إيلي الحاج من بيروت: علمت quot;إيلافquot; أن السفير الأميركي في لبنان جيفري فيلتمان نقل تهديدات مباشرة من إدارة بلاده إلى الرئيس اللبناني إميل لحود بتجميد أمواله وأصوله وكل أفراد عائلته وصولاً إلى إمكان ملاحقته في قضايا عدة بتهم تتعلق بدعم الإرهاب، في حال أقدم على تصرف تعتبر واشنطن أنه يهز إستقرار لبنان ويهدد بإسقاط حكومة السنيورة.

وقد أبلغ فيلتمان هذا الموقف منذ ثلاثة أيام إلى وزير سابق قريب من لحود خلال زيارة قام بها السفير لمنزله، مشيراً إلى ما يلوح به لحود من احتمال الإقدام على تشكيل حكومة ثانية إذا انتخبت الأكثرية رئيساً للجمهورية بالنصف زائدا واحداً، أو إذا لم يحصل إنتخاب رئيس وانتقلت صلاحيات الرئاسة وفق أحكام الدستور إلى الحكومة التي يترأسها فؤاد السنيورة، والتي يعتبرها لحود غير شرعية بعد استقالة الوزراء الشيعة منها.

وطلب السفير الأميركي من الوزير السابق إبلاغ الرئيس لحود تحذيرا أميركياً واضحاً من مغبة التفكير في البقاء في القصر الرئاسي بعد انتهاء ولايته الممددة في 24 من الشهر الحالي.

وكان فيلتمان زار قبل ذلك ، السبت الماضي النائب الجنرال ميشال عون في منزله في الرابية ، وأبلغه رسالة مماثلة ، مؤكداً أن التدابير الأميركية إلى تستند إلى قانون رئاسي خاص بلبنان ستشمله وزوجاته وبناته وأصهاره وأقربائه والبارزين في تياره quot;التيار الوطني الحرquot;، وذلك في حال شارك في quot;حكومة ثانيةquot; تنافس حكومة السنيورة.

وتردد أن نواباً في التكتل الذي يترأسه الجنرال عون وشخصيات أخرى بدأوا يتلقون رسائل عن الاجراءات التي يمكن أن تطالهم مع كل أفراد عائلاتهم اذا كانوا جزءا من أي تركيبة دستورية يقرر لحود اللجوء اليها.

وتكوّن لدى المتابعين للملف الرئاسي اللبناني، في ضوء هذه التطورات انطباع أن واشنطن بدأت بتظهير ملامح قرارها النهائي القاضي بأحد خيارين ، إذا أصرت سورية وحلفاؤها اللبنانيون على تعطيل الإنتخابات: فإما الانتخاب بالنصف زائد واحدا، مع ما قد يؤدي اليه من خضات داخليا، أو ترك الأمور تصل الى الفراغ وجعل حكومة الرئيس السنيورة تمسك بالسلطة على قاعدة انتهاء ولاية لحود.

وبعد اجتماعي باريس بين النائب الجنرال عون ورئيس quot;تيار المستقبلquot; النائب سعد الحريري دخل لبنان مرحلة سباق مع الوقت، قبل الجلسة النيابية المقررة في 12 من الشهر الحالي لانتخاب رئيس .

وبات واضحا ان الجزء الاخير من مكونات القرار الدولي للاستحقاق الرئاسي اللبناني هو في واشنطن. وأن الوضع ينتظر نتيجة اللقاءات والمشاورات التي يجريها حلفاء واشنطن مع الدول الإقليمية المعنية بالشأن اللبناني وفي طليعتهم سوريا التي اجرى وزير خارجيتها وليد المعلم في تركيا لقاء مع نظيره الفرنسي برنار كوشنير، على هامش مؤتمر دول جوار العراق الذي انعقد في اسطنبول وشاركت فيه وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس التي تشاورت مع نظيرها الفرنسي بعد انتهاء لقائه بالوزير المعلم.

وفي وقت واصل عون والنائب الحريري اطلاع حلفائهما على فحوى المحادثات التي اجرياها على مدى اكثر من 12 ساعة في العاصمة الفرنسية لتقرير منحى المرحلة المقبلة ومسارها، ظل مقر البطريركية المارونية في بكركي محط الزيارات والمشاورات الرئاسية، خصوصا أن مشاورات رئيس مجلس النواب نبيه بري والنائب الحريري تنتظر الموقف النهائي للبطريرك الماروني نصرالله صفير الذي لا يزال يحض القيادات المسيحية وتحديدا المارونية على التوافق وإن كان كرر رفضه المسبق الاعتراف بأي رئيس غير توافقي على خلفية موقفه من موضوع نصاب الثلثين.

واستبعدت مصادر مواكبة لحركة الاتصالات المارونية مع بكركي عقد اجتماع موسع للقيادات المارونية في ضوء التباين الذي لا يزال قائما بين موارنة الغالبية وموارنة المعارضة، على رغم ان مبادرة صفير تلقى دعما محليا وخارجيا. ومن ابرز معالم هذا الدعم الاتصال الذي اجراه الامين العام للامم المتحدة بان كي مون بالبطريرك صفير ، وتخلله بحث في الاستحقاق الرئاسي وسبل انجازه في المهل الدستورية.

لكن بري مستمر في تفاؤله بإمكان اجراء الانتخابات الرئاسية في المهلة الدستورية، ويراهن على حدوث ذلك في الجلسة التي دعا الى عقدها في 12 من الجاري لاعتقاده ان جميع الافرقاء من محليين واقليميين ودوليين يخشون الفراغ الرئاسي وما يمكن ان يجره على لبنان والمنطقة من احداث وفوضى . وهو يرى أن الاميركي لا يريد ان يجد نفسه في مستنقع يضاف إلى المستنقع العراقي الذي يتخبط فيه سياسيا وعسكريا.

يذكر في مجال آخر ، ان وفد الترويكا الاوروبية الذي زار لبنان اخيراً وضم وزراء خارجية فرنسا برنار كوشنير وايطاليا ماسيمو داليما واسبانيا ميغيل انخل موراتينوس عازم على توجيه نداء الى اللبنانيين من خلال رسالة مشتركة يوقعونها وتنشر في عدد من الصحف المحلية والاقليمية والاوروبية الواسعة الانتشار.

وأشارت معلومات الى ان الرسالة - النداء تتضمن تحذيرا من خطورة ما آلت اليه الاوضاع في لبنان وتنبيها الى مغبّة حصول فراغ جراء عدم انتخاب رئيس للجمهورية في المواعيد الدستورية وما قد يستتبع ذلك من محاذير وأخطار تهدد الوطن برمّته وبكل افرقائه المتنازعين من دون استثناء وعندها لا يعود ينفع الندم، وتركز الرسالة النداء على وجوب انقاذ الاستحقاق قبل فوات الاوان ومساعدة اللبنانيين في تمرير الانتخابات من بين المطبّات والافخاخ التي تنصب لها بهدف الاطاحة بالاستحقاق واحلال الفوضى مكان النظام، وضرورة اتفاقهم في اقصى سرعة ممكنة وتعزيز وحدتهم لان فيها فقط يكمن الخلاص وانقاذ لبنان من المجهول.