سمية درويش من غزة: شن سياسيون وإعلاميون هجوما عنيفا على ما تسمى بوثيقة جنيف لحماس والتي تتحدث عن مسودة تسوية مؤقتة مع إسرائيل تتضمن اتفاق هدنة لخمس سنوات خالية من الصواريخ والعمليات ، موضحين بان تلك الوثيقة أسوأ من أوسلو ، ولم ترتق إلى اتفاقات أوسلو. وقال الوزير السابق حسن عصفور واحد مهندسي اتفاقية أوسلو ، إن السلوك السياسي التفاوضي الذي يديره مستشار رئيس الوزراء الفلسطيني ، ليس سلوكا جديدا أو خاطئا ، ولكنه سلوك سياسي سبق أن تم استخدامه من أجل كسر حالة جمود أو للوصول إلى اختراق سياسي ، وان مفاوضات أوسلو كانت على ذات السياق .

من جهته قال سميح خلف المحلل السياسي والباحث الاجتماعي لـquot;إيلافquot; ، أن هناك مرحلة توافق بين فتح وحماس مستندة إلى تلك الوثيقة وبرنامج الرئاسة ، ففي الوثيقة قليل من التباين بين رغبات برنامج الرئاسة وبين وثيقة حماس والخيار الديمقراطي سيحسم قضية مواقع السلطة بين الفصيلين . وأضاف يستطيع الطرفين الوصول إلى قواسم مشتركة ، مادامت حماس قد أقرت بوثيقتها شرعية وجود إسرائيل على الأرض الفلسطينية ، ومادامت حماس تجاوزت ميثاقها الداخلي ومادامت حماس قبلت بفترة هدنة تطويعية للمجتمع الإسرائيلي والفلسطيني لكي يكون هناك قبول كل للآخر ومادامت قضية القدس ليست في قائمة الأولويات وكذلك قضية اللاجئين . ولفت باسم أبو سمية مدير هيئة الإذاعة والتلفزيون ، إلى ان وثيقة جنيف الحمساوية ، تمهيدا للوصول إلى ما يشبه الاعتراف والتعاون المتبادل بالقول وبالفعل ، وتهيئة الظروف لاتفاق سلام دائم مع إسرائيل وإنهاء الصراع معها إلى الأبد.


السمسرة السياسية
من جانبه أشار حافظ البرغوثي رئيس تحرير صحيفة الحياة الجديدة ، إلى أن مسودة الهدنة المقترحة بين حركة حماس وإسرائيل أسوأ من أوسلو ولم ترتق إلى اتفاقات أوسلو ، بل أعطت ولم تأخذ دون الدخول في تفاصيل مملة. وأضاف البرغوثي ، بان الوثيقة التي يقال ان من ورائها اليستر كوك ، يحاول من ورائها السمسرة السياسية ، وتأهيل حكومة حماس للحصول على شهادة الجودة الأوروبية هي عربون سياسي بلا مقابل ، وهي تتجاوز المحرمات والثوابت الفلسطينية التي طالما قالت حركة حماس أنها وجدت لحمايتها. وأوضح بان تلك الوثيقة لا تحمي القدس ولا تحمي حق العودة ولا تحمي المقاومة، بل تحمي حكومة حماس فقط لا غير ،لافتا إلى ان حماس حاربت منذ اتفاق أوسلو حتى الانتخابات بهدف عرقلة تطبيق اتفاقات أوسلو ولما وصلت الى الحكم تعرض ما هو اقل من أوسلو، وكأن دافعها للمقاومة ليس دحر الاحتلال بل دحر فتح وإجهاض أوسلو فقط. ووصف البرغوثي في مقاله حماس قائلا، quot; ما زالت حماس طرية العود سياسيا وعندما ألقت بدلوها بهذه الوثيقة ربما لم تعرضها على من له دراية وتجربة سياسية حتى يقول رأيهquot;.

الوثيقة انقلاب على ميثاق حماس الداخلي
وكانت حركة حماس عقبت على هذه المبادرة ، quot;ان المبادرة التي طرحتها حركة حماس هي المبادرة التي تحدث عنها الشيخ الإمام الشهيد أحمد ياسين وفي مناسبات عدة وتتمثل في انسحاب العدو الصهيوني الشامل من الأراضي التي احتلت عام 1967 بما فيها القدس، وعودة اللاجئين وإطلاق سراح كافة الأسرى من سجون الاحتلال، وإقامة الدولة الفلسطينية مستقلة السيادة وعاصمتها القدس ، وذلك مقابل هدنة طويلة قد تمتد لعدة سنوات دون الاعتراف بما تسمى دولة إسرائيلquot;.

ويرى سميح خلف في قراءته التحليلية التي أرسلها لـquot;إيلافquot; ، أن وثيقة حماس تعتبر انقلابا على ميثاقها الداخلي وعلى برنامجها الذي أتى في ستة وعشرين واحد 2006 ، متسائلا هل حماس أحبت تطويق برنامج الرئاسة الذي لم يحدد قواسم سياسية ولم يجزم بها ووضعها للتكيف مع المرحلة والزمن أن تقوم حماس بوضع تلك القواسم والفواصل بتفصيل دقيق جدا .
وتساءل الوزير عصفور في مقاله ، هل يمكن تشريع هذا السلوك التفاوضي الراهن من قبل حماس لكل الفلسطينيين؟ ، وهل يمكن لهم أن لا يتحدثوا عن السرية أو غير العلنية وكأنها نبت شيطاني؟ ، هل آن الأوان لقبر مثل تلك الـمقولات ووضعها في سلة الـمهملات؟ ، أم إنها تستخدم وفقا للحاجة أو الرغبة أو الظرف . واعتبر سلوك د. احمد يوسف ، التفاوضي سواء مع أوروبيين أو أميركيين أو يهود (إسرائيليين أو غيرهم) منعطفا جديدا في الـمسلك السياسي لحركة حماس ، باعتبارها حركة سياسية تدرك أن السلطة وحكمها يحتاجان إلى التعامل مع الواقع السياسي ، بطريقة لا علاقة لها بالخطابات السياسية أو البرامج الأيديولوجية؟ .