ملايين الشيعة العراقيين احيوا مراسيم واقعة الطف
عاشوراء .. للحشد السياسي ومواجهة حرب الابادة


أسامة مهدي من لندن : احيا ملايين الشيعة العراقيين وخاصة في وسط وجنوب بلدهم مراسيم عاشوراء ذكرى مقتل الامام الحسين بن علي بن ابي طالب الامام الثالث للشيعة قبل الف و300 عاما واحتشد مليونا عراقي في مدينة كربلاء حيث مرقد الحسين متشحين بالسواد معبرين عن حزنهم للفاجعة التاريخية بلطم صدورهم وتطبير رؤوسهم في مظاهر حزن اختلطت فيها المشاعر الروحانية للمواطنين برغبات الاحزاب السياسية الدينية لاستغلال المناسبة من اجل التفاف الجماهير حولها لمواجهة العمليات الارهابية التي تحذر من انها تستهدف ابادة الشيعة وهو امر اكده زعيم الائتلاف العراقي الذي يقود السلطة السيد عبد العزيز الحكيم في وقت اتخذت السلطات العراقية اجراءات امنية غير مسبوقة في بغداد واغلقت جسورها الثلاثة عشرة كما سدت جميع المنافذ المؤدية الى كربلاء .
وقد اتخذت مراسيم احياء ذكرى يوم عاشوراء هذا العام نمطا مختلفا عنه في السنوات السابقة حيث كان النظام السابق يحظر القيام بهذه المراسيم التي كانت تأخذ منحى سياسيا معاديا له فظلت محصورة في الحسينيات وسط مخاوف المشاركين فيها من انتقام السلطة برغم ان هذه استمرت باعتبار يوم عاشوراء عطلة رسمية وتتلى من اذاعتها الرسمية قصة مقتل الحسين .. لكنه وبعد سقوط النظام ربيع عام 2003 تفجرت مشاعر العراقيين وكان عشرات الالاف منهم قد عادوا الى بلدهم من الدول المجاورة التي لجاوا اليها هربا من بطش النظام .. تفجرت بمظاهر احتفالية لاحدود لها هدفها غير المعلن : التاكيد على ان نظام الرئيس المخلوع صدام حسين قد ولى الى غير رجعة .. وان الشيعة المضطهدين هم الان على ارضهم وقد استعادوا حريتهم .
ومع الاحتقان الطائفي والسياسي الذي يشهده العراق حاليا خاصة بعد اعلان زعيم تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين الارهابي ابو مصعب الزرقاوي المطلوب رقم واحد في البلاد حربه لابادة الشيعة .. ومع الانتقادات الواسعة لاداء الحكومة العراقية التي يقودها الائتلاف الشيعي خاصة فيما يخص الاعتقالات والمداهمات التي تتعرض لها مناطق من البلاد يقول السنة انها تستهدفهم فأن القوى السياسية الشيعية داخل الائتلاف وخارجه سعت الى استثمار مناسبة عاشوراء هذا العام لحشد الجماهير وخاصة الشيعية ضد حرب الابادة هذه وضد محاولة قوى تشارك في العملية السياسية لابعادها عن السلطة التي تقودها منذ عام والمرشحة للاستمرار فيها خلال الاربع سنوات المقبلة .
ولهذا فقد حشدت القوى السياسية الشيعية منذ ايام جميع امكاناتها الدعوية والاعلامية والسياسية لضمان مشاركة ملايين العراقيين في مراسيم عاشوراء ونجحت في ذلك بشكل واضح ساعدها على ذلك البث اليومي المباشر الذي تقوم به منذ ايام ووصل ذروته اليوم القناة الفضائية العراقية .. اضافة الى التجمع الضخم الذي شارك فيه عشرات الالاف من العراقيين وسط مدينة بغداد والقى فيه الحكيم كلمة مؤثرة تحدث فيها عن مظلومية الشيعة من اهل البيت منذ مقتل الحسين في القرن السابع الميلادي في معركة الطف بالقرب من كربلاء .

وقال الحكيم في كلمته quot;يا ابا عبد الله الحسين ها نحن هنا وهذه الجماهير العراقية المؤمنة تجدد العهد معك اننا على الدرب ماضون وبمنهجك متمسكون وما زالت اعماقنا وضمائرنا تردد صرختك التي اطلقتها quot; هيهات منا الذلةquot; يابى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون.. كيف تنسى عاشوراء.. وهي تتجدد فينا في كل مكان وكل زمان.. كيف تنسى وفي بغداد وكربلاء والنجف والحلة والبصرة وبعقوبة وكركوك وتلعفر وكثير من بقاع العراق قد تروت بدماء اتباعك لا لشيء ارتكبوه الا لانهم اتباعك ومحبوك وعاشقوك.. السائرون على دربك والمضحون في سبيلك وفي الايام الاخيرة ذبحوا اتباعك في شمال بغداد وفجروا في الدورة موكباً لعزائك وفي المدائن استهدفوا بالقذائف مركزاً آخرquot;.وزاضاف quot; الذين قتلوك يا سيدي جسدوا نهجاً شيطانياً اتبعه الظالمون في كل مكان ومن يقتل اتباعك اليوم من التكفيريين والصداميين هم احفاد اؤلئك القتلة الذين قتلوك واعتدوا على حرمة الله سبحانه وتعالى ورسوله (ص) بقتلكquot;.
وحذر قائلا quot;اننا بهذه المناسبة ندعوا كل اؤلئك الذين يرفعون اصواتهم للدفاع عن الارهاب والارهابيين تحت مختلف الذرائع والمسميات ان يدركوا انهم يدعمون عن عمد واصرار العمليات الارهابية التي تطال الابرياء من العراقيين .. كما ندعوا الاجهزة الامنية المخلصة والتي واجهت بقوة وصلابة الارهاب في العراق الى الاستمرار القوي بعملهم في مواجهة الارهابيين مع مزيد من مراعاة حقوق الانسان ومعاقبة الذين يسيؤون الى الابرياء ويقلقون امن الناس وان يتم التعامل وفق ما ورد في الدستور والقانونquot;.

وجرت ماسيم عاشوراء في بغداد وكربلاء على الخصوص وسط اجراءات امنية مشددة حيث تم في بغداد اغلاق الجسور الثلاثة عشرة الواقعة على نهر دجلة فيما انتشرت نقاط التفتيش في معظم المداخل والمخارج المؤدية الى وسط العاصمة كما قام حوالي عشرة الاف عسكري بحماية ام مليوني زائر لمدينة كربلاء التي ضرب حولها طوق امني واغلقت منافذها .
وفي بغداد توافدت المواكب الحسينية على مسجدي الامام موسى الكاظم (شمال) والخلاني (وسط) تحيط بها عناصر مكثفة من قوات الشرطة ومغاوير وزارة الداخلية كما نقلت فضائية العراقية فيما انتشرت سيارات الشرطة وسيارات الاسعاف وقوات الامن في وسط العاصمة حيث منعت جميع السيارات المدنية من المرور. وقد اعتبرت الحكومة اليوم الخميس عطلة رسمية في انحاء البلاد . وكانت كربلاء تعرضت عام 2004 لعمليات ارهابية ادت الى مقتل 170 زائرا .
وطلبت قيادة الشرطة من اصحاب الفنادق quot;بالامتناع عن ايواء الوافدين العرب وحتى العراقيين الذين لايحملون اوراقا رسمية وابلاغ السلطات عن الحالات التي يشك فيها quot; ودعت
المواطنين الى توخي الحذر والتعاون مع الاجهزة الامنية وعدم الانجرار وراء الاشاعات التي قد يطلقها البعض بغية اثارة الخوف والفزع بين الزائرين quot;كما حصل في ماساة الكاظميةquot; في بغداد الصيف الماضي عندما ادى انهيار جسر الى مقتل اكثر من الف زائر .
ودعت المواطنين بعدم تناول الاطعمة والاشربة خارج المواكب الحسينية المرخصة حرصا على سلامتهم . ونشرت قيادة شرطة المدينة اكثر من ثمانية الاف شرطي في عموم المحافظة على شكل نقاط تفتيش و دوريات تجوب الطرق الخارجية بالتعاون مع الجيش ومغاوير الداخلية لتامين الحماية للمنطقة الغربية الصحراوية تحسبا من وقوع اعتداءات مسلحة. وقد تم توزيع مفارز تفتيشية تمتد من محيط مركز المحافظة حتى العتبات المقدسة خشية استخدام الإرهابيين للعبوات الناسفة والأحزمة الناسفة حيث يفتش القادم إلى كربلاء راجلا بما لا يقل عن تسع مرات فيما تقوم دوريات الشرطة والجيش بعمليات مسح المدينة والطرق المؤدية لها من قبل خبراء معالجة المتفجرات للكشف عن العبوات الناسفة التي يمكن أن يزرعها الإرهابيون في الطرق المؤدية إلى كربلاء التي اكتست باللون الأسود اليوم وأغلقت جميع المتاجر أبوابها واكتست بالسواد في وقت حمل بحر من الزائرين المتشحين بالسواد رايات سوداء رمزا للحداد وخضراء رمزا للإسلام وحمراء رمزا لمقتل الإمام الحسين. وقد أقام سكان كربلاء أكشاكا للطعام للزائرين على الرغم من تحذيرات من الشرطة المحلية من احتمال محاولة مسلحين تقديم أغذية أو مياه مسمومة للزائرين.

وقد ولد الامام الحسين في الدينة المنورة في شهر شعبان من السنة الرابعة للهجرة وعاش طفولته وبداية شبابه فيها وترببى في بيت النبي محمد (ص) ثم في بيت والده الامام علي بن ابي طالب رابع الخلفاء الراشدين .
وبعد ان توفي معاوية بن ابي سفيان عام 60هـ بعد ان اسس الدولة الاموية تولى ابنه يزيد بن معاوية الخلافة فبعث إلى واليه على المدينة الوليد بن عتبة ليأخذ البيعة من أهلها فرفض الحسين وخرج إلى مكة وأقام فيها ثم أتته كتب أهل الكوفة في العراق تبايعه على الخلافة وتدعوه إلى الخروج إليهم فشد الرحال حتى حل في منطقة الطف قرب كربلاء ومعه 45 فارساً وحوالي 100 راجل إضافة إلى أهل بيته من النساء والأطفال .. لكن أهل الكوفة تخلوا عنه فالتقى بمن معه بجيش عبيد الله بن زياد بقيادة عمر بن سعد بن أبي وقاص، وكان معه أربعة آلاف فارس، وجرت بينهما مفاوضات لم تسفر عن اتفاق فهاجم جيش ابن زياد الحسين ورجاله فقاتل الحسين ومن معه حتى استشهد ومعظم رجاله وذلك في عام 61 هـ .