عيسى العلي من الدار البيضاء: كشفت هيئة تحرير مجلة quot;نيشانquot; المغربية، المصادرة والمتابعة في قضية نشر quot;نكاتquot; حول الدين والسياسة والجنس، أن صحافييها يتعهدون بمواصلة عملهم بكل مهنية واحترام للقراء، كيفما كانت عقيدتهم ومعتقداتهم، واصفة في الوقت نفسه قرار المنع من الصدور الصادر في حق مجلتهم ب quot;التعسفي وغير القانونيquot;. وأكد صحافيو quot;نيشانquot;، في بيان توصلت quot;إيلافquot; بنسخة منه، أنهم quot;لم يقصدوا من خلال الملف مس مشاعر أي قارئ مسلمquot;، مشيرين إلى أنه quot;في حالة ما اعتبر البعض الأمر كذلك فنحن نشدد على حسن نيتنا ونعتذر لهم بشدة، خصوصا أن عملنا كصحافيين ينبني أساسا على احترام القارئquot;. وشددوا على أنهم مسلمون ويستنكرون كل ما من شأنه أن يؤدي إلى إقصائهم من الأمة، بدعوى أنهم خارج الإجماع، وأضافوا quot;هذا حكم خاطئ وخطيرquot;. كما أوضح البيان أنهم لم يبحثوا من خلال نقل هذه quot;النكتquot;، التي ليست من صنيعهم، ولكنها رائجة في المجتمع، إلا على quot;فهم هذا المجتمع الذي نعيش فيه، كما يقتضي ذلك العمل الصحافيquot;.

المجلس العلمي الأعلى

وعلمت quot;إيلافquot; أن هيئة تحرير المجلة توصلت، زوال اليوم، بالقرار عبر مصالح الأمن، والذي يقضي بمنعها نهائيا، ابتداء من تاريخ صدوره، من التداول في الطريق العمومية، وكذا إذاعتها بأي وجه من الوجوه تنفيذا للفصل 66 من قانون الصحافة. يأتي هذا في الوقت، الذي أصدر المجلس العلمي الأعلى، اليوم الخميس، بلاغا استنكر فيه الملف الذي نشرته quot;نيشانquot; في عددها 91 (من 9 إلى 15 دجنبر2006 ) تحت عنوان quot;النكت .. كيفاش المغاربة كيضحكوا على الدين والجنس والسياسةquot;، معربا عن تأييده لقرار الحكومة منع صدور الأسبوعية.
وجاء في البلاغ للمجلس أن quot;المجلس العلمي الأعلى ومن حوله كل علماء الأمة وعالماتها يستنكر المنشور المذكور ويدينه ويندد به لماتضمنه من منكر القول وزوره على سبيل النكتة والتهكمquot;.

واعتبر المجلس أن القرار، الذي اتخذته الحكومة بمنع صدور هذه الصحيفة، quot;يعبر تعبيرا صادقا عن ضمير الأمة، ووجدانها، وهو في نفس الوقت، يؤكد حرص مؤسسات الدولة وعلى رأسها إمارة المؤمنين، على القيام بما يضمن حماية الملة والدين ويكفل سلامة عقيدة المسلمين من عبث العابثينquot;. ويرى المجلس أن quot;صيانة الإسلام في هذا البلد العريق لايمكن بأي حال من الأحوال، معادلتها بأي دعوى من دعاوي التحرر الغير المنضبط، خصوصا إذا تعلق الأمر بالمقدسات التي أجمعت الأمة على الاعتصام بها وعضت بالنواجد عليهاquot;.


قرار المنع خارجي

وكان مصدر حكومي مطلع قد كشف أن قرار منع مجلة quot;نيشانquot; المغربية جاء نتيجة quot;ضغوط خارجيةquot;، مشيرا إلى أن الوزير الأول المغربي إدريس جطو quot;لا يد له في الموضوعquot;، رغم أن القرار صدر باسمه وباسم الحكومة أمس الأربعاء. وأكد المصدر نفسه لـquot;إيلافquot;، أن quot;عددا من الوزارء لم يعلموا بالقرار قبل صدوره، وأنهم تلقوه من خلال وسائل الإعلام كباقي المواطنينquot;، مبرزا أن quot;أيادي خارجية وراء تحريك الملف في المغربquot;. وعلمت quot;إيلافquot;، قبل دقائق من كتابة هذه السطور، ان هيئة تحرير المجلة توصلت بالقرار عبر مصالح الأمن، والذي يقضي بمنعها نهائيا، ابتداء من تاريخ صدوره، من التداول في الطريق العمومية، وكذا إذاعتها بأي وجه من الوجوه تنفيذا للفصل66 من قانون الصحافة، وذلك على إثر نشر هذه المجلة نكاتا تتضمن quot;مساسا بالدين وبمشاعر المغاربةquot;.

وكان بيان الوزير الأول اكتفى بالقول quot;وقد تم فتح متابعة قضائية على أساس هذا المكتوبات ضد كاتب الملف ومدير النشر، وذلك تطبيقا لمقتضيات قانون الصحافةquot;، وعلل المنع بأن quot;الإسلام هو دين الدولة في المغرب، وللدور الذي يضطلع به جلالة الملك، بصفته أميرا للمؤمنين وحامي الملة والدين، واعتبارا أيضا لما يشكله نشر هذه النكات من مس بمشاعر الشعب المغربيquot;.

الوزير الأول انتظر أكثر من عشرة أيام من بدء عرض المجلة في الأسواق، بل إن العدد الجديد المتواجد في الأسواق يتناول موضوعا عن مؤسسة الوزير الأول في المغرب. وكان وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالدار البيضاء مساء هو الآخر قرر اليوم الأربعاء قرر اليوم الأربعاء متابعة مدير النشر والصحافية لتهمة quot;جنحة المس بالدين الإسلامي وجنحة quot;نشر وتوزيع مكتوبات منافية للأخلاق والآدابquot;، بالإضافة إلى تهم أخرى. وحدد قاضي التحقيق الجلسة الأولى يوم ثامن كانون الثاني المقبل لمدينة الدار البيضاء.

وحللت المجلة، في تحقيقها، خصائص النكت المغربية، مؤكدة أنه quot;ليس هناك موضوع لم تتطرق له النكتة في المغرب. هناك الثالوث المقدس، كما في جميع بقاع العالم: الجنس، الدين والسياسةquot;. واعتبرت القرار القضائي هجوماً على المجتمع المغربي الذي أنتج المجلة. وعبرت quot;نيشانquot; في بيان، تسلمت quot;إيلافquot; نسخة منه، عن اندهاشها وذهولها لقرار الحكومة القاسي، وأوضحت أن الهدف من الملف quot;المذكور تحليل تلك النكات، دون إبداء أحكام قيمة، بغية فهم العقلية والثقافة الجماعية التي أبدعتهاquot;.

كما عبرت عن تخوفها لما قد يلحق بالصحافيين quot;زيادة على منعنا من ممارسة مهنتنا، فإن الدعاية التي رافقت هذا القرار تعرضنا لردود فعل هوجاء لبعض المغالين في التطرف، ما قد يهدد السلامة الجسدية لأعضاء هيئة التحرير. بهجومها على quot;نيشانquot; بسبب نشرها لهذه النكت، تكون الحكومة المغربية، قد هاجمت المجتمع الذي أنتج تلك النكت وتداولهاquot;. وكانت الأحداث قد تسارعت، إذ أعلن وكيل الملك عن متابعة مدير نشر المجلة إدريس كسيكس وكاتبة الملف سناء العاجي، ثم لحقه منع الوزير الأول.