كما عرض الادعاء وثيقة صادرة عن قيادة أركان الجيش العراقي بتوقيع قائده نزار الخزرجي تطلب من الفيلق الخامس تحديد quot;التجمعات السكانيةquot; الموجودة في منطقته وضربها quot;بالوسائل المناسبةquot; مع طلب عدم التعرض للقرى الحدودية مع تركيا.
ونزار الخزرجي انفصل عن النظام السابق منتصف التسعينات وعمل مع المعارضة العراقية من الاردن ثم غادر الى الدنمارك بعد ان حصل على اللجوء فيها لكنه وبعد ان اثارتمنظمات كردية اتهامات ضده وطالبت بالقاء القبض عليه وتقديمه الى المحاكمة اختفى من هناك حيث اشارت تقارير لم تؤكد بعد انه يقيم حاليا باحدى الدول الخليجية .

وتحدث محامو الضحايا عن مسؤولية الرئيس السابق صدام حسين عن هذه العمليات العسكرية ضد الاكراد باعتباره القائد العام للقوات المسلحة .

ثم رد المتهم حسين التكريتي معاون رئيس الاركان السابق مشددا على انه لم يوقع أي خطاب رسمي او امر بقتال او ضرب باسلحة كيمياوية لان الاوامر كانت تصدر كلها من رئيس الاركان الخزرجي . واضاف انه تم خلال التحقيق معه عرضت عليه وثائق عليه quot; وطلب مني أن أتحول إلى شاهد إلا أنني أرفض ان أعيش إلا بالصدق .. فقد عرض علي الإدعاء صفقه لكي يتم خلالها تحويله إلى شاهد مقابل تعاونهquot; مركدا رفضه الادلاء باقوال غير صحيحة . واضاف ان الادعاء يتحدث عن دخول تركي إلى منطقة شمال العراق، بناء على quot;اتفاقيةquot; ويسأل quot;هل يعتبر دخول الأتراك إلى أراضي العراق هو تعدي على السيادة بينما إدخال الإيرانيين الى العراق ليس انتهاكا للسيادة .. ليس كذلك؟quot; . وخاطب القاضي قائلا quot; انا اشعر اني اقوى من السابق نفسيا ومعنويا .. ونحن لا ننكر مسؤوليتنا عن قتال إيران ولسنا خائفين.quot; وشدد بالقول محتجا quot; انا كنت نائب رئيس الأركان ولست قائد الجيش ولذلك فانا لست في موقعقرار لكي تتم ادانتي quot; .
وطالب التكريتي بالرجوع إلى نزار الخزرجي الرئيس السابق لأركان الجيش العراقي في تلك الفترة واستقدامه كشاهد في القضية وقال ان الجميع يعرفون اين هو الان . واكد انه لم يكن باستطاعته منع الخزرجي من اصدار أي اوامر عسكريه لانه لم يكن سوى معاون له واشار الى انه يجب ان يكون الخزرجي هو المتهم وليس هو في هذه القضية . كما اشار الى اهمية سؤال اللواء وفيق السامرائي معاون رئيس الاستخبارات العسكرية السابق وكان انفصل عن النظام السابق منتصف التسعينات وهو حاليا المستشار العسكري للرئيس جلال طالباني واستقدامه للادلاء بشهادته لانه كان احد الضالعين في عمليات الانفال .
واضاف ان الجيش العراقي كان يدافع عن بلاده امام خطة هجوم ايرانية واسعة كانت تستهدف اقتحام الاراضي العراقية لاحتلال مدينة السليمانية ومنها احتلال مدينة كركوك والسيطرة على ابار النفط في المنطقة .

وقد طلب محامي التكريتي باسقاط الدعوى ضده واطلاق سراحه فورا .. لكن محامي الضحايا دعا المحكمة الى رفض الطلب لان التكريتي كان يساعد في تنفيذ عمليات الانفال من خلال المعلومات التي كان يقدمها . وطالب المحكمة باصدار اوامر باعتقال الخزرجي والعمل على اصدار امر من الشرطة الدولية (الانتربول) باعتقاله اينما كان وجلبه الى المحكمة متهما .
ومن جهته اعترض الادعاء العام على كلام التكريتي مشيرا الى ان الاركان العامة كانت في مقدمة المؤسسات العسكرية السابقة التي امرت واشرفت على ضرب الاكراد بالاسلحة الكيمياوية وتنفيذ عمليات اعدام جماعية وتدمير قرى كردية وحرق منازلها .

وقد استمعت المحكمة الى 91 مشتكيا وشاهدا وخبيرا اجنبيا كما عرض عليها حوالي 60 وثيقة رسمية منذ بدء جلساتها في الحادي والعشرين من اب (اغسطس) الماضي حيث يوجد هناك 1270 شاهدا ومشتكيا لكنها اكتفت بهؤلاء موضحة انه في قضايا جرائم الابادة الجماعية يكون هناك عادة عدد ضخم من الشهود والمشتكين مما يتعذر الاستماع اليهم جميعهم .

المتهمون في قضية الانفال
والمتهمون الستة الاخرون بالاضافة الى صدام حسين هم علي حسن المجيد الملقب بعلي كيمياوي وكان مسؤولا عن المنطقة الشمالية وسلطان هاشم احمد وزير الدفاع السابق وصابر عبد العزيز الدوري رئيس المخابرات العسكرية وحسين رشيد التكريتي رئيس هيئة الاركان للجيش العراقي السابق وطاهر توفيق العضو القيادي في حزب البعث المنحل والسكرتير العام للجنة الشمال وفرحان مطلك الجبوري الذي كان يشغل منصب مسؤول الاستخبارات العسكرية للمنطقة الشمالية. ويواجه صدام والمجيد تهمة ارتكاب إبادة جماعية فيما يواجه المتهمون الآخرون تهما بارتكاب جرائم حرب ويدفع هؤلاء بأن حملة الانفال رد شرعي على قتال الأكراد العراقيين الى جانب إيران ضد بلدهم في الحرب بين الدولتين بين عامي 1980 و1988 .
ويتهم الاكراد القوات العراقية بشن هجمات بغاز الخردل وغاز الاعصاب في الحملة التي استمرت سبعة أشهر والتي يقولون ان اكثر من 180 الف شخص قتلوا خلالها فيما نزح عشرات الالاف. وتركزت إفادات شهود العيان الستة خلال الجلسات السابقة على حجم المعاناة التي خلفها استخدام الجيش العراقي لأسلحة quot;كيمائيةquot; على المدنيين خلال حملة الانفال العسكرية حيث أبلغ قرويون أكراد المحكمة كيف أن عائلات قضت نحبها بعد ان قامت طائرات بقصف القرى الجبلية بأسلحة كيماوية.
وقد سميت الحملة quot; الأنفالquot; نسبة للسورة رقم 8 من القرآن الكريم . و(الأنفال) تعني الغنائم أو الأسلاب ، والسورة الكريمة تتحدث عن تقسيم الغنائم بين المسلمين بعد معركة بدر في العام الثاني من الهجرة . استخدمت البيانات العسكرية خلال الحملة الآية رقم 11 من السورة: quot; إذ يوحي ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان quot;.