أما المفاجئة الأخرى فهي أن إسرائيل كانت تتوقع أن صواريخ حزب الله هي من النوع قصيرة المدى والتي في أقصى الأحوال ستصل إلى منطقة نهاريا وصفد المقابلة للجنوب اللبناني. لكن وصول صاروخ إلى مدينة حيفا الواقعة على شواطىء البحر المتوسط أوجد قناعة لدى إسرائيل بأن خصمها ليس سهلا كما كانت تتوقع وأنه ليس مجرد مئات الجنود المنتشرين قبالة شمال إسرائيل. واعتبرت إسرائيل وصول الصاروخ إلى حيفا تغيرا نوعيا في تكتيكات حزب الله وهذا الحزب بات مختلفا عما كانت تعرفه عندما كانت تحتل الجنوب اللبناني. لكن ما أزاد ارتباك إسرائيل في هذا المجال هو أن حزب الله نفى علاقته بالصاروخ الذي وصل إلى مدينة حيفا. بينما يؤكد قادة الجيش الإسرائيلي أن مهما كانت الجهة التي أطلقته فان مصدره هو حزب الله وليس غيره.وكانت أولى المفاجئات التي تلقتها إسرائيل هي أن حزب الله وبعد أن اختطف الجنديين تمكن من تدمير دبابة إسرائيلية بشكل كامل وقتل طاقمها. وهذا الأمر دفع إسرائيل إلى الإيقان بأن توغلا بريا في الجنوب اللبناني ليس أمرا سهلا. ودفع ذلك قادة الجيش ورئيس هيئة الأركان دان حالتوس إلى رفع توصيات إلى القيادة السياسية وحكومة أيهود أولمرت بأن الحل هو توجيه ضربات جوية لمنشآت حيوية في لبنان.
لكن يخشى الجيش الإسرائيلي الآن من مفاجأة رابعة قد تتمثل في قصف طائراته في الجو بعد أن نجح حزب الله في تدمير آليات حربية في الأرض والبحر. حيث لم يعد القادة العسكريون في إسرائيلي يستبعدون مثل هذا الأمر.ويعتبر النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي الدكتور عزمي بشارة أن السؤال لا يكمن في اختيار حزب الله لهذا التوقيت من أجل تنفيذ عمليته مضيفا: حزب الله قام بعدة محاولات أسر فاشلة في الأشهر الماضية و الفرق أن هذه نجحت. وأن جنودا إسرائيليين قتلوا ليس في القتال خلال الأسر بل لأن دبابتهم صعدت على لغم وهي تلاحق الخاطفين بمبادرتها. السؤال هو لماذا اختارت إسرائيل هذا التوقيت لفتح معركة شاملةquot;.
ويوضح بشارة أن الإجابة عند العرب وأميركا الذين لم يتمكنوا من تنفيذ القرار 1559، وهو ما تبقى من الشرعية الدولية عند أنظمة تنقصها الشرعية الوطنية والإنسانية حسب قول بشارة الذي يضيف:quot;جاءت إسرائيل تنفذ والغطاء قائم. والفرق بين هذه الأيام وأيام القصف والغضب من أيام الحساب إلى عناقيد الغضب 1993-1996 هو وجود مشروع سياسي بديل مطروح للبنان، لبنانيا وعربيا. وقد تعثر المشروع في الأشهر الأخيرة، ولم يعد قادرا على طرح ذاته بأدواته. على هذا تراهن إسرائيل، والرد العربي القادم من دول رئيسية يؤكد رهانها. أما الساحة اللبنانية فسوف تفاجئهمquot;.
ويوضح بشارة أن الهدف الإسرائيلي تغيير قواعد اللعبة بين إسرائيل ولبنان، وفي داخل لبنان أيضا. هذا هو وجه الشبه الوحيد مع حرب 1982. مبينا أن الفرق السلبي هو في الظروف الدولية والإقليمية، والفرق الإيجابي يكمن في قوة المقاومة، وهي لبنانية هذه المرة وليست فلسطينية. وقال:quot; أكرر يكمن الفرق في قوة ودرجة تنظيم المقاومة، ولا بأس أن نكرر أيضا فرقا آخر أن لبنان ليس مقبلا على 17 أيار، بل يعتبر تلك التجربة خلفه لا يريد أن يتذكرها. المبادرة بيد لبنان، شعبا ومقاومة. هو وحده القادر على إحباط المؤامرةquot;.
وبين بشارة أن وفودا دولية سوف تتقاطر لقطف نتائج العدوان و سوف تحضر وفود دولية لتعد لبنان بوقف إطلاق النار إذا نفذ 1559، وأنه لم يعد هنالك مبرر بعد أن صور الجيش الإسرائيلي للمجتمع اللبناني النتائج.
ومضى بشارة قائلا:quot; أميركا ترشد الضربات الإسرائيلية بحيث تمس بالمقاومة دون المس بمشروعها في لبنان، وبحيث تبتز وتخيف حلفاء أميركا دون أن تحطمهم أو تبعدهم أو تدفع جمهورهم إلى أحضان المقاومة. والفرق بين إسرائيل وأميركا هنا فرق تكتيكي لكنه هام، فهو مرتبط بدرجة الضغط على حلفاء أميركا ومتى يتحول التخويف إلى تكسير. وهي في الوقت ذاته تشجع إسرائيل على توسيع حلقة التهديد إلى سوريا. فأميركا تريد من إسرائيل أن تساعد مشروعها في لبنان ضد حزب الله، لا أن تهدمه خلال عملية ضرب المقاومةquot;.
التعليقات