أسامة العيسة من القدس: طرا تطور جديد على قضية البطريرك ثيوفيلوس الثالث، بطريرك الروم الأرثوذكس في الأراضي المقدسة، الذي ترفض إسرائيل الاعتراف به، منذ توليه منصبه. وبعد أن استمر الرفض نحو عامين، فان الأنباء حول القضية تشير إلى وجود أملا في تحريكها إلى الأمام، خصوصا بعد ان أوصت اللجنة الوزارية التي شكلتها الحكومة الإسرائيلية برئاسة الوزر رافي ابتان، لدراسة الموضوع، بالاعتراف بالبطريرك ثيوفيلوس الثالث رئيسا للكنسية الأرثوذكسية.

وحسب المعلومات المتوفرة، فان هذه التوصية التي بدت مفاجأة، جاءت بعد جهود أميركية ومن أوساط إسرائيلية وتدخل شخصي من جانب وزيرة الخارجية الأميركية كونديزا رايس. ومن شان الأخذ بهذه التوصية من قبل الحكومة الإسرائيلية، وضع حدا لهذه القضية الشائكة، التي حاولت فيها أطراف في اسرائيل اشتراط الاعتراف بالبطريرك، بإجباره بيع عقارات تملكها البطريركية، لأطراف يهودية.

ويذكر انه بعد انتخاب ثيوفيلوس الثالث، بطريركيا، رفضت إسرائيل الاعتراف به، وطالبته بإيضاح موقفه، من الأراضي التي تملكها البطريركية، مثل مقر الكنيست، ومقر رئاسة الدولة، مع العلم أن العقارات التي تقع ضمن ملكية الكنيسة تعتبر الأكبر في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، بالإضافة إلى ملكيتها لنحو خمس مساحة البلدة القديمة في القدس.

ويعود تاريخ هذه القضية إلى عام 2005، بعد أن كشفت صحيفة معاريف الإسرائيلية، بان جمعية عطيرت كهونيم الاستيطانية ابتاعت واستأجرت إلى مدة 99 عاما، أربعة فنادق من البطريركية في باب الخليل بالقدس القديمة، مما أثار سخطا وغضبا شعبيا فلسطينيا، أطاح بالبطريرك السابق ايرنيوس، واختيار البطريرك ثيوفيلوس الثالث، بدلا منه.

وبعد انتخاب البطريرك الجديد، اعترفت به كل من السلطة الفلسطينية، والأردن، بينما رفضت إسرائيل ذلك، وقبل نحو نصف عام تم الكشف عن وثيقة بتوقيع الوزير رافي ايتان، تطالب البطريرك منح حكومة إسرائيل الحق الأول، بشراء ممتلكات البطريركية، والحصول على تعهد ببقاء ما اشترته أو استأجرته الجمعيات اليهودية بأيديها.

وشهدت الطائفة الأرثوذكسية في الأراضي الفلسطينية، والأردن، وإسرائيل انقسامات، فمن بينهم من تعاطف مع البطريرك السابق الذي ما يزال يصر بأنه لم يبع عقارات لليهود، وانه ضحية مؤامرة، بينما رأى آخرون بان البطريرك الجديد، لم يف بتعهداته بإلغاء صفقات البيع الماضية، خصوصا صفقة باب الخليل. ونجحت الحملة التي شنت على البطريرك الجديد من قبل نشطاء أرثوذكس، إلى اتخاذ الحكومة الأردنية قرارا، بسحب الاعتراف به، ثم عدلت عنه، وسط أنباء عن اخذ تعهد عليه بعدم التفريط بأي شبر من أراضى البطريركية.

وخاض البطريرك الجديد نزاعا جديدا، مع أبناء طائفته، عندما اتخذ قرارات بالحرمان طالت عددا من رجال الدين الأرثوذكس العرب أبرزهم المطران عطا الله حنا، صاحب الشعبية الكبيرة.

وسبق توصية اللجنة الوزارية الخاصة بملف البطريرك، اجتماعا ساخنا، عقدته لجنة الداخلية في الكنيست، الأسبوع الماضي، لمناقشة عدم اعتراف الحكومة الإسرائيلية بالبطريرك ثيوفيلوس، بحضور ممثلين عن المؤتمر الأرثوذكسي.

ووصفت الجلسة، التي عقدت بمبادرة النائبة العربية نادية حلو، بالساخنة، وطالبت حلو بالاعتراف بالبطريرك الجديد، الذي انتخب قبل عامين بطريقة ديمقراطية من قبل المجمع المقدس، وقالت ان على الحكومة الإسرائيلية احترام هذا القرار.

ووصف النائب العربي محمد بركة ما يتعرض له، البطريرك الجديد، بالابتزاز من قبل حكومة إسرائيل، مشيرا إلى الوثيقة التي أعدها الوزير ايتان، وتتضمن شروط الحكومة للاعتراف بالبطريرك، واهمها بيع أراضي البطريركية للحكومة الإسرائيلية أو من يمثلها. واتهم بركة الحكومة بممارسة الإكراه الديني، برفضها الاعتراف بقرار المجمع المقدس، والانصياع لرغبة المستوطنين، واليمين المتطرف.

وحدثت مفاجأة في الجلسة، عندما اندفع النائب اليمني ايفي ايتام، نحو بركة، مطالبا بإسكاته، ورد عليه بركة بوصفه مجرما مرخصا.

وطلب رئيس الجلسة، من بركة مغادرتها، ولكن ممثلي المؤتمر الأرثوذكسي أعلنوا انهم سينسحبون إذا تم طرد بركة. وعرض النائب ايتام وأعضاء آخرين في الجلسة، إلى أسباب عدم الاعتراف بالبطريرك الجديد، وتتلخص فيما قالوا حرصهم على عدم فقدان إسرائيل لاراضي أقيمت عليها مؤسسات الدولة مثل الكنيست.

واكد ممثلو المؤتمر الأرثوذكسي العرب، بان من ابسط حقوق الطائفة اختيار البطريرك الذي تراه مناسبا لها، وانه ليس من حق حكومة إسرائيل الاعتراض على ذلك. وشهدت الجلسة مشادات، بين الحضور، الذين كان بينهم، ممثلون عن الجمعيات الاستيطانية اليهودية التي تسعى للسيطرة على أملاك الطائفة العربية الأرثوذكسية، خصوصا في القدس.

وفي مواجهة الاتهامات التي يواجهها البطريرك الجديد، من البعض حول عدم إيفائه بتعهده بالعمل على إعادة أملاك الطائفة، قال الاب عيسى مصلح الناطق الرسمي باسم بطريركية الروم الأرثوذكس، بان البطريرك ثيوفيلوس الثالث لم ولن يتنازل عن شبر ارض من أملاك وعقارات البطريركية وانه استرجع 1000 دونم في القدس.

ومن المؤكد أن الأيام المقبلة، ستحمل تطورات جديدة، بشان قرار الحكومة الإسرائيلية الاعتراف بالبطريرك الجديد أم لا، واختبارا لنفوذ كوندليزا رايس لدى الحكومة الإسرائيلية، التي تريد من خلال اعتراف هذه الحكومة بالبطريرك، إغلاق أحد الملفات الساخنة، استعدادا لمؤتمر الخريف المقبل.