الياس توما من براغ : التقى الموقف السياسي والشعبي التشيكي في إدانة الاعتداءات الإرهابية التي وقعت في الحادي عشر من أيلول سبتمبر غير أن الموقف اختلف بشأن غزو العراق فالرأي العام التشيكي لم يكن مؤيدا لخيار اللجوء إلى القوة فيما لم تكتف الحكومة التشيكية بإسناد الغزو الأميركي من خلال فتح أراضيها وأجواءها للقوات الأمريكية وإرسال مشفى ميداني إلى العراق ووحدة لمكافحة أسلحة الدمار الشامل قبل الغزو اتخذت من الكويت مقرا لها وإنما حاولت الربط بين اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر وبين نظام صدام حسين وذلك من خلال تكرار رئيس الحكومة التشيكية آنذاك ميلوش زيمان ووزير داخليته ستانيسلاف غروس الحديث عن معلومات أمنية تشيكية تؤكد حدوث لقاءات في الأراضي التشيكية بين محمد عطا احد المتهمين الرئيسيين في تنفيذ الاعتداء على برج التجارة العالمي في نيويورك وبين دبلوماسي عراقي كان يعمل في سفارة بلاده في براغ ويبدو انه كان ضابط امن عراقي اسمه احمد خليل العاني .
وعلى الرغم من التبين لاحقا بان هذه المعلومات التي أريد منها الربط بين أحداث الحادي عشر من أيلول ونظام صدام حسين لم تكن صحيحة وان المخابرات الأمريكية لم تأخذ بها على محمل الجد إلا أن أحدا من المسؤولين التشيك لم يحاول إلى اليوم وضع الأمور في نصابها الصحيح والاعتراف بان ما جرى تسويقه في هذا المجال لم يكن صحيحا .

وقد شهدت تشيكيا بطبيعة الحال تشديدا كبيرا للإجراءات الأمنية لا تزال بعضها قائمة إلى الآن ولاسيما حول إذاعة أوروبا الحرة الأمريكية التي تتخذ من وسط العاصمة التشيكية مقرا لها ، كما جرى تغيير أسلوب تدريب وحدة مكافحة الإرهاب ويتم الآن التفكير جديا بتأسيس مركز وطني لمكافحة الإرهاب تكون مهمته الرئيسية التنسيق بين مختلف أجهزة الأمن وتبادل المعلومات ذات الطابع الأمني الهام مع أجهزة مخابرات الدول الحليفة .

وتمر الذكرى الخامسة لأحداث الحادي عشر من أيلول وسط خلاف كبير في المواقف بين المعارضة والحكومة بشان إمكانية السماح للولايات المتحدة ببناء قاعدة اعتراض صاروخية في الأراضي التشيكية فوزير الخارجية التشيكي الكسندر فوندرا المشهور بأنه من الموالين وبتعصب للولايات المتحدة يشدد على أن ذلك يعزز امن البلاد وأوروبا ويقوي تحالفها مع الولايات المتحدة فيما ترى قوى المعارضة المختلفة بان منظومة الدفاع الصاروخي الأمريكي هي أحادية الجانب وأنها تنطلق من سياسة واشنطن التي تركز على ما تسميه بمحور الشر رغم أن هذه السياسة كما يقول نائب رئيس مجلس النواب التشيكي لوبومير زاؤراليك أثبتت فشلها وأعطت نتيجة عكسية .

وبالنظر للتجربة التاريخية التشيكية السيئة في الماضي بالنسبة لوجود القوات السوفيتية والقواعد فيها و لتراجع مصداقية الولايات المتحدة بشكل كبير بعد حرب العراق بسبب عدم العثور على أسلحة الدمار الشامل فيه التي قدمت على أنها المبرر للحرب عليه والممارسات السيئة التي قامت بها الولايات المتحدة في العراق وعدم نجاحها حتى الآن في إخراج العراق من الأوضاع الصعبة التي يتواجد فيها ولاسيما امنيا فان التشيك يعبرون في مختلف استطلاعات الرأي عن عدم موافقتهم على وجود قاعدة عسكرية أمريكية في بلادهم كما يرون بان السياسات الأمريكية لم تسفر عن تراجع الإرهاب في العالم بل توسيعه .