الخرطوم: يرى مراقبون ان السلطات السودانية مستعدة للقبول بارسال الامم المتحدة قوة حفظ سلام الى دارفور لكنها تحافظ على خطاب سياسي متشدد لارضاء المزاج الشعبي المعارض لما يرى فيه تدخلا غربيا في السودان. وفي حين كان الرئيس السوداني عمر البشير يهدد في شباط(فبراير) بتحويل دارفور (غرب البلاد) الى quot;مقبرةquot; لقوات الامم المتحدة، باتت حكومته تعبر عن استعدادها لمناقشة اليات انتشار هذه القوات في الاقليم الذي تمزقه الحروب منذ ثلاثة اعوام وسط ازمة انسانية خانقة.

وقال وزير الاعلام السوداني زهوي ابراهيم مالك الثلاثاء quot;نحن مستعدون للتفاوض مع الامم المتحدةquot; حول مشروع السلام في دارفور. ورغم تشديده على استحالة انتشار قوة من الامم المتحدة في دارفور من دون الحصول المسبق على موافقة السودان، قال quot;اذا اعتبر السودان ان الوضع يتطلب انتشارا مماثلا فلن نبدي اي اعتراض اذ نحن اعضاء في الامم المتحدةquot;.
واضاف quot;في مرحلة معينة عارضنا اي تدخل خارجي من قوى غير افريقية. بيد ان للمرحلة الحالية مقتضياتهاquot;. وقال quot;الموضوع الوحيد غير الخاضع للنقاش بالنسبة لنا هو سيادة السودان على اراضيهquot;.

وذكر نائب الرئيس السوداني علي عثمان طه ان انتشار القوات الدولية في دارفور لن يتم من دون موافقة الخرطوم. وقال quot;ان قرار مجيء قوات الامم المتحدة او عدم مجيئها يتعلق بالحكومة السودانية. هي وحدها لها الحق بدعوتهاquot;. ومارست كل من الامم المتحدة والاتحاد الافريقي هذا الاسبوع ضغوطا على السودان ليقبل بحلول القوات الدولية مكان قوات الاتحاد الافريقي المنتشرة في دارفور والتي يبلغ عديدها 7000 رجل.

ومنذ انتشارها عام 2004 لم تتمكن القوات الافريقية من انهاء اعمال العنف التي تسببت مع المجاعة المنتشرة بمقتل 300 الف من سكان دارفور اضافة الى تهجير اكثر من مليوني و400 الف شخص منذ اندلاع الصراع في شباط(فبراير) 2003. ويقول دبلوماسي غربي ان موافقة الخرطوم على دور للامم المتحدة في دارفور quot;لن تكون على تناقض مع سياسة الحكومةquot;. بيد انه يرى ان النظام يتمهل quot;لان من المهم بالنسبة اليه الحفاظ على ماء الوجهquot;. ويقول استاذ العلوم السياسية في الجامعة الافريقية في الخرطوم حسان مكي ان quot;الحكومة ستقبل انتشار قوات الامم المتحدةquot; بيد انها quot; تنتظر ضمانات كي تتمكن من ان تشرح للقبائل العربية ان القبعات الزرق لا تاتي لمحاربتهاquot;.

وميليشيات الجنجويد المؤيدة للحكومة والمنبثقة من صفوف القبائل العربية متهمة بارتكاب جرائم في حق سكان دارفور من الافارقة. وتنص اتفاقية السلام التي تم التوقيع عليها في الخامس من ايار(مايو) بين الحكومة السودانية وكبرى الفصائل المتمردة على نزع سلاح هذه الميليشيات. ويقول مكي quot;اذا جاءت قوى اجنبية بهدف نزع سلاح القبائل العربية فسيؤدي ذلك الى نشوء مقاومة شبيهة بالمقاومة العراقية والى هجمات وحربquot;. ولا تميز هذه القبائل برايه بين التدخل الاميركي في العراق ومهمة الامم المتحدة في دارفور. ويقول ان الحكومة تسعى كي تشرح لها ان القوات الدولية تاتي للحفاظ على السلام لا للاطاحة به.

ومنذ التوقيع على اتفاقية السلام تردد افتتاحيات الصحف في الخرطوم تعليقا على الانتشار المحتمل لقوات الامم المتحدة، ان النزاع في دارفور يضع قبائل مسلمة وجها لوجه وان هذه القبائل ستتوحد بمجرد ان تواجه quot;الهيمنة الغربية المسيحيةquot;. كما تشير افتتاحيات الصحف الى ان على السودان ان يستعد لقبول انتشار قوتين للامم المتحدة على اراضيه. ففي الجنوب السوداني، تنتشر قوة الامم المتحدة في السودان المؤلفة من عشرة الاف رجل بهدف تسهيل تطبيق اتفاقية السلام الموقعة عام 2005 بين الخرطوم والجيش الشعبي لتحرير السودان.