بعد ربع قرن على إعلان العمل بها
البرلمان المصري يمدد حالة الطوارئ


نبيل شرف الدين من القاهرة: في إجراء كان متوقعاً، وافق البرلمان المصري في جلسته اليوم الأحد على تمديد العمل بحالة الطوارئ المطبقة منذ ربع قرن لمدة عامين آخرين، وجاءت موافقة البرلمان بأغلبية 287 نائباً مقابل 91 نائباً، منهم 88 من نواب جماعة quot;الإخوان المسلمينquot;، في جلسة حضرها 387 نائباً من أصل 450 نائباً .
وكان فتحي سرور رئيس البرلمان المصري قد أعلن في مستهل جلسة اليوم أنه تلقى طلباً رسمياً من رئيس الحكومة بتمديد العمل بحالة الطوارئ لمدة عامين، تبدأ من أول حزيران (يونيو) أو لمدة تنتهي بصدور قانون مكافحة الارهاب ايهما أقرب، لافتاً إلى أنه تلقى من أحمد نظيف، رئيس الوزراء المصري، مذكرة تضمنت قرار رئيس الجمهورية بمد العمل بحالة الطوارئ في البلاد، وأنه أحال طلب الحكومة على اللجنة العامة للبرلمان لإعداد تقرير وعرضه للمناقشة العامة تمهيدا لإقراره .
وبينما دافع نواب الحزب الوطني (الحاكم) عن تمديد حالة الطوارئ، فقد سبق أن دشنت quot;الجبهة الوطنية من أجل التغييرquot;، التي تضم أحد عشر حزبا وجماعة سياسية وشعبية حملة للحيلولة دون تمديد حالة الطوارئ، حيث أعلنت عن أربعة محاور تتمثل في تبني حملة إعلامية لكشف سلبيات استمرار حالة الطوارئ، وتفعيل حركة برلمانية متواصلة بمشاركة جميع نواب المعارضة لإنهاء حالة الطوارئ، والتنسيق بين الحركات والتجمعات والأحزاب وجماعات حقوق الإنسان للهدف نفسه، وأخيراً إيجاد قناعة ورغبة وإرادة شعبية لإنهاء حالة الطوارئ بتنظيم مؤتمرات وتظاهرات جماهيرية في القاهرة والمحافظات، وجمع أكبر قدر من التوقيعات النخبوية والشعبية ضد حالة الطوارئ .
واعتادت الحكومة المصرية تمديد العمل بحالة الطوارئ قبيل موعد انتهاء العمل به، وذلك تفادياً لفتح باب الجدل بشأن الإجراء الذي تقول الحكومة إنه لا يُستخدم سوى في مواجهة الإرهاب والمخدرات والإضرار بالاقتصاد الوطني، وquot;في أضيق الحدودquot; الممكنة، وفق ما تواترت عليه التصريحات الرسمية من قبل المسؤولين المصريين في مناسبات مختلفة .

حملة ضد الطوارئ
وأكدت الجبهة الوطنية من أجل التغيير - في بيان لها حصلت quot;إيلافquot; على نسخةٍ منه - أن مصر استظلت طوال الربع قرن الماضي بالظلالِ الكريهةِ لقانونِ الطوارئ والذي ارتبط ارتباطًا وثيقًا بحكم الرئيس مبارك، حتى إنه لم يحكم يومًا واحدًا في ظلِّ القانونِ العادي، والذي فرضَ وجدَّد حالةَ الطوارئ والتي لا يجوز فرضُها إلا في حالاتِ الحروبِ والكوارثِ والظروفِ الاستثنائية، وهو ما يتعارض مع ما يتشدَّق به النظام من أمن واستقرار مصر.
وأشار البيان إلى أن سلطات وزير الداخلية التي أعطاها له الحاكم العسكري يمارس بها كافة القيود التي تحد من حركة الأحزاب السياسية وتحول دون التداول السلمي على السلطة بمنع الأحزاب السياسية من إقامة السرادقات أو الخروج للشارع للالتحام بالجماهير واعتقال مندوبي المرشحين في اللجان الانتخابية .
ومضى البيان قائلاً إن هذا القانون أهدر كل الحريات الخاصة والعامة التي نصَّ عليها الدستور باعتبار أن إعلان حالة الطوارئ يجعل من رئيس الدولة- وهو في نفس الوقت رئيس الحزب الحاكم- حاكمًا عسكريًّا له سلطاتٌ كبيرةٌ وواسعةٌ، والذي زاد من خطورتها تحويل هذه السلطات إلى وزير الداخلية والذي أصبح بالتالي متحكمًا في مصيرِ الناس بسلطة الاعتقالِ، وفضِّ الاجتماعات، ومصادرةِ الصحف، إلى آخر ما أعطاه له قانون الطوارئ من سلطات واسعة دون رقابة .
كما سبق أن أطلق ائتلاف منظمات المجتمع المدني حملة من أجل إنهاء حالة الطوارئ بتوجيه نداء لجميع نواب البرلمان بعدم الموافقة على تمديد العمل بحالة الطوارئ، وإصدار بيان لكل مؤسسات المجتمع المدني والفنانين وطلاب الجامعات بهدف الحصول علي تأييد واسع لهذه الحملة.
وأكد أعضاء الائتلاف البالغ عددهم 22 منظمة أنه سيتم الاتصال برابطة quot;برلمانيون ضد الطوارئquot; ودعوة ممثلين لهم إلي اجتماعات الائتلاف لبحث التنسيق بينهم في الفترة ما قبل جلسة نظر التمديد لحالة الطوارئ .
ولحالة الطوارئ في مصر قصة طويلة بدأت في العام 1958 حين صدر القانون 162 لسنة 1958 المعروف بقانون الطوارئ، وهو القانون الذي اقترن به صدور قرارات استثنائية في صدارتها ما يعرف بالأوامر العسكرية، وأصدر الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر القرار الجمهوري رقم 1174 وأمر فيه باستمرار حالة الطوارئ حتي تم إلغاؤها في 24 آذار (مارس) من العام 1964، ثم ما لبث أن عاد العمل بقانون تدابير أمن الدولة رقم 119 في نفس العام 1964، ومنذ ذلك الحين لم ترفع حالة الطوارئ عن البلاد، سوى لشهور قلائل في آخر عهد الرئيس الراحل أنور السادات حين أنهى الأخير حالة الطوارئ عام 1980، ولكن عقب اغتياله وتولي صوفي أبو طالب رئيس البرلمان الرئاسة مؤقتاً بادر إلى إعلان حالة الطوارئ بالقانون 560 سنة 1981، لتظل حتى اليوم.